بعد مجئ الثورة الإيرانية العام 1979التي أسقطت النظام الملكي وآخر ملوكها محمد رضا بهلوي ومجئ الخميني عائداً من باريس فى رحلة قضى أكثرها فى النجف لما يقرب من 14عاما.كانت القضية العراقية من

اهتمام المسؤولين الإيرانيين على أعلى المستويات من قيادتها ومراجعها فضلا عن التأثير الكبير وأهمية العراق وعمقه العربي والإسلامي والتاريخي والجغرافي.

كان مكتب حركات التحرر، المتأسس في إيران بمدينة قم لتصدير ما سمى بثورتها الإسلامية والتابع للشيخ حسين على المنتظري، فيه فرع مكتب العراق، الذى سيطر عليه وعلى الإذاعة آنذاك الخط الكربلائي التابع للمرجع محمد الشيرازي ومنظمة العمل الإسلامي للمدرسي.لقد ضُرِبَ هذا الخط كليا بعد أفول أمرين :أولا المنتظري واتهام أتباعه بقضايا عديدة لإزاحته من خلافة ولى الفقيه، وثانيا أفول محمد الشيرازي الذى بات تحت الإقامة الجبرية في إيران لمعارضته ولاية الفقيه وطرحه شورى الفقهاء بديلا عنها، كما حصل أيضا لمراجع آخرين خالفوا ولاية الفقيه مثل شريعتمداري والقمي والروحاني والمامقاني والخاقاني والكركي وكل من يعترض على ولى الفقي.

جاء محمد باقر الحكيم إلى إيران عن طريق سوريا وحصل على دعم كبير.

استطاع الإيرانيون الاستفادة من الحكيم في مواقع كثيرة ومشهودة خصوصا للانفتاح على العرب؛ وفى المؤتمرات والبعثات الدولية وفى الحرب العراقية الإيرانية فلم يؤيد إيران من الدول العربية سوى سورية البعث لانشقاق البعث نفسه إلى اليسار واليمين، العراق وسوريا فضلا عن قذافي ليبيا الذى دعم الإيرانيين حتى أيام الحرب الإيرانية -العراقية التي دامت ثمان سنوات مضنية.

بعد مكتب العراق ثم تأسيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية فى العراق بطهران فى 17تشرين الثاني العام 1982وأخذ بناية فى شارع فردوسي بقلب طهران، وبرعاية مباشرة من أجهزة المخابرات الإيرانية بأشراف جهاز إيراني يسمى بشتباني، فضلا عن تمثيل ولاية الفقيه بالسلطة العليا الإيرانية، فكان يمثله مرارا ويترأس جلسات المجلس، على خامنئي نفسه ولى الفقيه المعاصر، الذى عيّنه الخميني لتمثيله في المجلس، ويكون حلقة الوصل بين المجلس والسلطة العليا المطلقة الخميني.

علما أن العراقيين كانوا من الشيعة والكثير منهم إما كان مهاجرا أو مهجّرا من العراق، وكانت محنة كبيرة وعظيمة لآلاف العراقيين في دولة تدعى الإسلام بينما تطبق أعلى أنواع العنف والدكتاتورية والعنصرية والبعد عن حقوق الإنسان.

كان حزب الدعوة يمتلك معسكر الأهواز وقوات باسم quot;الشهيد الصدرquot;، وجريدة quot;الجهادquot;، أما الحكيم فقد فتح مكتب باسم quot;الشهيد الصدرquot; أيضاً وجريدة quot;لواء الصدرquot;، فضلا عن تأسيس لواء quot;بدرquot; واسمه الحقيقي quot;سباه 9 بدرquot;، وإدخال الأسرى العراقيين فيه كمقاتلين للخروج من جحيم الأسر والتعذيب والإذلال.

كانت قيادات المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، الأولى هي إيرانية صرفة كاملا برئاسة محمود الهاشمي الشاهرودي، رئيس القضاء الأعلى فى دورتين متلاحقتين، ثم على أكبر الحائري صهر على المشكيني، رئيس مجلس الخبراء، وكان الحكيم ناطقا رسميا في دوراته الأولى ولا يمتلك القرار المهم، فقد كان المجلس يضم وقتها الحكيم والدعوة ومنظمة العمل الإسلامي وتيارات أخرى. أرادت بعض قيادات الدعوة استلام رئاسة المجلس بوجود شخصيات إيرانية الجنسية والهوى مثل كاظم الحائري ومحمد مهدى الآصفي ومرتضى العسكري لكن الخميني رأى الحكيم أقرب إليه.

شيئا فشيئا بدأ الحكيم يتولى رئاسة المجلس بعد عدة دورات، ويجلب مؤيديه مثل أبى على المولى التركماني، وصدر الدين القبانجي وعبد العزيز الحكيم وهمام حمودي وسامى البدرى ومحمد الحيدري وأبو ميثم الخفاجي للاستحواذ على المجلس تماما، مبعدا التنظيمات الإسلامية الباقية، مما أدى إلى خروج الكثير من التيارات الأخرى فضلا عما أشيع حول الشيرازيين وحزب الدعوة آنذاك، وعندها بدأ المجلس يصير حكيميا بامتياز مما جعل الآخرين من أحزاب الإسلام السياسي يفر من إيران إلى سوريا ولندن وغيرهما.

كان الحكيم والمجلس ممن يرفع عصا ولاية الفقيه، ليهدد من يخالفه الرأي بأنه من أعداء ولاية الفقيه ليجعلوه من أعداء الشيعة وولاية علي بن أبى طالب، فقد كانت السلطات الرسمية الإيرانية تستمع إليهم وتستأنس بهذه التهم، وتتفاعل معها مما حدا بآلاف مؤلفة تهرب من إيران بحثا عن حرية وكرامة وإنسانية.

هذا يذكرني بما فعله المجلس بإصدار الفتاوى بأنّ القائمة 555 هي قائمة ولاية على بن أبى طالب باعتبار أنها الآية الخامسة والخمسون من السورة الخامسة وهى آية الولاية، quot;إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعونquot;، وبتفسيرهم أن الآية نولت بحق الإمام علي، عندما أعطى خاتمه في ركوعه لذلك المسكين الداخل للمسجد والطالب للحاجة.

يعد المجلس الأعلى من أسوأ التيارات الشيعية المتعصبة والتى تحمل الولاء لإيران وهو يفسر الدعم الإيرانى لهم ليكون امبراطورية تستعملها إيران فى التبعية لها سواء فى الساحة العراقية، وأخيرا عندما وقف مع المالكى ضد إرادة الجميع بأوامر إيرانية محضة وغيرها أو الخارجية كما ظهر دعمهم لنظام الأسد.