الخمسينات كانت مرحله هامه في تاريخ الاردن حيث اصبح طلال بن عبد الله ملكا متوجا بعد اغتيال والده الملك عبد الله في القدس، احبه الشعب لمواقفه الوطنيه و فكره القومي العربي، و رفضه للتقسيم، و اصداره اول دستور ديمقراطي يسمح بالتعدديه.

كان يجول المدن الاردنيه متخفيا و بمفرده، و هي صفه ورثها حفيده الملك عبد الله الثاني، و اكثر من مره شوهد ليلا علي صهوة حصانه ملتفحا الغتره الاردنيه. كان يجالس العامه و يستمع اليهم بدون مقدمات او مديح كاذب او نفاق و بدون ترتيبات مسبقه لاختيار اشخاص بعينهم كما حدث في فيلم quot;طباخ الريس quot;، و كان طلال الملك الاكثر التصاقا بافراد الشعب محبا للجميع و منفتحا عليهم.

لم يكن شريكا تجاريا لاحد و لا حالما باكثر من وطن عربي شامخ، و رفض الانصياع للعميل البريطاني الذي عين في منصب رئيس الاركان للجيش الاردني، غلوب باشا - الشهير بابي حنيك.

في تلك الايام من الخمسينات، وجه وزير خارجيه بريطانيا كلامه للجنرال جلوب بحضور رئيس الوزراء الاردني قائلاً: quot;أنني أتوقع من الفيلق العربي ما هو أكثر من ذلك، وهو أن يمنع غيره من العرب من اعتراض تنفيذ قرار التقسيم بالنسبة للجزء المخصص للدولة اليهوديةquot;

و نتيجه لذلك اصر غلوب باشا ان يكون هو حاكما فعليا للاردن، يملي علي الملك و الشعب ما تريده بريطانيا، و كان الملك طلال رافضا لهذا التوجيه و التوجه و هو ما لم يعجب بريطانيا. و في احد المرات تمادي غلوب في الحديث و دون احترام للملك قائلا له: انني امرك و عليك الاجابه،بريطانيا هي التى صنعت الاردن، وأنا رئيس الاركان و انا صاحب القرار وأنا قائد الفيلق العربي من الجيش البريطاني الي اخر تلك quot;الاناتquot;. فما كان من الملك الا ان صفع العميل البريطاني كفا.. و اعتبرت بريطانيا ان هذا الكف هو اهانه علي جبين بريطانيا العظمي وحاولت ان تنكره لاحقا، و بالتالي فأن الملك طلال في نظر بريطانيا من تلك الحادثه مجنون و رتب له ما رتب في اكبر مؤامره تاريخيه علي ملك هاشمي وطني، رحمه الله.

كانت تلك بدايه هامه، لتوضيح سيره مختصره لملك شريف، امين، محبوب، زورت حياته تاريخيا و يستحق الانصاف. ملك لم يكن يملك قرشا واحدا و كهرباء قصره لها حكايه.

و من الذكريات الهامه الداله علي شيء من شفافية و صدق الملك طلال و امانته، ان في احد الايام، وصل مسؤول شركه الكهرباء، quot;مظهر الجندي quot; الملقب باأبو الزهور، الي منزل الملك، و دخل الي الدور الارضي، حيث اطلت عليه الملكه زين من الشرفه العليا، حسبما روايته، رحمه الله عليه.

و تسائلت الملكه و هي زوجه الملك طلال ووالده الملك الحسين، رحمهما الله، عن سبب الزياره فأجاب يا سيدتي ان هنالك فاتوره استهلالك كهرباء خاصه بقصركم العامر، و بقيمه مقدارها خمسه دنانير، عن ثلاثه اشهر، و حتى لا تقطع الكهرباء.

فأجابت الملكه زين رحمه الله عليها، و لكن يا ابو الزهور من اين ندفع مثل هذا المبلغ؟

فأجاب بأدب جم : يا سيدتي ان اهل الخير من ال الحاج محمد علي بدير، و السيد سعيد ملحس و الفريق عبد القادر باشا الجندي قد ارسلا معي مبلغ الخمس دنانير املا منك التكرم لطفا بقبولها و تسديد الفاتوره. و فعلا تم ذلك و سددت قيمه المطالبه علي قصر الملك في الخمسينات من القرن الماضي.

اما اليوم، في عام 2013، و بعد ان اظهرت ملفات شركه الكهرباء الاردنيه بعد ستين عاما و نيف من فاتوره فصر الملك ان فاتورة منزل دولة الرئيس المخصص له من قبل الحكومة و المبني على ثمان دونمات، و التي جزء منه مصادر من املاك المرحوم زكريا الطاهر، قد بلغت شهريا في حدود خمسه عشر الف دينار، نترحم علي الملك ليس الا!!!!.

