تراجعت إحتمالات الضربة الغربية على سوريا وإتسعت آفاق الحلول السلمية، فالمبادرة الروسية الذكية التي أسقطت الذرائع الغربية بالعدوان ورمت بطوق النجاة ليس للقيادة السورية فحسب بل حتى للإدارة الأمريكية التي حفظت ماء وجهها وسمحت للرئيس الأمريكي السيد أوباما من النزول من على الشجرة التي تسلقها بخطوطه الحمراء والتي لم يتوقع إن خطوطه هذه إنما هي قيود كبل بها نفسه الى أن أتته المبادرة الروسية التي رمت له بسلالام النجاة فنزل آمنآ، فالولايات المتحدة تعرف جيدآ إن العمل العسكري المنفرد الذي لا يحظى بغطاء دولي تكون عواقبه على المدىالبعيد وخيمة فهي عجزت حتى عن حشد الحلفاء، فها هي بريطانيا الحليف القوي للولايات المتحدة رفضت المشاركة في الحرب المحتملة على سوريا عندما قرر مجلس عمومها بغالبية أعضاءه عدم الخوض في مثل هكذا مغامرات مكلفة مما أصاب الإدارة الأمريكية في مقتل، علاوة على إعتراض غالبية دول الإتحاد الأوربي القلقة أصلآ من تنامي نفوذ القاعدة في سوريا على شن أي عمل عسكري ضد هذا البلد ممكن أن يؤدي الى إختلال في التوازن لصالح تلك الجماعات المتطرفة، والأهم من كل ذلك إن الإدارة الأمريكية على دراية تامة أن سوريا ليست العراق ولا أفغانستان فهي جزء من محور لهأذرع وشبكات موزعة ومنظمة تنظيمآ جيدآ، والصراع فيها أصبح وكما تشير كل المعطيات الى أن ينحو منحآ طائفيآ، بعد دخول عصابات القاعدة التي أصبحت قوة المعارضة الرئيسية التي تقاتل القوات السورية ومجازرها الرهيبة التي إرتكبتها بحق باقي أقليات المجتمع السوري، لذلك بات من الصعب والعسير على أية دولة أو قوة خارجية لها ثقلها على مسرح الأحداث في العالم أن تنحاز بشكل سافر ومباشر الى جبهة المعارضة التي أصبح عمادها كما أسلفنا التنظيمات الإسلامية المتطرفة، ومع هذا ما زات الولايات المتحدة تكابر وتنظر الى تفوقها العسكري على إنه ضرورة لأثباتهيمنتها على العالم، رغم مشاكلها في العراق وأفغانستان وكوارثها الإقتصادية نتيجة لمغامراتها التي أدت الى إفلاس العديد من بنوكها وشركاتها العملاقة فدينها العام فاق ال 14 ترليون دولار أمريكي.

إن موافقة الحكومة السورية على المبادرة الروسية كان لها أثر بالغ على نزع فتيل الأزمة وإبعاد شبح العدوان أو تأجيله وإعطاء روسيا مساحة للعمل والمناورة، والإتفاق الذي جرى مؤخرآ بين كيري _ لافروف حول كيفية إرسال المفتشين الدوليين الى سوريا وأسس عملهم للوصول الى ترسانة السلاح الكيميائي السوري الذي أصبح عبئآ على سوريا ولم يعد سلاحآ سيتراتيجيآ بالمعنى المطلوب اليوم ووضعه تحت المراقبة الدولية أو تدميره وإتفاق الوزيرين أيضآ على عقد مؤتمر جنيف 2 الذي من المؤمل أن تحضره كافة الأطراف السورية المتنازعة من معارضة وحكومة بإستثناء بعضالتنظيمات المتطرفة، كل تلك التطورات قد أصابت مروجي العدوان، والمحرضين عليه،والمطبلين له،بخيبة أمل كبيرةولم يبقى إلا أن تعرف المعارضة السورية إن لا حل عسكري للأزمة ولم يبقى أمام هذه المعارضة ونقصد بها المعارضة الوطنية السورية إلا خيارين لا ثالث لهما، فأما خيار الجلوس الى طاولة مفاوضات وحوار للوصول الى قناعات توافقية ترضي الطرفين ومنها إقتراح تشكيل حكومة تمثل جميع السوريين ولها كافة الصلاحيات تهيأ لإنتخابات مقبلة، وهذا المسعى يحظى بقبول وتأييد كثير من دول العالم، أو خيار الإصرار على مواصلة القتال وسفك مزيدآ من الدماء،وهذا سوف يؤدي لا محالة في مرحلة لاحقة الى تقسيم سوريا، حيث الأكراد سوف يذهبون بمناطقهم شرقآ، وقسم آخر سوف يعانيصراعآ بينالتنظيمات المتقاتلة حيث تتقاطع أجنداتها وأيدلوجياتها تقاطعآ شديدآ، وقسم آخر سوف يبقى تحت سيطرة النظام وهو المرجح أن يكون القسم الأفضل والأهدأ، والأكثر إستقرارآ وأمانآ،، ولكم أن تختاروا.