في حديثنا السابق تحت نفس العنوان كنت اعطيت وعدا بالتطرق لتصريحات السفير الامريكي في انقرة السيد ريكاردوني. الصحف التركية نقلت على لسان السيد السفير بما معناه: لقد حذرنا مصرف الشعب مدير هذا البنك موضوع الاختلاس والرشوة هو موقوف في السجن قيد التحقيق حاليا بعدم التعامل مع ايران والتقيد بقرارات العقوبات الدولية ولكن لم نسمع آذاناً صاغية...لذلك نشاهد اليوم نهاية امبرطورية تتهاوى.

في اليوم التالي نفى السفير كل تلك الاقاويل ووصفها بالملفقة والكاذبة. ولكن اردوغان يصر على وجود مؤامرة دولية ويتهم امريكا وسفيرها واسرائيل والغرب واصحاب الرأسمال بتدبيرها ضده.

الصراع على اشده حاليا بين الحكومة من جهة والدولة السرية وجماعة غولن الزعيم الروحي لطريقة النور والمقيم في امريكا منذ عشرة اعوام من الجهة الاخرى.تركيا تغلي والمستقبل لايزال مجهولا.السيد رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة في سباق مع الزمن لينقذ نفسه من براثن الدولة السرية واذرعها الاخطبوطية اي جهاز القضاء وجهاز الامن ممثلة بالشرطة بكل فروعها.

اليد الفولاذية الاساسية للدولة السرية هو جهاز القضاء منذ اكثر من نصف قرن. هذا الجهاز كان يلغي الاحزاب ويلصق التهم ويبرئ المجرم ويقتل ويعدم البريء....الخ للمحافظة على تسلط الدولة السرية على كامل الدولة والشعب وتقاسم الامتيازات ونهب الدولة معا. ليس من السهل تنظيف هذا الجهاز بسهولة نظرا للجرائم الى ارتكبها اعضاؤه لحساب الدولة السرية على مدي عقود وكونها شبكة لا ترحم من يخرج عن قبضتها. بالرغم من مرور 11 عاما على وجود حزب العدالة والتنمية في كرسي السلطة الا انها لم تنجح في تصفية او تنقية هذا الجهاز حتى الآن.

لماذا الادعاء بأن الدولة السرية هي وراء ما يحدث من تآمر في عملية الاختلاس والرشوة كخطوة نحو اسقاط الحكومة؟.

في 7 شباط من العام الماضي اصدرت احدى المحاكم يعني نفس جهاز القضاء المذكور آنفا امرا بالقاء القبض على السيد هاكان فيدان رئيس جهاز الاستخبارات التركي الشهير بـ الميت.التهمة كانت : الاتصال بتنظيم ارهابي. القصد هنا هو المفاوضات التي اجراها السيد فيدان مع حزب العمال الكردستاني في العاصمة النرويجية اوسلو لمدة ثلاثة اعوام لحل القضية الكردية. السيد فيدان كان يدير المفاوضات باوامر مباشرة من رئيس الحكومة اردوغان.اضطرت الحكومة الى اصدار مرسوم تشريعي بسرعة البرق من البرلمان يمنع مثول عناصر الاستخبارات امام القضاء دون موافقة رئيس الوزراء. اليوم تبين ان فيدان تم انقاذه من التوقيف وذلك بتهريبه من مقره بسيارة اردوغان وقد افشى عن هذا السر الصحفي الشهير عوني اوزغيرال اليوم على الشاشات.

طبعا المؤامرة حينها كانت تهدف الوصول الى اردوغان واتهامه بالخيانة من خلال اعترافات فيدان لو كان تم القبض عليه واحداث بلبلة في المجتمع حتى لو ادى ذلك الى حرب اهلية. المؤامرة فشلت حينها و الحادثة الاخيرة ما هي الا محاولة اخرى ولكن هذه المرة بالتنسيق مع حركة غولن النافذة جدا ضمن جهاز الامن.

في الايام الثلاثة الماضية قام اردوغان بتصفية وتبديد الخلايا السرية في قوات البوليس من خلال التنقلات التي وصلت الى اعداد كبيرة من مدراء الامن ومعاونيهم بدءا من استاانبول ليشمل كل البلاد التركية. كذلك تم تعيين عناصر جديدة من رؤساء الادعا ء وقضاة جدد ايضا. التنقلات في جهاز القضاء ليست بيد وزير العدل وهناك هيئة خاصة تعمل حسب قواعد معقدة خارج ارادة الحكومات.

هذه التنقلات في الامن تقلل من مصداقية اردوغان و تعتبر تهربا من المثول امام القضاء حسب الراي العام.

الاختلاس والفساد والرشوة هي حقيقة وقد تصل اصابع الاتهام الى الوزراء انفسهم وليس فقط ابناءهم المعتقلين حاليا.

قبل ساعات استقال ثلاثة وزراء وتم تجديد الوزارة بعشرة اعضاء جدد. الاحداث متسارعة ساعة بساعة ومن الصعب تحليلها بشكل جيد.

اين الكرد من كل مايحدث؟ هذا ما ساحاول الاجابة عنه عندما تسنح الظروف...............