لنوجز بإختصار شديد ما نحن بصدده من النقاط التالية!!..
bull; بعد انهيار الدولة العثمانية.. تم بسط النفوذ البريطاني والفرنسي على مساحات كبيرة من الوطن العربي!!..
وأُجهضت محاولة إحياء الدولة العربية الكبرى بقيادة الأسرة الهاشمية، لولا أن الانجليز قد فتحوا لهم ثغرةً في الأردن والعراق.
bull; ومنذ ما قبل القرن الماضي بسنوات، ظهرت إرهاصات إصلاحية يقودها إصلاحيون، كانت منطلقاتهم دينية.
وفي مطلع القرن العشرين تبلورت أفكار بعض الليبرالين من دعاة القومية كالحصري، وزريق، وغيرهما، ليمتد هذا التيار نحو استقطاب أعداد من المثقفين ممن يطمحون الى الارتقاء بوطنهم وبأمتهم العربية، كي تلحق بالركب الحضاري.
.. فكان أن تأسست العديد من الأحزاب ذات التوجهات الوطنية، والقومية، الى جانب بعض الجمعيات الدينية، وقد أفرزت هذه الأحزاب والجمعيات رموزاً نالت من الشهرة لما عُرفت به من قوة الشكيمة والاخلاص للوطن.
bull; لم تقف الدول المستعمرة حيال ذلك مكتوفة الأيدي، فعملت على شراء الذمم، واستطاعت أن تؤسس لها أذناباً وأعواناً من مختلف الشرائح، وبالذات ممن قد انخرطوا في العمل السياسي والحزبي، بل ومن الحكام الذين عملوا على تنصيبهم، أو من الحكام الذين جعلوهم ألعوبة في أيديهم، ناهيك عن جحافل الانتهازيين وضعاف النفوس!!.. فتلوثت الحياة السياسية، مما مهد لقيام الكيان الصهيوني، رغم المحاولات الشكلية التي قام بها العرب في المواجهات العسكرية عام 1948، إلا أنهم كانوا أعجز من أن يحققوا نصراً يُذكر.
bull; ثم بدأت مرحلة هزائم ما بعد وجود الكيان الصهيوني!!.. والحديث عنها يطول.. ولكن بعد أن إطمئن الاستعمار الى أن اسرائيل أصبحت كفيلة بتحقيق الأهداف التي كان يسعى الى تحقيقها، فكان لابد من إتمام مسرحية استقلال الدول العربية من الاستعمار وإنهاء الاحتلال!!..
فطُبخت الانقلابات العسكرية في مطبخ الدول الاستعمارية نفسها!!.. بعضها بصورة مباشرة والبعض الآخر تم بأساليب وطنية المظهر، ولكنها خبيثة الجوهر!!..
bull; وما أن مرت عقود قليلة على ما بعد منتصف القرن الماضي، حتى غدا العرب يُحكَمون من قِبل قادةٍ جُلهم من أبناء الوطن العربي!!.. وهنا دخلت الأمة العربية في مرحلة جديدة من الظلم، والعسف، والجور، لم تكن قد عهدتها في العقود الاستعمارية السابقة!!.. بل إن المواطن العربي صار يترحم على أيام الاستعمار الانجليزي والفرنسي، بعد أن صار كل اهتمام الحكام الجدد الاستحواذ على مقدرات الشعوب!!.. وإذا بمن كانوا ينادون بحقوق الفقراء والبسطاء، وبالحريات، وبالعدالة الاجتماعية، وبالديمقراطية، هم أول المتصدين لكل من ينادي بهذه القيم!!.. حتى عجت السجون والمعتقلات بالمواطنين، وأُزهقت الأرواح، وشُرِّد الملايين من أوطانهم، بعد أن مورست بحق الانسان العربي أبشع وأعتى أنواع البطش المهين للكرامة الانسانية!!..
bull; ولنعطي لمحة صغيرة على آخر أوضاع حُكام ما بعد الاستعمار.. حكامنا الجدد، لنعطي لمحة عن أوضاعهم الاقتصادية!!..
* معظم صفقات الاقتصاد السوداني الخارجية، قد توارثت بعد النميري، لصالح شقيق حسن البشير، وهو (ملياردير)!!..
* يتم اقتسام الامتيازات المالية من أرباح الجزائر ما بين المؤسسة العسكرية وشقيق بوتفليقة وهو (ملياردير)!!..
