اعتقد وبكل تأكيد بأنه لا يوجد لله أعداء. لأن وجود أعداء لله لا يتوافق مع قدرة الله المطلقة وجبروته التام..... فمن غير المعقول أن يخلق الله لنفسه أعداء يحاربونه وهو القادر على كل شيء ويستطيع سحقهم قبل أن يوجدوا....حتى الشيطان بكل ما له من سلطان لا يمكن أن يكون عدواً لله وإلا فما ابقاه الله موجودا ولو للحظة واحدة.

علاوة على ذلك فالله تبارك اسمه في عرف المؤمنين لا يعادي احدا من خليقته ولا يظلم احدا بل يحب خليقته ويعطف عليها ويرفق بها ويحنو عليها ومن المنطقي ان ترد له خليقته الجميل حبا واحتراما وعبادة. وبالتالي فالإنسان الذي خلقه الله بمحبته الفائقة كما يؤمن المؤمنون في جميع الأديان ابدا لن يكون عدوا لله. فالمؤمنون بالله يحبونه لأنه أحبهم أولاً.

فإذا قال احدهم أن الشر هو العدو اللدود لله ستكون الإجابة قطعا بالنفي المبين؛ فكيف يمكن للشر أن يكون عدوا لله وهو الذي سمح بوجوده؟ فالله تبارك اسمه لا يسمح بوجود أعداء له يدخلون معه في حروب؟؟؟

ولذلك تجد المؤمنين يفسرون سبب وجود قوى الشر على أنها حكمة الله في الكون للوصول إلى حالة التوازن بين قوى الطبيعة المرئية و غير المرئية وهذا وضع طبيعي تؤكده كل النظريات العلمية من وجود الأشياء وعكسها... فمفهوم الخير يقابله الشر، ومفهوم الحق يقابله الباطل، ومفهوم الجمال يقابله القبح، وهكذا.. وهذا التوازن بين وجود الأشياء وعكسها يعتبره المؤمنون مقبول لاختبار إرادة الإنسان الحر نحو الخير أو الشر ولكنه ليس المقياس المضبوط للحكم على تصرفات الإنسان وذلك لأن هذه المفاهيم نسبية ومتغيرة في عقل الإنسان وإن كانت ثابتة في ذاتها. فالحق مثلا مطلق عند الله ولكنه نسبي في عقل الإنسان ويختلف من إنسان لإنسان آخر اعتمادا على مستويات التربية والثقافة والبيئة وتأثير المفاهيم الدينية. فما يراه احدهم الحق يراه الآخر باطل وما يراه الآخر جمالا يراه غيره قبحا وهكذا. ولذلك نجد أن الأمم والشعوب كافة قد تعاونت فيما بينها للخروج من هذه الإشكالية واتفقت على وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي اعتمد كمرجعية عالمية وقاسم مشترك بين كل الأديان والثقافات.

في الحقيقة يمكن مما سبق أن نستنتج أنه لا يوجد لله أعداء ولكن يوجد للإنسانية أعداء. وأول عدو للإنسانية هو الإنسان ذاته عندما يرتكب الخطيئة. فخطيئة الإنسان عداوة لنفسه وعداوة للبشرية جمعاء لأن خطيئة الإنسان لا تؤذيه هو فقط بل وتؤذي البشرية جمعاء. فالخطيئة والتي هي انحراف عن المسار الصحيح للطبيعة الإنسانية تحمل عقابها في ذات فعلها.

ولعلك عزيزي تلاحظ بشاعة المأساة التي تعانيها البشرية من أولئك الذين تملكت عليهم قوى الشر فدفعتهم دفعا لمعاداة الحياة وقتل أنفسهم وقتل الناس (الخطاة بحسب اعتقاده) ونهب ممتلكاتهم وسلب حرياتهم وحرق دور عباداتهم. في الحقيقة إن كل الأفكار التي لا تتفق مع القيم الإنسانية والأخلاقية النبيلة للإنسان أو تعاندها أو تقاومها هي بمثابة عداوة للإنسان والإنسانية ويجب مقاومتها ومحاربتها بشتى الطرق والوسائل المناسبة.

في الواقع أن الإنسان الذي يؤمن بمثل هذه الأفكار الخاطئة أو يحرض علىها قد انهزم من ذاته فانتصرت عليه قوى الشر فصارا واحدا من ثلاث أو بعضهم أو كلهم. فإما أن يكون مخنثا فكريا أو مخطوفا ذهنيا أو مغيبا عقليا حتى بات يؤدي الفرض ويفسد في الأرض. إن هذا الإنسان المسكين البائس والمتعوس بحاجة إلى علاج من قبل مؤسسات الدولة ذات الصلة ومن مؤسسات المجتمع المدني القادرة. ويقترح بعضهم إنشاء دور رعاية وإعادة تأهيل لمثل هؤلاء الاشرار الذين تسببوا في نشر الفقر والتخلف والجهل بين عموم البسطاء من الأميين وأنصاف المتعلميين فتأخرت بذلك البلاد عن ركب التقدم والحضارة المعاصرة مئات السنين.

[email protected]