يتوجه يوم السبت الموافق 21/9 من الشهر الجاري الناخبون في اقليم كردستان لانتخاب برلمانهم المكون من (100) مقعد زائد (11) مقعدا للكوتا موزعة بواقع ( 5 مقاعد ) للمسيحيين و (5 مقاعد ) للتركمان ومقعد واحـد للأرمـن. وقد كشفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن ان الذين يحق لهم المشاركة في هذه الانتخابات يبلغ مليونين و803 آلاف ناخب.

وطبقا لأرقام المفوضية فان الناخبين يتوزعون في محافظات الاقليم على مليون و195 ألف ناخب في محافظة السليمانية، و991 ألف ناخب في محافظة أربيل، و615 ألف ناخب في محافظة دهوك ويتنافس خلالها(1129 ) مرشحا في (31) كياناً سياسياً كردياً للفوز بمقاعد البرلمان.واشار رئيس مكتب المفوضية في اربيل هندرين محمد الى ان هناك ألفا و300 مركز انتخابي موزعة على محافظات ومناطق كردستان، وسبعة آلاف محطة انتخابية ستفتح في عموم المناطق، إلى جانب 150 مركزا انتخابيا للتصويت الخاص الذي يسبق الاقتراع العام بيومين.

ومن الجدير بالملاحظة انه وفقاً لقانون الانتخابات في الاقليم، فان الاقليم يعد دائرة انتخابية واحدة، وتقسم المقاعد على عدد الاصوات الصحيحة على مستوى الاقليم مقسومة على العدد الكلي للمقاعد.
اما اهم الكيانات المشاركة فهي كالاتي: الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود البارزاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني، وحركة كوران (تغيير) والتي يقودها نوشيروان مصطفى، وحزب الاتحاد الاسلامي الكردستاني والذي يرأسه محمد فرج، والجماعة الاسلامية الكردستانية التي يتزعمها علي بابير، وحزب المستقبل والذي يتزعمه قادر عزيز، كما ان هناك احزاب وقوى سياسية صغيرة اقل حظا في الانتخابات مثل ( كادحـي كردستان، الحزب الاشتراكي الكردستاني، الحزب الشيوعي الكردستاني و الحركة الاسلام).

وتقام الانتخابات في كردستان في بيئة مستقرة امنيا، واوضاع اقتصادية جيدة نسبيا بالمقارنة مع باقي محافظات العراق، لكن البيئة الانتخابية تواجه تحدي كبير يمثل في مدى القدرة على ضمان نزاهتها، وهذا ما اعلنته المفوضية العراقية العليا المستقلة للانتخابات في بيان لها، قالت فيه ان هناك quot;تحدياً كبيراًquot; بشأن ضمان نزاهة انتخابات برلمان منطقة كردستان العراقية، مبينة أن التحدي يتمثل بقانون انتخابات برلمان المنطقة الذي يشترط تعيين موظفي مراكز الاقتراع من الكيانات السياسية. حيث ان quot;المادة الثامنة من قانون انتخاب برلمان منطقة كردستان رقم (1) لسنة 1992 المعدل، يلزم المفوضية بتعيين موظفي مراكز الاقتراع من ممثلي الكيانات السياسية، وهو ما يفقد المفوضية استقلاليتهاquot;، ومن الصعب السيطرة على هذه الشريحة من الموظفين من قبل المفوضية، وبالتالي سيؤثر ذلك سلباً على نزاهة إجراء الانتخابات.

اما على المستوى السياسي فان هناك حراكا سياسيا هائلا ترافقه عملية تحول اجتماعي لم يحظ باهتمام كبير من قبل الباحثين حتى الاكراد انفسهم، وهذا يعود بطبيعته إلى ان النخب الاكاديمية والسياسية في مجتمعاتنا لا تولي اهمية كبيرة للظاهرة الاجتماعية، على الرغم من انها احد اهم الظواهر التي تتحكم بمسار الظاهرة السياسية، وهم ظاهرة في اقليم كردستان هو صعود دور الطبقة الوسطى داخل المجتمع الكردستاني.

