لم تأت زيارة عبد الله النسور مؤخراً لبغداد بسبب المتغيرات السياسية الكبرى التي حدثت في الملفين الايراني والسوري ولم تصب في اتجاه هذا المحور الثلاثي - العراق -سورية -ايران.

تسربت بعض التعليقات الاردنية ان الزيارة والعلاقة بين العراق والأردن لا تتحمل المقايضات السياسية هنا وهناك ولا مجال لطرح المقايضات السياسية وقد تأكد من ذلك ان المحادثات التي جرت بين المالكي والنسور خلت من كل حديث ما يخص المسالة السورية او الايرانية.

،بالرغم من انني لا ارى اي مبرر لعدم طرح مثل هذه المواضيع الحيوية التي في حال استقطاب الاردن بهذا الاتجاه نحو المحور الثلاثي قد ينتج نتائج إيجابية تصب في استقرار ومصلحة المنطقة وتخفيف حدة التوترات الطائفية والتي كان الاردن في فترة زمنية ليست بالبعيدة قد ساهم في رفع وتيرة الطائفية عندما وصف المحور الثلاثي سورية والعراق وايران بالهلال الشيعي!!!!!! اضافة الى ان ايران كانت قد قدمت عرضا ً نفطيا ً لمساعدة الاردن لمدة ثلاثين عاماً.

على اي حال من المؤكد ان زيارة النسور لبغداد جاءت لأغراض اقتصادية بحته تعود بالفائدة على الاردن بالدرجة الاولى ثم الا منية،للطرفين اضافة الى ماذكر من مستحقات اخرى، من هذه المحاور الثلاث الاقتصادي والأمني والمستحقات الاخرى سأحاول ان أشير الى بعض النقاط التي تخص هذه المحاور، لكن قبل ان أبدء بها اريد ان اتكهن عن نتائج هذه الزيارة واسأل من (بفتح الميم ) حصد الثمار الكبرى وخرج مسروراً من نتائج هذه المحدثات،العراق ام الاردن ٌ!!!!!!! هل تمكن النسور من تضييق الخناق على الخلافات الحاصلة بين البلدين وهل ستشهد الساحات العراقية استقرارا أمنيا واحترام المواطن العراقي وعدم مساءلته عن مذهبه وإذلاله في المطارات والحدود الاردنية وضرورة دفع الجزية وهو الذي أنعش وأغنى الاقتصاد الاردني سنين الحروب الثلاث العجاف ولازال،حتى لحظة كتابة هذه السطور، تاركاً العراق كومة من الخراب والأنقاض،!!!!!! وهل سينهي البرلمان الاردني سرادق العژاء سنويا على فقيده المقبور صدام حسين! نذكر ان حوادث ذكرى المقابر الجماعية في المركز الثقافي العراقي في الاردن وما حدث فيها من ممارسات مؤسفة نتيجة استفزاز للمشاعر العراقية ليست بالبعيدة عن الذاكرة القريبة، وهل سيلتزم الاردن بما تعهد بعدم تصدير إرهابي الى العراق كما ذكر النسور! هل سيعيد الاردن الأموال المهربة من قبل عناصر النظام السابق وأصحاب الفساد والصفاقات الوهمية بعد التغيير،!!! وهل جاء النسور ليسترد المستحقات المالية التي ذكرها في مؤتمره الصحفي!!، وسأشير عن ماذا تمثل هذه المستحقات ً!!!! الشعب العراقي يريد ان يفهم هل ستغلق كل هذه الملفات التي تستفز مشاعر الفرد العراقي منذ عام 2003 وحتى الان!!!!

ام ان حكومتنا بسبب تكالب الأعداء عليها والفساد المستشري في مؤسساتها وبسبب ضعف أداءها ستقف حائرة ًوعاجزة مابين المطالب المشروعة لاحترام الفرد العراق او اتباع سياسة المقايضات والسكوت امام صفقات الفساد المهربة من قبل سياسي العراق الجديد وتلبية الهبات النفطية الممنوحة والأسعار التفضيلية التي تأخذ طابع الازدياد في كل سنة على حساب استفقار وحرمان الشعب العراقي الذي تنقصه انشاء اكثر من 6000 مدرسة، الى وجود الملايين من الأرامل واليتامى والمعوقين والعاطلين الى ضرورة اعادة بناء جميع مؤسسات الدولة ذات البناء القديم والذي اكل الدهر عليها جداً، أبنية تثير القرف والاشمئزاز، الى انشاء الطرق العصرية الى،،،الى،، الى وإلقايمة تطول في بناء العراق الجديد!!!!

