انتهت انتخابات كوردستان في أجواء اجمعت الاغلبيه على ايجابيتها وقلة المشاكل والتجاوزات التي تشوب اغلب انتخابات المنطقة وأيضا تراجع ملحوظ لحدة عمليات التزوير وهو ما يعني نجاحا لكل الكتل والأحزاب والقوائم ولعموم شعب الاقليم كما صرح بذلك رئيس كتلة التغيير مباشرة بعد اقفال صناديق الاقتراع وأيضا كما توقعنا في مقال سابق (انتخابات كوردستان ) فقد فاز الحزب الديمقراطي الكوردستاني بالمركز الاول وكتلة التغيير بالمرتبة الثانية في وقت تراجع الاتحاد الوطني الكوردستاني الى المرتبة الثالثة وهو مؤشر واضح على التراجع الحاد في شعبيته وقد اعلن مكتبه السياسي عن مسؤوليته عن هذا الاخفاق الانتخابي دون ان يتبعه أي موقف عملي كتقديم استقالة اعضائه وعقد مؤتمر جديد يعيد الحيوية لهذا الحزب ويمنح الفرصة امام اجياله الشابة في تحمل المسؤولية خاصة وان هذه القيادة المنقسمة على نفسها والمتصارعة فيما بينها غير قادرة على ملء الفراغ الذي تركه غياب السيد جلال الطالباني سكرتير عام الحزب الذي يقبع في احدى المستشفيات الالمانيه دون ان يعرف احد وضعه الصحي الحقيقي منذ حوالي ثمانية اشهر مع انه رئيس جمهورية العراق الاتحادي ايضا هذا اذا كان هناك بعد من يتذكر بان للعراق رئيس جمهورية.

وضع الاتحاد الوطني السيئ قد يكون سببا رئيسا لإبعاده عن تشكيلة الحكومة المقبلة او تمثيله بشكل ضعيف وفي وزارات ثانوية اذ رغم تصريحات مسؤولي الحزب الديموقراطي الكوردستاني حول تمسكهم بالتحالف الاستراتيجي بين الحزبين فالديمقراطي الكوردستاني وأي حزب اخر في موقعه القوي لن يقبل بشريك خاسر تنفض من حوله الجماهير خاصة اذا كان الديمقراطي الكوردستاني يرغب حقا في اجراء تغيرات جذرية وهامة في طريقة ادارة الاقليم وإرساء بنى تحتية قوية لاستمرار عملية البناء والتطوير والتقدم الاقتصادي هذا مع وجود كتلة التغيير ذات الشعبية النامية والقوة الجديدة التي تتقدم بثبات نحو الامام مع برامجها التفصيلية في محاربة الفساد وترهل الحكومة وترسيخ الشفافية والفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث وإبعاد هيمنة الاحزاب على هذه السلطات.

ايضا في الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة والتغييرات الحادة التي تشهدها اضافة الى وضع الدولة العراقية الاتحادية التي تتجه بسرعة نحو الحرب الاهلية والطائفية والتفكك والتقسيم بسبب التفرد بالحكم وإلغاء الشراكة الحقيقية وعدم اجراء المصالحة الوطنية والفساد المستشري و التدخلات الاقليمية التي تدفع باتجاه التقسيم والانهيار الكامل للبقية الباقية مما يسمى بالدولة العراقية كلها عوامل تدعو احزاب الاقليم وقواه السياسية والمدنية الى ضرورة بناء حصانة حقيقية للإقليم من تداعيات ما سيحدث ولا يمكن للديمقراطي الكوردستاني وحده القيام بهذه المهمة ولابد له من تعاون وثيق مع القوة الرئيسة النامية التي تعبر عن رغبات الشارع الكوردي والمتمثلة في حركة التغيير اذ ان مثل هكذا حكومة ستكون قادرة على جمع وتحشيد طاقات الاكثرية الساحقة في المجتمع الكوردي لمواجهة ما يستجد من احداث.

الوضع في اقليم كوردستان والعراق والمنطقة يتطلب تجديدا وتغييرا حقيقيا في أساليب العمل والإدارة وتجاوز احتقانات الماضي القريب من أجل حكومة قوية قائمة على قاعدة شعبية عريضة يمكنها من المضي قدما في طريق البناء والتقدم وتوفير مستقبل افضل لمواطنيها وعلى العكس فان التمسك بالصيغ التي شرب عليها الدهر وأكل والتي لم تعد تتجاوب وتتماشى مع روح العصر وجوهر الديمقراطية سيكون سببا في فشل أي حكومة حتى وان كان نصفها معافى مادام النصف الاخر سيكون مشلولا.


bull;[email protected]