فالانتخابات تقام وسط انفراط عقد التحالف بين حزبي الاتحاد الكردستاني وحزب والحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث تم الاتفاق على الدخول كل منهما بقائمة منفردة، وعلى ما يبدو ان هذا الاختيار يعود بالدرجة الاساس الى خيار من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني اكثر مما هو خيار حزب الاتحاد الوطني، لان الحزب الديمقراطي الكردستاني بدخوله بقائمة منفردة سيوفر له قدرة كبيرة على المناورة في تحالفاته القادمة، لاسيما مع حركة التغيير، لان الحزب يعتقد انه من الصعوبة بمكان اقامة التحالف مع كوران بوجود هذا التحالف، وبالتالي فان يعتقد انه تخلص من عبء هذا التحالف.

العامل الآخر المؤثر في هذه الانتخابات هو غياب الرئيس جلال الطالباني، وهذا ما يقلل بصورة كبيرة حظوظ حزب الاتحاد الكردستاني، مع صعود أفق حركة التغيير بزعمة مصطفى نوشيران وهي الحركة التي انشقت اساسا عن حزب الاتحاد، واتخذت من مكافحة الفساد ورغبتها في التغيير شعارا لها، مما اكسبها تعاطفا شعبيا وبدأ نفوذها يزداد داخل الاطراف المؤيدة لحزب الاتحاد الكردستاني كجماعات وافراد، وهذا ما اتضح في الانتخابات التشريعية عام 2010، وسيتضح على نحو كبير في هذه الانتخابات، وربما ستكون حركة التغيير هي القوة الرئيسية الثانية بعد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود البارزاني، ومن المتوقع ان الحزب الديمقراطي سيحصل على المركز الاول، وهو اكثر القوى السياسية فاعلية، وتستند هذه الفاعلية، الى شخصية مسعود البرزاني وعائلته المؤثرة في الحياة السياسية، وعلى فكرة quot;الاحتكار النضاليquot;، وكذلك على عدة منجزات تتعلق بالحقوق الكردية وبالأمن والاقتصاد والفاعلية الاقليمية والدولية، لكن لا يعني ان هذا الحزب يخرج عن الحراك الذي يعتمل داخل الساحة الكردية، فهناك اجنحة تتنافس وتتصارع احيانا داخل الحزب واهمها جناح مسرور البارزاني ابن مسعود البارزاني وجناح نيجيرفان بارزاني ابن اخ مسعود البارزاني، ولاشك ان الايام المقبلة ستشهد تصاعدا للتنافس الى ان يتم الانتصار لجناح على حساب جناح وهي سنة اخذت عليها جميع الاحزاب في دول العالم الثالث، يضاف الى ذلك انه يؤخذ على الحزب انه حزب ذو قيادة عائلية، وان العائلة هي التي تتحكم بالحزب، وبتدفقات الثروة والاستتثمار وبالتالي فان الاطار الديمقراطي يتوقف عند مناقشة هذه المسألة، لان تداول مثل هذه الامور هي من الامور المحرمة وقد تعرض المتصدي لها الى عواقب وخيمة.

اما القوة الرابعة التي يحسب لها حسابا مهما، هي القوى الاسلامية المتمثلة بـ (حزب الاتحاد الاسلامي الكردستاني والذي يرأسه محمد فرج، والجماعة الاسلامية الكردستانية التي يتزعمها علي بابير وكذلك حزب الحركة الاسلامي بزعامة الملا صادق على عبدالعزيز)، ولاشك ان هذه القوى تحاول الاستفادة من زخم صعود الاسلام السياسي في المنطقة لكسب مقاعد افضل من الانتخابات القادمة.

اما الاحزاب الاخرى فحظوظها لا تبدو كبيرة، وافضل توقع لها هو (3) مقاعد او اقل، وبالتالي فان التنافس الحقيقي سينحصر بين القوى الاربع الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير وحزب الاتحاد الكردستاني، والتيار الاسلامي (حزب الاتحاد الاسلامي الكردستاني، والجماعة الاسلامية الكردستانية التي يتزعمها علي بابير وكذلك حزب الحركة الاسلامي.

صفوة القول، ان المفاجآت لن تكون حاضرة بقوة، والاحتمال الاكبر وفقا للمعطيات السياسية والبيئة الانتخابية هو فوز الحزب الديمقراطي الكردستاني بالمركز الاول، والتغيير على المركز الثاني والاتحاد الكردستاني على المركز الثالث، والتيار الاسلامي على المركز الرابع وربما وان كان غير مرجح لكنه غير مستبعد انه لو جمعنا مقاعد التيار الاسلامي بتشكيلاته المختلفة لربما يأتي في المركز الثالث.