وللإشارة ان ميزانية العراق لعام 2013 كانت 118 مليار دولار، حصة الدخل السنوي للفرد العراقي من هذه الميزانية لايزيد على 6 آلاف دولار وهذا الرقم المخصص القليل تستوقفني فيه الكثير من الأسئلة الموجهة لحكومتنا الموقرة لامجال لذكرها الان بينما نرى دخل الفرد الاردني السنوي والتي تريد الحكومة العراقيه مساعدته عن طريق الأسعار النفطية والتفضيلية والمنح السنوية وإعطاءه الأولوية في تصدير سلعه الغذائية قد ارتفع معدل دخله السنوي لعام 2013 بمقدار 216. دولار وسجل حسب الإحصاءات الاردنية 4852 دولار مقارنة مع 4542 في العام الماضي.

علماً ان نفوس الاردن 6. ملايين بينما يبلغ نفوس العراق اكثر من 30 مليون نسمة هذا وتشير الإحصاءات ان مايقارب 20 بالمائة في العراق هم تحت خط الفقر.

الشعب العراقي يؤمن بضرورة مساعدة الدول الفقيرة( وتقاسم الأرزاق ) لكن فبل ذلك لابد من حصول الاكتفاء الذاتي للشعب كما هو حاصل للمواطن الخليجي اولا ثم ضرورة احترام مشاعر الفرد العراقي من الجانب الاردني.

الملف الأمني

في الملف الأمني عرض النسور حتى وان لم يكشفها علنا عرضاً على العراقيين، عرضاً فهم لدى المواطن العراقي كمقايضة عنوانها الحدود والأمن العراقي وتحرير الإرهابيين من السجناء الأردنيين في العراق مقابل ازدياد الهبات والأسعار النفطية التفضيلية اضافة الى دفع العراق المستحقات المالية للأردن.

الوفد الاردني طرح عرضه بان الاردن يستطيع ان يقدم خبرته الامنية والعسكرية عن طريق تدريب العناصر العراقية في مواجهة خطر تنظيم القاعدة.

في هذا العرض نخاطب المالكي والنسور او ليس العراق هو اكثر من ابتلي منذ عام 2003 بالإرهاب وعناصر القاعدة من كل باقي الدول المحيطة وحتى مايسمى بدول الربيع العربي وما تبعها من ارهاب في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن، المعنى من الذي أصابه الابتلاء الأكبر لابد ان يكون قد اتفاق في اكتساب الخبرة والحلول في مواجهة خطر الارهاب اكثر من غيره هذا اذا احتسبنا تعداد القوات العسكرية والأمنية العراقية تصل بأكثر من مليون فرد اي مايقارب خمس نفوس سكان الاردن!!!!! نقول انها مقايضة غير موفقة.

في معركة الأنبار الحالية و التي يقوم بها الجيش العراقي في مطاردة الخارجين عن القانون والإرهابيين من القاعدة، يقول النسور ان الاردن يخشى من هجرات جديدة ومعاكسة اليه قد تفرضها معركة الأنبار الحالية، نسال السيد النسور لماذا يخشى الاردن من هجرات معاكسة مادام لدى الاردن وبحسب ادعاءه من الخبرة العسكرية والأمنية في مواجهة خطر القاعدة؟؟

لم يخطر ببالنا يوما ان نتوقع ان يضع الاردن إمكاناته العسكرية والأمنية الذي يفتخر بها النسور في مساعدة الجيش العراقي لكن على اقل تقدير لابد من تشديد الرقابة الحدودية المشتركة وتضييق الخناق على الإرهابيين حرصاً على امن البلدين وتخليص المنطقة من شر هؤلاء قاطعي رؤوس الأبرياء من منظمات داعس والنصرة والمسميات الاخرى.

يستطيع الاردن بنفوذه الأمني والسياسي وبخبرته وعلاقاته الممتدة مع العشائر السنية في الأنبار يستطيع ان يستثمر هذه العلاقة وان يقلب الكثير من المعادلات لصالح استقرار العراق والمنطقة كاملة، ثم اذا كان الكل يشتكي من الارهاب لماذا إذن تقع مسؤولية التصدي له محصورا فقط على الجانب العراقي!!! لماذا لم تتكاتف الأيادي الحدودية كلها لأجل التضييق على هذه الآفة الخطرة نقول ذلك لكننا على يقين لم يتحقق هذا التمني أبدا!!! لامن قبل السعودية ولا من قبل تركيا ولا من قبل الاردن!!!!! اللهم الا اذا كان التصدير القاعدي مسالة مقصودة ومفروضة على العراق وبهذا نقف عاجزين عن الأجوبة العلاجية التي تقع على مسؤولية الدول الاخرى.

