قالوا إن العدالة عمياء، رسموها معصوبة العينين؛ لا تفرق في أحكامها بين غني وفقير، ضعيف وقوي، هذا طبعا في الأحلام، أقصد ليس في بلداننا!

والديمقراطية لكي تقلدها ابتليت بمصيبة أنها أحياناً توصل رجالاً غير ديمقراطيين إلى السلطة، يهينونها كل لحظة، وتسحق في طريقها رجالاً ديمقراطيين، يسجدون لها كل لحظة!

حتى إذا اكتشف الناس الحقيقة يكون الأوان قد فات، ووقع الفاس بالراس، وتعال يا عمي شيلني! والقانون لا يحمي المغفلين!

انتخب ملايين المصريين محمد مرسي على أمل أن يكون رئيسا لكل المصرين، ولكن ما أن جلس على الكرسي حتى صار رئيساً للإخوان المسلمين فلقط! فلعب بالدستور، ومجلس النواب ومحاريب المساجد، من أجل أخونة الحياة، وإعطاء كل وجه وخيرات مصر للإخوان، وحرمان الآخرين، ولكي لا يروا شيئا أراد فرض الحجاب والنقاب عليهم! فكان من الطبيعي وقد اكتشفوا أنهم خدعوا؛ أن يثورا، ويرجعوا في كلامهم!

وانتخب العراقيون جلال الطالباني ( هل انتخبوه حقا؟؟؟ً) فصار رئيسا على السليمانية فقط لا غير، منشغلاً بتوازناته مع البرزاني، مرجحاً أحكام الاشتراكية الدولية على الدستور العراقي، وهو اليوم لا يزال يحكم باسم الشرعية رغم إنه لا يستطيع أن يحكم سرير مرضه، حتى اليوم. العراقيون قساة جداً، لا يفكرون بالتخفيف عنه، وإعفائه من خدماته الكثيرة لهم!

والمالكي الذي خطف راية الديمقراطية الخفاقة من يد علاوي، لم يستطع أن يكون رئيس وزراء لكل العراقيين، ولا حتى على الشيعة، بعد ان ادركوا نزعته الطائفية لسجنهم في غيتو، مقابل غيتو سني. وهو يكرس اليوم كل طاقاته لترسيخ هيمنة حزب الدعوة، كرس لحزبه الدولة التي أبلى بها علي الأديب في وزارة التعليم العالي بلاء حسناً! أما الشهرستاني فقد (دعوج) الكهرباء فقط!

الديمقراطية آلة تفقيس محايدة، باردة اعصاب، فهي يمكن أن تفقس الدجاج وحمائم السلام، كما يمكن أن تفقس نسوراً، وثعابين، وتماسيح!

بعد هذا هل تستطيع أن تهجو الديمقراطية؟ هل تستطيع أن ترفض ما يخرج من فتحتها الأخرى؟ هي الآن مقدسة، تمتلك شرعية السماء!

في السويد كتفصيل ديمقراطي يعملون بحق الندم، إذا اشتريت ثلاجة مثلاً، واكتشفت أنها تسخن الماء لا تبرده، أو حتى إذا وجد أطفالك أن شكلها لا يعجبهم، فلك أن تعيدها إلى البائع، وتلغي الصفقة. لكن البعض لا يعطي حق الندم للشعوب، رغم إن الصفقة كبيرة ومصيرية! لا يحق للناس ان يلغوا بيعتهم مع مرسي والطالباني والمالكي، مع أن ثلاجتهم تسخن ولا تبرد، الحكام يرفضون أيضاً، يقولون لك: أما أن تموت أنت، أو نموت نحن! فأيهما تختار؟