إستمعت إلى عظة الميلاد في أكثر من كنيسة، فكانت تدعوا إلى الحب والغفران. واستمعت الى بعض خطب الجمعة، فأكد أكثرها حرمة الإحتفال بأعياد الميلاد (الكريسماس) وهدد بالنار.

جهة تنادي بالحب، وأخرى تهدد بالنار!
كل ذلك من أجل الإحتفال بعيد هو بطبيعته حدث إجتماعي أكثر منه ديني.
الناس تحب الأعياد لما فيها من بهجة واجتماع شمل، وليس لما فيها من صلاة وعبادة. لماذا إذا لا أشارك في زيادة البهجة في المجتمع؟ أم هو مطلوب مني أن أخليها quot;نكد في نكدquot; كي أكون مسلما صادقا؟!
الحديث الصحيح يقول إن في الكلمة الطيبة صدقة. فإذا كانت مجرد كلمة هي أجر وثواب، فما بال مشاركة انسان آخر في سعادته بما يجعل المجتمع كله أكثر سعادة؟ هل من صدقة أعظم من ذلك؟
ثم.. هل الإحتفال بعيد الميلاد المسيحي يعني أني بت مسيحيا؟
لماذا هذا الرهاب الديني من الآخر؟
تسائل أحد من أفتى بحرمة الإحتفال بالكريسماس قائلا: لماذا نشاركهم أعيادهم وهم لا يشاركوننا أعيادنا؟
هذا سؤال عقيم لسببين:
أولا، هم يهنئوننا على أعيادنا.
ثانيا، أعيادنا صلاة، سواء في الفطر أو الأضحى، فهل نطلب منهم ان يصلوا في الجوامع أو يحجوا إلى مكة كي تكتمل مشاركتهم لنا؟
أدر مفتاح الراديو على أي محطة إخبارية. أكثر ما فيها أنباء عن قتل هنا وتفجير هناك وقرصنة بينهما. معظمها، للأسف، بل كلها، ترتبط بمسلمين. وحتى لا ندين أنفسنا، نصفهم بالإرهابيين المتطرفين. لكن من يفتي بحرمة الإحتفال بالأعياد هو متطرف أيضا. لأنه يرفض ان تعم المحبة على الأرض، مفضلا معاداة الآخر، ومقاطعته، بل وتمني الموت له إن أمكن.
أجمل تفسير سمعته لمعنى الحرب يقول إنها: عجائز يختلفون وشباب يموتون. الوضع ذاته ينطبق في مجتمعاتنا المسلمة، حيث يفتي بعض العجائز بمصائب تؤدي الى موت الشباب، منتحرين او منحورين. فهل نحن في حاجة الى حب أم قتل؟
أتمنى ان يأتي اليوم الذي يملك فيه بعض علماء المسلمين الشجاعة للإعتراف بأن مشاركة الآخرين، كل الآخرين، أعيادهم وأفراحهم هو فعل حسن، ليس حبا بهذا الدين او ذاك، بل طمعا في أن تسود المحبة على الأرض.