تبدو quot;إسرائيلquot; ومن ورائها عدد من الدول العربية والإقليمية مهجوسة ببحث التداعيات المتوقعة للضربة الغربية التي تعتزم الولايات المتحدة القيام بها تجاه النظام السوري، فحجم الضربة وتوقيتها وطولها وتطوراتها كلها أمور تشغل بال جميع دول المنطقة بلا استثناء، مستدعية إجراءات عسكرية وأمنية استثنائية لا يمكن التقليل من أهميتها وحجمها، وبالذات مع احتمال وصول النار في هشيمها السوري إلى دول الجوار.
وسائل الإعلام الإسرائيلية باتت مهتمة ببحث ردود الفعل المتوقعة للكيان الإسرائيلي إزاء الضربة المتوقعة، لا سيما بعد صدور ردود فعل قوية من قبل أركان الحكومة بأنها سترد على أي احتمال توجيه ضربة إليها.
مشاركة جيش الاحتلال الإسرائيلي في العملية العسكرية المرتقبة ضد سوريا من عدمها في ظل تزايد التهديدات السورية والتحذيرات بضرب quot;إسرائيلquot; في حال تم مهاجمة النظام السوري عسكرياً، والمتوقع أن تقودها الولايات المتحدة أصبحت أقرب من أي وقت مضى، على الرغم من أن التقديرات الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن إقدام سوريا برد على quot;إسرائيل هو احتمال ضئيل، إلا أن الأخيرة تستعد لعدة سيناريوهات قد تتم خلال الأيام المقبلة.
سيناريوهات عدة تتداول في الإعلام الإسرائيلي، فأي هجوم سوري ضد quot;إسرائيلquot; سيمنحها الشرعية الدولية الرد والمشاركة الفعلية بضرب أهداف من شأنها أن تقضي على النظام السوري، مشيرة إلى أن الرد الإسرائيلي سيكون بمثابة فرصة سانحة للقضاء على ما تسميه محور الشر.
سيناريو آخر يتمثل في مهاجمة quot;إسرائيلquot; من قبل من تسميهم جماعات مسلحة في سوريا، وهذا السيناريو متمثل بقيام بعض الجماعات المسلحة الموجودة في سوريا والمؤيدة للنظام السوري بمهاجمة quot;إسرائيلquot; ببعض الصواريخ التي تمتلكها بهدف إشعال الحدود الشمالية سواء مع سوريا أو لبنان، في حين سينأى النظام السوري بنفسه عن تلك الجماعات. ويرى الجيش الإسرائيلي أن اهتزاز مكانة هذه الجماعات مؤخراص سوف يساعده على تنفيذ ضربة قاصمة لها في ظل تأييد شعبي عربي، وتراجع شعبيتها التقليدية.
قيام حزب الله بالاستمرار في محاولة نقل أسلحة إستراتيجية من الأراضي السورية إلى لبنان، أحد الخيارات التي يرى الإعلام الإسرائيلي أنها سوف تعطي ذريعة أخرى له لشن هجمة جوية أو عسكرية، ومن المتوقع أن تتم تلك المحاولات خلال الهجوم الأمريكي المتوقع على سوريا، وفي ذات السياق، فإن وزير الجيش الإسرائيلي quot;موشيه يعالون صرح بأن في حال قام حزب الله بنقل أسلحة معقدة إلى لبنان، فإنه بذلك قد تجاوز الخطوط الحمراء التي quot;إسرائيلquot; لن توافق عليها بأي ثمن ممكن.
في الآونة الأخيرة قامت المنظومة الدفاعية في الجيش الإسرائيلي بنشر 3 بطاريات أنظمة دفاعية، واحدة بطارية قبة حديدية وأخرى أنظمة صواريخ باتريوت واثنتين لاعتراض صواريخ حيتس والمخصصة لاعتراض صواريخ بعيدة المدى، كما تم رفع حالة التأهب القصوى في صفوف الجيش الإسرائيلي، وتوجه الآلاف من الإسرائيليين إلى مراكز توزيع الكمامات الواقية، إلا أن احتمال إطلاق صواريخ كيماوية على quot;إسرائيلquot; ضئيل جداً لكن لا يمكن استبعاده. وفي حال تم هذا السيناريو، فإنه من المتوقع أن يقوم الجيش الإسرائيلي بالهجوم بكل قوته على سوريا.
سيناريو الصمت وعدم التدخل أو القيام بأي عمل عسكري، يشابه ما حصل في حرب الخليج الثانية عندما قام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين حينها بإطلاق صواريخ سكود على quot;إسرائيلquot; باعتبارها الحليف الأول لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط. وطالبت الولايات المتحدة في وقتها رئيس الحكومة الإسرائيلي quot;اسحاق شاميرquot; بعدم الرد على صدام حسين وذلك لعدم المساس بالائتلاف الواسع الذي عملت الإدارة الأمريكية في حينها من أجل بلورته. اللافت للنظر هنا أنه ليس هناك أنباء تتحدث عن طلب أمريكي مشابه من quot;إسرائيلquot; بعدم الرد، وعلى الرغم من ذلك إلا أن تصريحات أمريكية طالبت quot;إسرائيل الالتزام بالصمت حتى لو تم ضربها جزئياً.
سيناريوهات عدة تتحسب لها quot;غسرائيلquot; ولا تستبعد في هذا السياق إطلاق صواريخ عليها من قطاع غزة، لكنها ترى أن الفلسطينيين سوف ينأون بنفسهم عن المشاركة في أي عمل عدائي ضدها، بسبب مخاطر هذه الخطوة في ظل الظروف الراهنة، فيما تعول quot;إسرائيلquot; على الحراك الأمريكي وما حجم التوافق الدولي على المشاركة في الضربة العسكرية المقبلة، وعلى توقعات عدم الرد السوري وسوابقه في الماضي، وهي أمور قد تجعل من الحسابات الإسرائيلية رهينة حسابات الغير والآخرين.. لا رهن إشارتها وإرادتها هين كما اعتادت سابقاً.



... كاتب وباحث