لم يكن ليظن حسن البنا المؤسس الأول لحركة الإخوان المسلمون بأن دعوته التي إبتدأت بدعوة دينية للإصلاح.. قد تطورت عبر السنين والتكنولوجيا الحديثة إلى دعوة للعنف وتدمير مصر بدلا من بنائها.. حقيقة أنه لم يدعو إلى العنف صراحة.. ولكن الحقيقة الثابتة أيضا أنه تحدث في نصوص كثيرة عن الجهاد وأهمية إستخدام السيف إذا فشلت الحجة والبرهان لحماية الحق ولو بالقوة مستندا في ذلك إلى بعض الآيات ( آيات السيف ) التي وربما rsquo;أسيء تفسيرها.. أو تلك التي صلحت لزمن ما قبل 1400 سنة.. هذه الدعوة تحولت من دعوة ضمنية إلى دعوة صريحه فيما بعد في كتابات سيد قطب من سجنه..قبل إعدامة بقرار حكومي خلال رئاسة عبد الناصر...
هذه الدعوة أعطتها التكنولوجيا الحديثة وثورة الإتصالات.. قوة وضعفا في آن واحد.. القوة.. حين إستغل الإخوان المنابر الدينية ساحات للترويج لأفكار تبيح العنف وتبرره للخروج من جاهلية انظمة الإستبداد وإستقطاب الغالبية من الشباب المصري الذي وجد بأن الدولة لم توفر له شيئا مما طمح إليه..
والضعف كان أيضا ومن خلال المنابر الإعلامية التي تصدت لمثل هذه الأفكار وحللتها وحاولت بكل ما في الدين من رحمة وتسامح تبرئته مما rsquo; نسب.. ولكن التحليل والتصدي كان كمن فتح علبة مليئة بالديدان.. فكلما حاولت قتل أحدها.. فرّخ الآخر.. في عقول شباب هدّهم التفكير بلقمة عيش.. أو بحياة طبيعية..
التكنولوجيا الحديثة أيضا فتحت الحدود والمعابر وإخترقت القارات لهذا الفكر، ووجد قبولا حتى من شبان لم يعانوا قسوة الحياة كما شبان المنطقة العربية.. لأن فقهاء الدين ومن على منابر الدين كفروا.. وبرروا وحللوا إستعمال العنف بحيث أصبحت الحركة تنظيما إسلاميا عالميا لا يعترف بالوطن.. بل يعترف بأن الدين هو الموحّد غير عابئين بأنه حتى وفي المنطقة العربية هناك إختلاف كبير بين شعوب دولة وأخرى في التقاليد والأمور المعاشه.
في مصر بقي هذا العنف كامنا ومستكينا إلى أن تفجّر مرة واحدة بعد خروجهم من السلطة في محاولة يائسة للعودة إلى السلطة.. ليلتقي مع عنف القاعدة وأخواتها تحت مسميات عدة، التي تسللت وبعلم الجماعة وبعلم الرئيس المعزول إلى مصر.. ليلتقيا معا في هدف واحد وهو إقامة الدولة الإسلامية ولو على حساب تدمير مصر..
نعم حركة الإخوان المسلمون حظيت بتأييد شعبي أدى إلى إنتخابها ووصولها إلى السلطة لأن الإنسان المصري البسيط إعتقد بأن تدّين القادة فيها.. سيجعلهم يتقون الله في معاملته.. عدا عن توزيعها المواد التموينية على جزء كبير من الكادحين.. إلى أن إكتشف الإنسان المصري نفسه هدفها الأول والأهم على سلم أولوياتها.. وأن حياته ومصلحته تقع في أدنى اهميات السلطة الحاكمة والفجوة كبيره بين اهدافه وأهداف الإخوان!!
والآن وبعد محاولات الإغتيال..الفاشله منها لوزير الداخلية والناجحة كإغتيال المقدم محمد مبروك.. وتوعدها بقتل حتى عبد الفتاح السيسي.. وأعمال العنف التي إرتكبتها بحق المواطن المصري.. وبعد ثبوت وجود إتصالات هاتفية ما بين الرئيس المخلوع مرسي وبين زعيم القاعدة أيمن الظواهري.. وهي التسجيلات التي ستستخدم كأدلة إثبات خلال محاكمته..والتي بينت وأكدت للإنسان المصري بأن أولوياته كانت أسلمة المجتمع المصري المسلم أصلا.. وهو ما أكده الرئيس المخلوع نفسه حين خطب امام جامع عمرو بن العاص وقال quot;quot; سنعيد الفتح الإسلامي quot;quot; وبعد إصرار مكتب الإرشاد بقيادة المرشد محمد بديع الإبقاء على شعارهم الذي يؤكد فكرهم ونهجهم.. quot;سيفان متقاطعان تحتهما كلمة وأعدوا quot;quot;.
