الاشارات و الايماءات الصادرة من طهران بإتجاه واشنطن، يبدو انها قد بدأت تستهوي الرئيس باراك اوباما، وان مجرد مراهنته عليها يعني انه قد بلع الطعم الذي قد أعده له آيات الله في طهران.
التصريح الاخير الذي أکد في الرئيس الامريکي بأنه ينوي إختبار جدية الرئيس الايراني، وانه سيضعه أمام الاختبار، يعتبر وفي هذا الوقت الحساس جدا الذي تمر به المنطقة، لايمکن إعتباره نقلة او تقدم للأمام کما قد يعتقد او يتصور اوباما وانما هو العودة للخلف و الدخول مجددا الى الدائرة المغلقة، کما أراده و يريده النظام الايراني.

التطورات و المستجدات التي طرأت على الاوضاع و الظروف في المنطقة، وإختلاط الاوراق التي کان النظام الايراني يلعب بها، جعلته في موقف لايحسد عليه ابدا، ولاسيما بعد أن صار محصورا في زاوية ضيقة لايمکنه اللعب و المناورة فيها کما کان عهده سابقا، وان المحاصر و المضطر قد يجدان نفسهما أمام خيارات محددة لامناص منها أبدا، ولذا فإن الليونة و المرونة التي لجأ النظام الايراني إليها ليست طيبة و لطفا و رقة نزلت عليه عليه فجأة من السماء، بل هي وليدة و نتاج الجرف الهار الذي بات هذا النظام يلجأ إليه رويدا رويدا.

إختبار جدية نوايا روحاني بخصوص الملف النووي و ملفات ساخنة أخرى قابلة للبحث و النقاش مع الامريکيين، يمکن إعتباره مجرد لهاث غير مجد و سعي خائب منذ البداية مع طرف لم يسبق له وان تخطى إختبار واحد فقط من کل تلك الاختبارات التي أجريت للنظام الايراني من قبل الغرب، والانکى من ذلك أن أهم و أکبر عراب قد ضحك على ذقون الغرب خاصة و المجتمع الدولي عامة هو روحاني بحد ذاته، هذا الذي تفاخر أمام أقرانه في طهران بأنه خدع الغرب و جعلهم يبدون کالاغبياء أمامه، وان النقطة الاهم من کل ذلك، أن رجال الدين في إيران لهم باع کبير في علم الکلام و اللف و الدوران و لاشك من أن روحاني الذي يعود مرة أخرى الى طاولة المفاوضات مع الغرب کعراب النظام، قد أعد في جعبته مايکفي من الالاعيب الجديدة للتمويه على الغرب و خداعه مجددا.

الرئيس الاسبق بيل کلينتون، والذي کان ينادي بسياسة الاحتواء المزدوج ضد العراق في عهد نظام الرئيس صدام حسين و ضد النظام الايراني، لکن الذي خلصت إليه هذه السياسة انها کانت موجهة ضد العراق فقط فيما جرى العکس تماما لکلينتون إذ انه و بدلا من أن يحتوي النظام الايراني، فإن ملالي طهران قد نجحوا في احتواءه و جعلوا منه جسرا للعبور الى المراحل التالية، وان المکاسب و المنجزات الکبيرة التي حققها نظام الملالي في إيران بفعل إحتوائهم لإدارة الرئيس کلينتون کانت کبيرة جدا بحيث مهدت لکي تجعل من هذا النظام قوة يخشى منها إقليميا، خصوصا بعدما قامت إدارة الرئيس کلينتون و إرضاءا للملالي و على أمل الوصول الى نتائج معهم، بوضع منظمة مجاهدي خلق ضمن قائمة الارهاب، وهو إجراء صدم الشعب الايراني و جعلهم يعتقدون بأن النظام قد صار أمرا واقعا بعد الاعتراف الامريکي بهم.

اليوم، وبعد مرور 15 عاما على الخطأ الکبير الذي لايغتفر لکلينتون مع النظام الايراني، يعود رئيسا أمريکيا من نفس الحزب(الديمقراطي)، ليقف على عتبة الوقوع في خطأ أکبر مع الملالي المراوغين، لکن خطورة خطأ هذه المرة يکمن في انه يأتي في وقت يعيش فيه النظام الايراني مرحلة يمکن تسميتها الهزيع الاخير من ليله الاخير وهو في إنتظارquot;قابض روحهquot;، وان اوباما الذي يبدو الان کالحيران و المتردد بين مناورات الدب الروسي و الملا الايراني، بحاجة ماسة جدا لأخذ کل حذره من هذا المطب الجديد الذي ينتظره!