بداية، وللايضاح البسيط، أقول أن العنوان لايخص ولايعني ولايصف أي عشيرة عراقية صغيرة أو كبيرة، شيعية أو سنية، كردية أو عربية وربطها بأعمال الأرهاب والتخريب. فالأرهاب هو نشاط وتسلل قوى شريرة بأنتماءات وصولية بنوايا مبيتة لأحقاد دفينة تعفنت مع الدهر في صدور حامليها. أنه العمل المُغرض لتعكير صفاء علاقة الترابط الأفقي بين الدولة والعشائر العربية وأصالتها.

بعد عام 2003، سعت الحكومات العراقية الى أالحاق مايقرب من 130 ألف من شباب المحافظات المحيطة بالعاصمة بغداد وتدريبهم وضمهم الى صفوف الأمن والقوات المسلحة بعد أعادة هيكلة الجيش وتسليحه بالعقيدة العسكرية الأمريكية، وبدأت الصحوات المعروفة في ديالى وصلاح الدين والأنبار الألتحاق بقوات الشرطة والجيش والمخابرات وتسليحها، وتسللت أليها عناصر عشائرية غايتها الجلوس والتأثير على الملتحقين وتأمين ولائهم للعشيرة أولاً وللقوات المسلحة بأوامر شخصية من رب العشيرة ومايصله من مال وغنائم ونفوذ. وأنخرطت زمر القاعدة ومليشيات شيعية وسنية الى هذا الطراز من العمل المؤمن والمسنود من دول أقليمية بالمال المُدر.

وبهذا التسلل المعروف لشعبنا، أصبح لمؤيدي الأرهاب القول الفصل والسلطةالسياسية، الأمر الذي مكّنهم من منع وصول قوات الأمن أليهم وأستئصالهم. ولتصبح تهديدات أي حكومة عراقية فارغة متعثرة و تُزيد من أتحاد قنوات الأرهاب مع بعضها.

وقد وصلت أدعاءات المصاهرة العشائرية أوجها بوصول وأحتضان وأيواء أرهابيي القاعدة من محافظة ديالى شرق البلاد الى محافظة الأنبار غربها، وأضيف أليها اللغط الأعلامي الصحفي والخطاب الأسلامي للمصاهرة المذهبية الشيعية والسنية والقومية من عشائر لايعرف شيوخها القراءة والكتابة ولاتتجاوز معلوماتهم الدراسة الثانوية، وتجاوزت هذه المصاهرة المختلقة الى أقناع قيادات عسكرية وبرلمانية بأن أرتباطها الأول والأخير هو أحترام كلمتهم وليس الدولة العراقية، لأنها أحترام كلمة الله بالمفهوم الذي يرتأوه لأبنائهم وأتباعهم السذج، صغار السن المُغرر بهم من الذين يحملون أعلامهم.

بعد مقتل قائد الفرقة السابعة اللواء الركن محمد الكروي ومساعده قائد اللواء الاول في الفرقة العميد نومان محمد في كمين نصبته لهم عصابات الأرهاب، بدأت من جديد حملة التبريرات والتفسيرات والتهديدات. وللحصر، قام مقتدى الصدر بأصدار بيان يقول فيه quot;نشجب ونستنكر هذا العمل الجبانquot;.. وشدّدَ على وقوفه quot;مع الجيش الهمام لأجل مواصلة الدفاع عن أرض العراق ووحدته من دون طائفية ولا عرقية ولا حزبيةquot;، ثم يناقض كلمته بعد يوم بأنه مع مطاليب أهلنا السُنة ويُحذر المالكي من مغبة شن حملة عسكرية في الأنبار، ويخلط بعقلية ساذجة بيئية غيبية، قوى ألارهاب بقوى لايعرفها أِلا هو وسبحانه تعالى، فيقول عن تهديدات تنظيم دولة العراق وبلاد الشام الاسلامية quot;داعشquot; ضد مدينة كركوك quot;سمعنا تهديدات من (داعش) التنظيم الاميركي بالاستيلاء على كركوك فإننا وفي حال ضعف الحكومة وتراخيها في الدفاع عن كركوك الحبيبة فإننا على أتم الاستعداد للدفاع عنها ودفع شرور داعش وكل التنظيمات التي تريد المساس بالعراق وشعبه وأمنه ووحدتهquot;. ويستمر في القول quot;أن داعش لا تمثل ( التسنن) لا في العراق ولا في خارجه فوقوفنا ضدها لا يعني الوقوف ضد إخوتنا بل نحن معهم في تخليصهم من أفكاك الارهاب المفترسةquot;.