* ثروات تونس كانت حكراً على أشقاء زوجة الرئيس التونسي ومعظمهم (مليارديرات)!!..
* أرباح نفط ليبيا لأربعين سنة كان يتحكم فيها القذافي مع أزلامه وأولاده الذين قُدرت ثرواتهم (بالمليارات)!!..
* صدام حسين وأسرته وأعوانه، كانوا يتحكمون بثروة العراق، ولازالت أسرته تنعم (بالمليارات)!!.. بل إن حكام العراق الجدد أماطوا اللثام عن وجهٍ أكثر قُبحاً من وجه صدام!!.. وحتى الآن ينهشون وينهبون حق أهل العراق وأكثرهم قد (تمليروا)!!..
* علاء مبارك، وجمال مبارك، وأمهما، ناهيك عن أبيهما، قد جعلوا من مصر عزبة لهم ولأعضاء حزبهم، ممن صار الواحد منهم لا يقبل بأقل من لقب (ملياردير)!!.. أمثال : هشام طلعت، وعز!!..
* علي عبد الله صالح.. كانت خسائره عند الأزمة الاقتصادية تُقدر (بالمليارات)!!.. فكم يملك هو وأفراد أسرته ورؤساء قبيلته؟!.. بل إن المناضل البلوروتاري ndash; نائبه ndash; الذي كان مستقيلاً.. صرف الملايين من الدولارات على حفل زواج ابنته التي تزوجت من مطرب لبناني!!..
* أما الحديث عن آل مخلوف، وهم أخوال العائلة السورية الحاكمة وما يملكون من (مليارات)، فإنه حديث ذو شجون مأساوية!!..
هذه مجرد عينات مختصرة من حُكامنا العرب الجدد الذين حكموا بعد الاستعمار!!..
* وبالطبع فإن الحديث عن كوارث إهدار أموال الشعوب عند الحكام الآخرين ممن قُدِّر لهم الاستيلاء على موارد هذا الوطن وكيفية إهداره سوف يضعنا أمام حقائق مذهلة إذا ما قورنت بما فعله الحكام الجدد!!.. يكفي أن أذكر قصة حاكم إبتُلي بمرض المقامرة، فكان يذهب الى جنوب أفريقيا، ليقامر هناك، وفي إحدى المرات تم الحجز على طائرته الملكية الخاصة حتى يسدد خسارته!!..
bull; كل هذا يحدث بينما عشرات الآلاف من المواطنين المصريين يعيشون في المقابر!!.. والفقر، والجهل، والأمية، تضرب أطنابها في أغلب البلدان العربية!!..
bull; فكان لابد لحتمية الأقدار من أن تضع حداً لهذه التراجيديا المأساوية!!..
.. فقص البوعزيزي شريط التمرد بحرق نفسه!!.. وإذا بالبراكين تتفجر هنا وهناك في مختلف أرجاء الوطن العربي، لتُطيح برؤوس الطغاة واحداً تلو الآخر!!..
ولازال تسونامي الشارع العربي يمور ويغلي بالمقدمات الاعتيادية التي مرت بها أغلب الثورات الانسانية على امتداد التاريخ، وفي عدة مناطق من بقاع الأرض.
bull; ولم تعد هناك أهمية للحكام!!.. فتساوى وجودهم من عدمه، بدليل أن رئيس العراق منذ أشهر في العناية المركزة!!..
رئيس الجزائر صار زبوناً دائماً للمستشفيات الفرنسية!!..
رئيس مصر مؤقت!!..
رئيس تونس مؤقت!!..
رئيس اليمن مؤقت!!..
بقية العديد من الرؤساء كلهم على كف عفريت الشعوب!!..
bull; والسؤال الهام.. هل جاء عصر الشعوب؟؟!..
أجيب : نعم.. إنه عصر كسر حاجز الخوف!!.. إنه عصر الحرية، والعدالة، والديمقراطية.. ولكن لابد من دفع الثمن الباهظ الذي دفعته كل الشعوب وهي تنعم الآن في أجواء من الحرية، والعدالة، والديمقراطية!!.. لأنها طهرت نفسها من كل الديكتاتوريات ومن شوائب التخلف الموروث، واحترمت آدمية الانسان، بغض النظر عن دينه، ولونه، وعرقه، ولسانه!!.. وإنه ليومٌ قريب!!..