النسور يقول ان الاردن لم يصدر اي إرهابي، لنناقش هذا الادعاء ونطرح على السيد رئيس وزراء الاردن ونقول له لأي جنسية كان الزرقاوي الذي ذبح وفجر وقطع رؤوس العراقيين آلى اي جنسية كان ينتمي الم يكن أردنيا ً ؟ كيف عبر الحدود وكيف كان يتصل بأهله بالأردن طوال حياة إجرامه بحق العراقيين، ثم نذكر بالإرهابي راًءد منصور البنا الذي فجر نفسه في مدينة الحلة وقتل وجرح اكثر من 118 شخصا ً الم يكن أردنيا، ثم لماذا وكيف وصل السجناء الأردنيين للعراق،!!!! اللذين طالب النسور بفك أسرهم،!! هل جاء هؤلاء لقضاء فسحة استرخاء في الارض العراقية التي تشهد بركانا ًً من التفجيرات اليومية منذ عام 2003!!!!! ثم هناك شيء يثير الاستغراب لماذا كلما يزور رءيس وزراء أردني الى العراق يطالب بفك سجناء الاردن ونقلهم الى بلدانهم بحجة اتفاقية الرياض كما يقال، والغريب ان هؤلاء سيعاد تسريحهم ليعبروا الحدود العراقية مرة ثانية من اجل تنفيذ عمليات إجرامية اخرى!!!!

الحقيقة الشعب العراقي على حساب أمنه وراحته واستقراره ابتلى بالمقايضات والمساومات الداخلية منها والخارجية وقبل ان نشتكي من ادعاءات الحكومة الاردنية بعدم تصدير الإرهابيين لابد لنا ان نشكي حكومتنا التي لاتراعي مشاعر الفرد العراقي ولا استقراره لاعتبارات اما ان تكون ضعف في الأداء او لأجل مساومات وصفقات لا يعلمها الا الله، ولا ينطبق ذلك فقط على الشروط الاردنية بإطلاق سراح السجناء الأردنيين امام المقايضات وإنما ينطبق حتى على السجناء العراقيين ومقايضات الكتل السياسية فيما بينها، وإطلاق سراح النائب العلواني في معركة الأنبار بعد ايام من اعتقاله دليل واضح يدل على ضعف الأداء الحكومي.

المحور الثاني في الحديث هو قضية المنح النفطية والمنح المهداة وإعطاء الأولوية للمنتجات والسلع الاردنية

الاتقاف على مد انبوب للنفط العراقي الى ميناء العقبة الاردني عبر خط صحراوي يمتد من مدينة البصرة العراقية الى ميناء العقبة الأردني، هو مشروع إقتصادي ضخم من شأن الأردن الإستفادة منه، وخصم الكلفة المالية الهائلة لنقله بطريقة الصهاريج حوالي 70 مليون دولار في العام.

الحكومة العراقية بعد عام 2003 بدءت بدعم الاردن ب 10 آلاف برميل يوميا. ثم زادت، إلى 15 الف برميل بدلاً من 10 بقيمة 100 مليون دولار سنويا ًً ثم ازداد الدعم الى 35. الف برميل يوميا بمعدل 230 مليون دولار سنويا ًً حتى وصل الدعم عام 2012 الى 100 الف برميل يوميا!

اما اليوم وبعد زيارة النسور الى بغداد صار الحديث عن تصدير مليون برميل يوميا عبر الخط الناقل مابين البصرة وميناء العقبة، منها 150 ألف برميل للاستهلاك المحلي، فيما يذهب الباقي للتصدير وهناك من الأردنيين من يأمل ان يزيد العراق الكمية الى مليونين وبكمية ناتجة عن 300 الف برميل يوميا حصة الاردن هذا اضافة الى استفادة الاردن من قيمة رسوم عبور النفط المصدر عبر الخط المذكور، نعم نؤيد انشاء هذا الخط الناقل عبر الحدود.