قد لاتكون هناك براهين ثابتة لمحاولات الإغتيالات الأخيرة في مصر تدينهم.. قد ينجح الإخوان في تبرئة أنفسهم أمام القضاء المصري وإن كنت أشك في ذلك.. ولكن هل ينجحوا في إثبات أن فكرهم لا يلتقي مع فكر القاعدة الجهادي المتطرف.. هل ينجح الإخوان بعد إعتراف جماعة بيت المقدس وهي إحدى الفصائل المتشددة والمرتبطة بالقاعدة عن مسؤوليتها في التفجير الأخير لمبني مديرية الدقهلية والتي قتل فيها 16 شرطيا هم أبناء مصر.. وجرح فيها ما يزيد عن 130 إنسان مصري بأنهم (الإخوان ) من سمحوا لمثل هذه الفصائل المتشددة بالدخول إلى مصر.. وهو المسجل في إحدى مكالمات الرئيس المعزول مرسي مع أيمن الظاهري..والتي أمره (أيمن الظواهري في إحداها ) بفتح معسكرات في سيناء لدعم الجهاديين وتدريبهم.. وتجهيز 4 معسكرات لتدريب الجماعت الجهادية (؟؟ ) على الحدود مع سيناء!
كل ذلك هو ما دعا المؤسسة العسكرية إلى التدخل والإطاحة بهم... وتعريتهم أمام المجتمع المصري.. والعربي وأمام العالم أجمع على إعتبار نيتهم. إستباحة مصر لصالح القاعدة.. وتلاقي فكرهم مع فكر القاعدة في سياسة جهادية عنفية، ورفضهم التام للديمقراطية الذي ثبت في إحدى المكالمات بين الرئيس العزول والظواهري والتي قال فيها حسب التسجيلات..quot;quot; من البداية ليس هناك ما يسمى بالديمقراطية quot;quot;!!!
السؤال المهم الآن هو كيف ستتصرف الحكومة الإنتقالية معهم.. وهل حظرهم من العمل السياسي وإغلاق جريدتهم الحرية والعدالة بإعتبارها منشورا يدعو لأفكار جماعة إرهابيه يؤكد إلتزام الحكومة الإنتقالية بالمبادىء الديمقراطية التي تسعى لتطبيقها في مصر.. ألا يتنافى حظرهم مع التعددية والممارسة الديمقراطية.. وعلى قمة مبادئها حرية التعبير؟
قد تنجح الحكومة في محاكماتها لكل قيادييهم.. لأن لغة التحريض والكراهية كانت الأوضح والأعلى في خطبهم.. ولكن سيبقى هناك وفي قلب كل مواطن سؤال مهم..أليسوا مسلمين ينادون بالجهاد؟؟؟ أليس تطبيق شرع الله هو ما سعوا إليه.. أليست الشورى هي الديمقراطية؟؟
أسئله مبهمة وrsquo;محيره.. ولكن وفي المقابل على الحكومة التوجه إلى الشعب بالأسئلة...
هل تنظيم القاعدة تنظيم إرهابي؟؟؟ وهل تلاقي فكر الإخوان مع فكر القاعدة يجعل منه تنظيما إرهابيا؟؟؟ هل من حق الحكومة المصرية الإنتقالية إتخاذ قرار حماية مواطنيها من نهج وفكر الإخوان، وبالتالي حظر نشاطهم... وإستئصال هذا الفكر الجهادي من خلال حظر جريدتهم حماية للنشىء الجديد؟؟؟ هل من حقها تقديم من تراه يستعمل الدين كمحرض ضد الأقليات الموجودة ويضر بالمصلحة العامه إلى محاكمة عادلة...هل من حق مصر رفض أن تكون بوابة الخلافة.. والعودة إلى الماضي والإعتماد على التنمية بالإيمان.. بدلا من تنمية السياحة والتلاقي مع شعوب العالم بمحبة وسلام....
الإجابه الصادقة على هذه الأسئلة هي التي ستعفي الحكومة من المسؤولية.. وتعطيها الشرعية بالحظر والمحاكمة وكل ما تراه يخدم المصلحة العامة اولا.. وتؤكد للعالم أجمع أن الديمقراطية في مصر لا زالت تكافح من أجل العدالة للجميع ومصلحة الإنسان المصري المواطن.. نجاح الإستفتاء على الدستور هو الضوء الأخضر للإستمرار في خارطة الطريق التي وضعتها الحكومة المؤقتة..
وأن ما طرحة الظواهري على الريس المعزول في إحدى مكالماته الهاتفيه وهو تطبيق تجربة باكستان وأفغانستان في مصر وتطبيق الشريعة ليست الطريق نحو المستقبل للإنسان المصري ولا العربي...