تحول الولايات المتحدة (180 درجة) في ملف quot;الأزمة السوريةquot; لم يكن ممكنا بدون تحول (إيران) الدراماتيكي، أو قل المبادرة (الروسية ndash; الإيرانية) التي اتاحت فرصة ذهبية لكل من أمريكا وإيران (بتوسط بوتين) للتوصل إلي (حل) يحفظ ماء وجه الجميع في الملف النووي الإيراني أيضا! .. تسوية الأزمة النووية الإيرانية هي الهدف النهائي (والأول) علي أجندة السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط (يليه الصراع العربي ndash; الإسرائيلي)، وحسب quot; أوباما quot;: فإن الدبلوماسية التي (تلوح) بإستخدام القوة والتي أثمرت (مؤخرا) في التعامل مع دمشق، قد تصلح في التفاوض (الناجع) مع إيران الآن.
اللقاء المحتمل بين الرئيسين الأمريكي والإيراني على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنعقد في نيويورك الأسبوع القادم، يأتي في اطار ما اتفق عليه في quot; جنيف quot; كل من quot; سيرغي لافروف quot; وquot; جون كيري quot;، وهي أول بادرة (دبلوماسية) طيبة في أعقاب تخلي الولايات المتحدة عن تنفيذ ضربة عسكرية استعراضية (خاطفة) ضد سوريا.
مهندس هذه المبادرة من الجانب الإيراني هو quot; تريتا بارسي quot; أستاذ العلاقات الدولية في جامعة quot;جون هوبكينزquot;، ورئيس منظمة المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، وصاحب كتاب: (التحالف الغادر، أسرار العلاقات بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة)، quot; بارسي quot; من أقطاب quot; البرجماتية quot; السياسية التي تتوافق مع نهج الرئيس quot; حسن روحانيquot; (المرن) وتتعارض مع سلفه المتشدد quot; أحمدي نجاد، وهو يري بأن الضرر الذي لحق بإيران من جراء العقوبات الاقتصادية يتجاوز أية منافع في المستقبل (إن وجدت !) .. فقد انخفضت صادرات النفط الإيراني (المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة) السنة الماضية مرتين. وحسب الخبراء فإن الخسائر الإيرانية تجاوزت 35 مليار دولار سنويا مما أدي إلي ارتفاع نسبة البطالة وتقلص الإنتاج وتراجع دور إيران الإقليمي في المنطقة، ناهيك عن عزلتها الدولية.
quot; روحاني quot; جاد بالفعل في (تسوية المشكلة) والخروج بإيران من هذه العزلة السياسية والاقتصادية، وهو أول رئيس إيراني يعلن صراحة: إن انتخابه منح كافة الأطراف المعنية quot;امكانية وفترة زمنية (قصيرة) لتسوية المشكلة النوويةquot;، رغم تأكيده علي حق ايران في تخصيب اليورانيوم، ضمن اطار الاتفاقيات الدولية وتحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
قبل ثلاثة أسابيع كتبت مقالا في إيلاف بعنوان quot; إيران الرابح الأكبر quot; http://www.elaph.com/Web/opinion/2013/8/832355.html
تزامن مع تسلم الرئيس الإيراني (الجديد) روحاني (خطاب أوباما) الذي لم يفصح عن مضمونه وقتئذ، ووعد فيه الرئيس الأمريكي بإعفاء طهران من العقوبات لو أبدت استعدادا للتعاون مع المجتمع الدولى، والحفاظ على التزاماتها وإزالة الغموض بشأن برنامجها النووي. ويبدو أن تفاصيل هذا الخطاب وهوامشه سوف تناقش في اللقاء التاريخي المزمع عقده بين الرئيسين، الفيصل في هذا اللقاء ليست الابتسامات أمام الكاميرات ولا حميمية السلامات، وإنما (تطابق الأقوال مع الأفعال) أو قل ترجمة هذه المرونة المتبادلة علي الأرض وأمام العالم كله. وأتصور هنا أن أوباما (مع كامل تقديره للرئيس روحاني) فهو سيطلب (موافقة كتابية) - علي أي اتفاق - من المرشد الديني الأعلى أية الله quot;على خامنئى quot;، حتي يضمن الجدية و(تحييد) رجال الدين المتشددين والعسكر ndash; في آن معا - الذين يتعرضون للتهميش في إيران حاليا.
إفراج إيران عن 10 سجناء سياسيين ومنهم الإصلاحي quot; محسن أمين زاده quot; قبيل المفاوضات القادمة، وأيضا موقف المرشد الأعلي من المفاوضات مع السداسية هو بلا شك (تحول ملموس)، لكن يبدو أن quot; الحل التوافقي quot; (المطلوب) يستلزم خطوات بسيطة و(حساسة) ndash; حسب quot; يلينا دونايفا quot; - الباحثة في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية وتتمثل في: اقتران الإلغاء التدريجي للعقوبات بالحد من تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% (أو) الحد من كمية أجهزة الطرد الكيميائي الفاعلة .. فهل يحمل الرئيس quot; روحاني quot; في جعبته إلي نيويورك شيئا مما قل وزنه وغلا ثمنه؟