و الاكثر من ذلك أن فاتورة منزل رئيس الحكومة الاردنيه، فأنه من الصعب ان يقوم اهل الخير بدفعها، لأن المبلغ كبير و الاخلاقيات تبدلت و تغيرت حيث لا يوجد دفع بلا مقابل او شراكه او منصب، و كل شيء كما يقول المثل quot;بحسابه و فساده quot;.،

و يعتقد اهل الخير ان رئيس الحكومة الدكتورعبد الله النسور، متندرين عليه العمل وقت اضافي ليحصل علي مبتغاه ان اراد العمل في النور.

للعلم فقط فأن اجمالي قيمه استهلاك الكهرباء لمنزل رئيس الحكومة حب ما نشرته و سربته بعض الجرائد الاردنيه و المواقع الالكترونيه، هو مائه و اثني عشر الف دينار الا قليل سنويا اي مابعادل مائه و سبعون الف دولار امريكي في الوقت ان فاتورة الرئيس الامريكي اوباما هي في حدود سبعمائه دولار شهريا و جاري حاليا تركيب مسطحات شمسيه فوق البيت الابيض بقيمه اربع و سيتن الف دولار تقول الدراسه انها توازي استهلاك ثمان سنوات من الكهرباء.

موضوع فاتورة الكهرباء، ليس هي القصد بقدر ما هو التوجه العام، حيث ان الرئيس من منطلق الترشيد، قد دمج و الغي وزارات ثلاث بحجه تقنين المصاريف، رغما ان عمل الوزارات و موظفيها لم ينقص عددهم، والقصد ان رواتب اربع وزراء ممن الغيت وزاراتهم لا تتجاوز ربع فاتورة الكهرباء السنوية. فأي ترشيد يتم الحديث عنه؟.

و في نفس الوقت لا تستح الحكومة الاردنية و امين عمان من التصريح بالأمس عن حصر الوظائف في الاردنيين في امانه عمان و براتب شهري و مكافأت تصل الي سبعين دينار شهريا اي مائه دولار و هو ما يعني ان فاتورة الكهرباء السنوية الخاصة برئيس الحكومة تكفي لتشغيل الف و خمسمائه و سبعون شخصا لمده شهر أو مائه و ثلاثين شخصا لمدة عام تقريبا. و بالطبع لو تم احتساب فواتير كهرباء غير الرئيس لارتفع العدد.

ليس الهدف تقليل من امكانات الحكومة او من استهلاكها للطاقه، و لكن اُتعب الشعب من تصريحات، من تغيير الساعة شتويا و صيفيا، و من عمليات شد الحزام، و رفع اسعار الكهرباء، و غيرها من الضرائب في وقت يتم هدر الاموال و تلك جزء من فيض.

لعل زيارة للبيت الابيض مهمه في الوقت الحالي، و ذلك للاستفاده من خبرة امريكا في استخدام الطاقه الشمسيه، في معرفه من يدفع ثمن شجره الميلاد في بيت الرئيس الامريكي، من يدفع ثمن مشتريات الطعام للرئيس في سكنه بالبيت الابيض، من يدفع ثمن حفلات اعياد ميلاد بنات الرئيس و غيرها من المصاريف. شرط الزياره عدم ابلاغ الرئيس الامريكي قيمه فاتوره الكهرباء و التي تعادل راتب نائب رئيس الولايات المتحده الامريكيه بعد الضرائب.

و لعله لم يعد سرا ان عندما ذهب الملك الحسين للتعزيه في رئيس حكومه اسرائيل الراحل اسحاق رابين لم يجد و من معه مكانا يجلسون فيه لان البيت اربع و ستين مترا، و لم يغادر رئيس وزراء اسرائيل نتانياهو للمشاركه في التعزية برئيس جنوب افريقيا لان الميزانيه لا تسمح، و ان مجلس النواب البريطاني منع الملكه من استخدام اليخت الملكي لان مصاريفه اعلي من الميزانيه المخصصه للملكه، و احترمت ملكة بريطانيا هذا القرار. اما في الاردن فأن للكهرباء سعر و طعم اخر..

طلال ملك رائع، ابنه باع الدراجه لانه لم يملك مالا، و هو ما ذكرة الملك الحسين في مذكراته، و رئيس حكومة اردنيه لديه موظف مخصص يحمل له الشمسيه تجنبا للشتاء و الثلج في وقت الملك عبد الله الثاني يدفع سيارات عالقه في عاصفه اليكسا الثلجية.

هذا هو الفرق بين ملك و رئيس حكومة يعتقدانه قادر علي العمل في العتمة. لا تعليق.

[email protected]