مشروع ضخم يدر بالفائدة على الدولتين، لكن نكرر ماذا حصد العراق من الاردن منذ عام 2003 الى يومنا هذا غير سوء المعاملة وعدم تعامل العراقيين الداخليين للأردن بمسافة واحدة وعدم استخدام الاردن ورقته النفوذية وعلاقاته الممتدة في المناطق الغربية من العراق الى جلب الامن في هذه المناطق، اضافة الى ان حكومة الاردن لم تفتح الاسواق الاردنية امام المستثمر والتاجر العراقي، الحكومة العراقية لابد لها قبل الخوض في مثل هكذا مشاريع ضخمة وقبل ان تتكرم بارزاق وأموال العراقيين ان تلمس موقفا حاسما من الاردن، وان تحصل علىموافقة البرلمان العراقي قبل ذلك.

تم الاتفاق أيضاً على منح المنتجات الزراعية الاردنية وسلع اخرى الاولوية في الاستيراد العراقومساهمة الشركات الاردنية بتزويد وزارة التجارة العراقية بمفردات البطاقة التموينية. السؤال اين هي المعامل العراقية من شركة الزيوت وشركة الألبان والتعليب وغيرها ؟؟؟ ولماذا لايزال العراق وبعد مرور أكثر من عشر سنوات لايزال يستورد ابسط مقومات الحياة من الخارج ؟؟ الا يستطيع العراق ان يعيد استحداث وتأهيل هذه المصانع مرة اخرى وتشغيل الآلاف من الأيادي العراقية التي تبحث عن الوظائف والفرص التشغيلية وسط ميزانية 118 مليار دولار ومن المتوقع ان تصل الى 150 مليار دولار،

السؤال الموجه الى الحكومة العراقية هل من المعقول ان الاردن ذو الميزانية التي لا تتجاوز سوى 11مليار دولار استطاع ان يوفر بعض من هذه المعامل والمصانع ويقف العراق عاجزا وسط ميزانيته الضخمة!!! يريد ان تمتليء الاسواق العراقية بالسلع الإسرائيلية عن طريق الممر الاردني.

في هذا المجال هناك نقطة مهمة لابد من ذكرها هنا : كثير من المنتجات الزراعية التي ستغطي الاسواق العراقية والعابرة الحدود الاردنية هي إسرائيلية المصدر، اي بالمعنى ماموقف الحكومة العراقية عندما تغزو الاسواق العراقية بضائع إسرائيلية تروج عن طريق المستثمر الاردني؟!!

الحديث الاخر الذي دار بين الحكومة العراقية والأردنية مؤخراً حديث المستحقات المالية،

التي يقال ان العراق لازال يتلكاء في تسديدها للأردن،

نقول بعد المنح النفطية وبعد إعطاء الأولوية للمنتجات الاردنية وبعد ان سلبت من العراق مبالغ طائلة بحجج عجيبة مثل 260 مليون دولار quot;لأضرار بيئية على الأردن جراء حرق صدام لآبار النفط الكويتيةquot; رغم أن الأردن تبعد ألاف الأميال عن الكويت، ورغم أن حكومة الاردن كانت الوحيدة التي شجعت ودعمت صدام في حربه على الكويت.

غريب بعد ذلك يأتي النسور ويطالب حكومة المالكي بتسديد مليار دولار يقال عنها كانت تمثل فروقات مالية بين ماكان يصل الاردن من نفط عراقي وما يصدره الاردن من سلع وبضائع خلال سنوات الحرب في زمن صدام حسين، لا ادري العراق الذي أغنى الاردن بكل متطلبات الحياة منذ عام 1980 ولحد. الان ابتداءا من الهبات الى إنعاش البنوك الاردنية الى هروب الكفاءات العراقية التي أغنت الجامعات الاردنية من الكوادر العلمية، هل من المعقول لايزال الاردن يطالب بمستحقات اكل الدهر والمتغيرات السياسية عليها ؟ ثم الم تخضع هذه الديون الى اتفاقية باريس التي ألغت جميع ديون العراقية ؟!!

يتمنى الشعب العراقي ان يرى مشهدا مختلفا تماماً من الجانب الاردني وتضييق الخلافات وإنهاء المواقف التي تثير وتستغل المشاعر حتى يستطيع الشعبين الاردني والعراقي ابتداء صفحة جديدة تمثل التعاون والمحبة الصادقة في كل المجالات خاصة ان الشعبين يربطهما تاريخ قديم منذ ايام عهود الملكية.