أن تحب فيروز زعيم تنظيم quot;حزب اللهquot; اللبناني، فذلك يعني أنها تنحاز لحلف سياسي وعسكري في المنطقة، وتحديداً في الصراع الدائر في سورية وعليها، بين شعبها والنظام الذي لم يعد سورياً خالصاً، بل مجرد استطالة لنظام الجمهورية الإسلامية تحت إشراف قاسم سليماني رئيس الحرس الثوري الإيراني.

ولأن لحسن نصر الله رمزية سياسية، بحكم كونه صار ذراعاً سياسية وإعلامية في المنطقة، وترشحه تقديرات حلف الممانعةquot; البراميلquot; لقيادة الحلف في المنطقة ، ويتحول حتى بشار الأسد نفسه إلى خادم في جيشه، فإن محبة نصر الله تعني اصطفافا في هذا السياق الذي يتأسس حثيثاً في المنطقة، ويجري شرعنته عبر تكتيك الثورة المضادة، ولكن من خلال استدعاء التطرف المقابل عبر تهيئة الأرضية المناسبة له.
محبة فيروز لحسن نصر الله، والإعلان عنها في هذا التوقيت، ليست حدثاً بريئاً، بل هي تأتي في سياق من بناء معطيات وشواخص جديدة للحدث السوري، بهدف تحديد المواقع والمواقف للمكونات والعقائد الاجتماعية، على أساسها تصبح الجبهة الأخرى ذات شكل وبنية رثتين يملأ مساحاتها قطعان من رافضي الأخر وكارهي الحياة، حتى تصبح عملية إقصاءهم مادياً ومعنوياً عملية شرعية ومباركة أيضا.
تتلطى هذه العملية الإقصائية خلف شعارات راجفة، من نوع حق المقاومة في المنطقة والدفاع عن الاختلاف والتسامح!، وتحاول في هذا السياق تلقط، أو قل إسقاط بعض الشخصيات العامة في شراك هذه العملية وذلك بهدف تصحير الجبهة المقابلة من رموز مهمة وذات تاريخ معنوي وتوظيف تراثها هذا في عملية بناء مجال أخلاقي لأفعال وسلوكيات اقل ما يقال فيها أنها تثير اشمئزاز طيف واسع من المكونات الاجتماعية في المنطقة.
ولأن القضية ليست قضية اختلاف سياسي أو فكري، بل هي قضية اشتراك بجرم واضح وبحق شعب أعزل، كما أنها قضية توريط الوطن اللبناني بصراع لن يستثني أحد من مكوناته، فإن القضية تخرج من إطار العواطف الشخصية ليصار إلى إدراجها ضمن سياق المواقف المنحازة لطرف لا ينفي مسؤوليته في صناعة الأزمة وتكريسها، بل ويعلن، ليل نهار، أنه يفعل ذلك لاعتبارات أيديولوجية تتصل بقناعته بولاية الولي الفقيه ورضوخه لها.
ولعلّ العطب الخطير الذي ينطوي عليه هذا السياق، يتمثل بواحدية اتجاهه، الخضوع لولاية الولي الفقيه وتنفيذ توجهاته، في إطار أيديولوجي مؤسس على تكفير الأخر وإقصاءه، وإن بصيغة مضمرة تحاول الاتكاء على شعارات رخيصة الثمن لا أكلاف لها كما لا مقابل حقيقي يتطلبه التزامها، ما يجعل إمكانية تطعيم هذا السياق بأفكار ليبرالية تقدمية أمراً مثيراً للسخرية والاستهجان، ويفضح كل أولئك المنخرطين به باعتبارهم عصابييون أو باحثون عن مصالح أنية، تصدق عليهم صفة أبواق المرحلة.
ولعلّ المفارقة الغريبة أيضاً، أنِ تكون هذه المحبة لجندي وخادم الخامنئي ولا تكون للخامنئي نفسه صانع السياق ومولفه، ومبدع هذه الأيديولوجيا، ذلك انه حتى السيد نصر الله نفسه يصر على إنكار ذاته وشخصه في حبه للقائد، ما يذكرنا بظاهرة حب الشيوعيين للفروع الصينية والكوبية، الماوتسيّة والكاستروية!.
أن تحب فيروز نصرالله، فكأنها تحب أيمن الظواهري أو أبو محمد الجولاني، المسألة سيان، المشكلة ليست مرتبطة بشخص بقدر ما ترتبط بتيار وتوجهات وأيديولوجيات، فكل هؤلاء لهم منطلقات واحدة وقيم واحدة ويشربون من مصادر بعينها، فقط الفرق الوحيد بينهم أن الظواهري والجولاني يدعوان إلى قتل الذمة وإخضاعهم في حين أن نصر الله يدعو لقتل السنة وإخضاعهم، وثمة فارق أخر هو أن الثورة السورية التي يقاتلها ويقتلها نصر الله ليست ملكاً للظواهري وللجولاني بقدر ما هي ثورة ملايين السوريين الذين تشردوا وماتوا على جنباتها، السوريون الذين هم على نوّب، فأين قلب فيروز من نوّبهم؟.