المرة الأولى التي سمعت فيها بتحليل إغتصاب السبايا.. كانت بعد حرب العراق حين أفتى أحد الشيوخ علنا بأن كل من يأسر مجندة أميركية فله حق الإستمتاع الجنسي معها.. و تصبح حلالا له.. يستعملها كما يشاء... أي تحليل شرعي لجريمة إغتصاب!

بعدها بدأت بالتقصي عن الحقائق الدينية خاصة في هذا الموضوع.. ووجدت الكثير من المعلومات التي وفي كثير من الأحيان تعارض بعضها بعضا.. ولكنها تتفق في موضوع الجواري والسبايا بالحق في الإستمتاع بهن..

قد أستطيع تفهم هذا الأمر في القرون الغابرة حين كانت المرأة بحاجة إلى rsquo;معيل بعد قتل جميع رجال عائلتها وهو الأمر الذي قام به معتنقي كل الديانات.. ولكن وفي القرن الحادي والعشرين.. وفي ظل وجود قوانين عالمية rsquo;تبين كيفية التعامل مع الأسرى وحقوق المواطنة للأقليات.. فإن أي تحليل لهذا الإغتصاب ليس سوى جريمة حرب..

وبالتالي راعني قراءة خبر الفتوى التي صدرت عن الشيخ السلفي الأردني ياسر العجلوني.. أجاز فيها للمسلمين الذين يحاربون النظام الأسدي إعتقال وممارسة الجنس مع جميع النساء غير السنيات..

هذه الفتوى تؤكد نظرة متدنية للمرأة بغض النظر عن المذهب أو الدين الذي تؤمن به.. ولا تقل خطورة عن فتوى الشيخ السعودي العريفي.. بجهاد المناكحة..
ولكن خطورة كلتا الفتوتين. تتعدى النظرة الدونية للمرأة.. فالأولى تحض المرأة العربية المسلمة على الدعارة وعدم إحترام جسدها.. والثانية ليست سوى تحريضا علنيا على كل إمرأة..

ولكن ما يزيد الطين بله..أن فتوى العجلوني تفتح بابا واسعا للتاويل فيمن تستهدف.. وبالتأكيد ومع تدفق الجهاديين في كل المنطقة العربية.. والذين يكفّرون كل من هو غير مسلم سواء كتن رجلا أم إمرأة.. ومع إعتقادهم بأنهم جند الله ورسوله لنشر الدعوة الإسلامية.. وإخراج كل غير المسلمين من المنطقة العربية تمهيدا للحكم الإسلامي فبالتأكيد أن إستهدافهم الأول سيكون لأي إمرأة غير مسلمة وتحليلها كما في القرون الغابرة.. لأنهم يعيشون في القرون الغابرة..

إن وجود تقارير تتحدث عن تعرض سيدات وفتيات في مجتمعات مسيحية للإغتصاب بناء على تلك الفتوى.. التي فتحت الباب لزيادة التأويل في من تستهدف !!
وهو ما أكده المتحدث بإسم كريستيان كونسيرن.. بأن هذه الفتوى تأولت مع تدفق المتطرفين الإسلاميين والذين يعتبرون أي معتنق لديانة اخرى غير الإسلام.. كافر يحل قتله.. وتحل معة مجامعة المرأة الغير مسلمة على إعتبار انها كافرة..

كل هذه الفتاوي.. جعلت المجتمعات العربية مجتمعات فتاوي لا تنتمي إلى هذا القرن.. وغيّبت أي شكل من أشكال العقلانية. أو التفكير بالجريمة.. وليست سوى عار ووصمة على الأردن كدولة حامية للحريات.. وعلى الدين نفسة..

إن ما أفتاه هذا الشيخ العجلوني حتى وإن تراجع عنه فإنه يفتح باب تحليل أي إمراة غير مسلمة سواء من المسيحيات في سوريا.. أم الأردن.. وحتى مصر..لأن فتاويهم تعبر الحدود.. يقع في خانة تحريض على الإعتداء لا حقا على السائحات في الأردن وغيرها من الدول العربية.. مما قد يعرض السياحة الأردينة لهزة كما في مصر.. وتونس.. وقطع أرزاق الآف العائلات..

إن غض النظر عن مثل هذه الفتوى.. كما حصل سابقا مع فتوى إختبار فحص العذرية لأحد الشيوخ الأردنيين قبل ما يقارب السنتين.. سيبقي الباب مفتوحا أمام هذا التفكير.. وفي أبسط النتائج سيبقي الإنسان العربي في متاهة وعرضة لإرتكاب مثل هذا الجرم.. فمع تزايد الكبت السياسي والإقتصادي.. والجنسي.. فلن أستغرب إنتشار مثل هذه الجرائم.

نعم يجب أن يحاكم كل من يصدر مثل هذه الفتاوي سواء كان في الأردن أو مصر أو سوريا وكل دولة من الدول العربية لكي يكون عبرة لغيره.. وإعتباره خارجا عن القانون الذي يؤكد مساواة الجميع.. وأن هذه الفتاوي تعمل على تجهيل الإنسان العربي.. وتجريمة بالإعتداء على الأقليات..
لن تخرج المنطقة العربية من ظلام الفكر إلا بفصل الدين عن الدولة.. والعمل على التوعية بالمواطنة.. وحقوق الإنسان..

منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية