سألت ابنتي الصغيرة، وهي لا تزال بعد في الروضة، كم تحبينني؟ فقالت على الفور: أحبك تلاثين! ولم استغرب الجواب فهذا هو أعلى رقم في الأعداد تعرفه حتى الآن. وقد تكبر وتقول لي أحبك مليون.

وفي حياتنا السياسية العراقية نستغرب في أحيان كثيرة تصريحات سيئة يطلقها بعض نواب البرلمان، وتتسبب بمشكلات وخلافات، وننسى حقيقة أن هذا هو أعلى مستوى يعرفه السيد النائب.

والعتب هنا لا يقع على هؤلاء النواب ولا على من انتخبهم من المواطنين إنما كل اللوم والعتب يقع على رؤساء الكتل السياسية الذين جاءوا بهؤلاء من الروضة الى مجلس النواب.

ففي الانتخابات السابقة باع رؤساء الكتل بضاعتهم للعراقيين، من تحت العباءة. وبعد أن دفع الناس ثمنها وجدوا الصناديق تلمع من فوق، ولم يكتشفوا الخياس من تحت، إلا بعد أن وقع الفاس بالراس.

قانون الانتخابات السابق كان يسمح لرئيس الكتلة أن يوزع غلته من أصوات الناخبين على من يشاء من مرشحي الكتلة حتى لو كان هذا المرشح لم يحصد غير أصوات عائلته فقط، وهذا عيب فاضح على رئيس الكتلة وعلى المرشح ذاته الذي قبل بالصفقة لأنها حولته، شاء أم أبى، الى تابع ذليل لا يعرف غير عبارةquot;موافجquot; الشهيرة.

اليوم، ومع التعديلات التي أجريت على قانون الانتخابات يتوقع العراقيون من رؤساء الكتل أن يحسبوا حساباً لهذه الفضائح وأن يختاروا مرشحي كتلهم للانتخابات المقبلة بعناية ومسؤولية وطنية وأخلاقية، كي لا يضطر الناس لشتمهم غداً.

وملخص مانقصده بالعناية والمسؤولية الوطنية والاخلاقية هو اختيار الشخص المناسب الذي بوسعه أن يبيض وجه الكتلة لا أن يسودها. هذا أولاً وثانياً أن يستبعد من مرشحيه للحملة المقبلة كل من لم يثبت أنه كان أهلاً لتمثيل الناس في الدورة البرلمانية السابقة.

وكما نعتقد أن هذا الأمر ليس صعباً ولا عيباً بل هو نافع وضروري ويصب في مصلحة ومستقبل الكتلة ورئيسها، فبين العشرين مليون عراقي المؤهلين للترشيح والاقتراع لايمكن أن نعدم وجود بضعة آلاف، ممن يستحقون أن يمثلوا شعبهم بأمانة ونزاهة في البرلمان المقبل، بل يمكن أن نشكل من هؤلاء عشرة برلمانات وليس واحدأً.