ورأيي في هذه التصريحات البائسة هو التستر على بعض افراد العشائر بتأمين قوى تكفيرية مجرمة والسكوت عن تصرفاتها الخرقاء وهي اخطاء فردية تكررت مراراً،لا تُمثل موقف العشائر ومجتمعها الأخلاقي وتمييزها لأسس حماية الدولة للعشائر وطلب تعاونها المباشر مع القوات العراقية وتعضيد جهدها. أنه غطاء أجرامي بيئي محلي لايقلل من أستمرارالقتل والتفجير والتخريب والأرهاب، كما أنه أمر عارضه بعض شيوخ العشائر ببصيرتهم.

فبعد أحداث وادي حوران في الأنبار ومقتل قائد الفرقة السابعة اللواء الركن محمد الكروي ومساعده قائد اللواء الاول في الفرقة العميد نومان محمد، وأثنين من أُمراء ألالوية وأربعة عقداء وضباط آخرين برتبة مختلفة وأصابة أكثر من 35 جندياً عراقياً واثنين برتبة رائد، فضلا عن إصابة 35 عسكرياً معظمهم جنود، ومقتل 5 صحفيين عراقيين في هجوم مسلح على مقر قناة تلفزيونية في تكريت قبل أيام.

جاءت الدعوة الخلصة من عشائر الدليم والشيخ ماجد السليمان، الاحد، الى اهالي وشيوخ الانبار الى الوقوف صفا واحدا ضد quot;الارهابيينquot; وترك ساحة الاعتصام تلبية لدعوة رئيس الوزراء، مؤكدا على مساندة القوات الامنية لمحاربة القاعدة مؤكدا على quot;وحدة الصف الوطني ووحدة الشعب العراقي.

فمتى يفهم أهل العراق أن موقع الشهامة هو القبول بمبدأ ( لاتؤخذ جريرة الكل بجريرة الجزء) وتطبيقها على الجاني الأرهابي القاتل؟ فالارهاب ليس له عشيرة سنية أو شيعية أو دين أو مذهب أو قومية،ولاينتمي الى واحدة. وموقع الشهامة يتطلب من أهل العراق القبول الفكري الذاتي بأن الأرهاب له وجه واحد في كل دين وكل دولة، أنه وحش بشري تخضبت يده بدماء الأبرياء وتوجهه ذئاب بشرية يُصعب تبرير وتعليل تصرفاتها.

رئيس الوزراء نوري المالكي، المحاط بأعدائه في مجلس النواب،كان قد دعا، في (22 كانون الاول 2013)، وقبل هذا التاريخ، أصحاب المطالب المشروعة في ساحات الاعتصام بالأنبار إلى الانسحاب وتركها لتنظيم القاعدة، مؤكداً أنه لا يمكن السكوت على أن يكون للقاعدة أي مقر محمي في المحافظة.

جاءت كلمة المالكي واهية بالمفهوم العسكري المعروف بعدم التلكؤ في محاربة قوى الأرهاب. كما أنها جاءت دون محتوى التصميم لمنع تغلغل المفعول الأرهابي بين العشائر بقوله المتهكم quot; اصبح لدينا مقر للقاعدة يقود العمليات المسلحة وعمليات تفخيخ السيارات والاحزمة الناسفة ضد الشعب العراقي،و تحت عنوان المطالب حققنا للقاعدة مقرًا للقيادة ومقرًا للعمليات المسلحة ومقرًا للقتل والتخريب والتفجيرquot;.

ويبدو أن الرجل يعرف أنه مقيد ومحاط بشضايا القوى المتفرجة من الأحزاب الأنتهازية ورؤوسها الذين يقفون عند حدود الشجب بعد وقوع التفجيرات ومقتل عراقيين أبرياء، ولا يفقهون من السياسة سوى مصطلحات الفتنة والفرقاء وتهريب الأموال، ثم يأملون أسقاط المالكي وطنياً ووظيفياً بالتحالف مع قوى الظلام.

باحث وكاتب سياسي