لا يمكن تفسير موقف حسن نصر الله وحزبه في لبنان من الشعبين السوري والبحريني، إلا أنّه ينبع من خلفية طائفية واضحة للجميع، وهذا ما لا يليق مطلقا بحزب يدّعي أنّه حزب المقاومة الوحيد في لبنان ضد الاحتلال الإسرائيلي. والمقاومة أساسا من حق كافة الشعوب المضطهدة سواء كانت مقاومة ضد احتلال خارجي مثل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية، أو احتلال داخلي يتمثل في سيطرة وسطو وقمع أنظمة مستبدة فاسدة لشعوبها، و أسوأ مثال من هذه الأنظمة هو نظام عائلة الأسد (الوحش هو التسمية الأصلية قبل تغييرها ). فإذا كان قد مرّعلى الاحتلال الإسرائيلي للجولان السورية حتى اليوم 46 عاما، فإنّ احتلال هذه العائلة (منذ الوالد عام 1970 حتى الولد إلى اليوم) يكون قد مرّ عليه 43 عاما، أي بفارق ثلاثة سنوات فقط عن عمر الاحتلال الإسرائيلي للجولان. وحكم هذه العائلة حقيقة لا يختلف عن الاحتلال لسببين رئيسيين:
الأول، هو أنّ الوالد (حافظ) استولى على السلطة في سوريا من خلال انقلاب عسكري قام به ضد من يسميهم (رفاقه البعثيين) في السادس عشر من نوفمبر 1970 ، حيث زجّ ب quot;صلاح جديدquot; الأمين العام المساعد لحزب البعث آنذاك ورئيس الجمهورية quot;نور الدين الأتاسيquot; والعديدين من قيادات الحزب في السجون الرهيبة، وظلّ quot;صلاح جديدquot; في السجن ثلاثة وعشرين عاما إلى أن مات فيه في التاسع عشر من أغسطس 1993 . هذا بينما بقيّ نور الدين الأتاسي في السجن 22 عاما إلى أن تفشى السرطان في كافة أنحاء جسده، فأطلق سراحه كي لا يموت في السجن، فسافر إلى باريس للعلاج ومات بعد إسبوع من وصوله في الثاني من ديسمبر 1992 ، هذا غير العشرات من البعثيين الأرنيين واللبنانيين الذين زجّهم في السجون أيضا، وأمضى بعض الأردنيين مثل quot;حاكم الفايزquot; وquot;ضافي جميعانيquot; ما يزيد على عشرين عاما في السجون الرهيبة التي لا يمكن وصف أنواع التعذيب فيها. وقبل وفاة (حافظ) قام بتغيير الدستور على مقاس ابنه (بشار) ليخلفه منذ عام 2000 وحتى اليوم، ليمارس منذ منتصف مارس 2011 أبشع أنواع القتل والتدمير ضد ثورة الشعب السوري بما فيها استعمال السلاح الكيماوي في ريف دمشق قبل أسابيع قليلة مخلفا ما يزيد عن 1600 قتيل وألاف المصابين، بينما زاد عدد القتلى السوريين منذ بداية الثورة عن مائتي ألف واللاجئين المهجّرين ما يزيد على أربعة ملايين في الأردن وتركيا ولبنان والعراق و مصر والجزائر والعديد من بلدان أوربا.
الثاني، وهو أيضا من اسوأ ممارسات الاحتلال، سرقة ثروات الشعب السوري حيث حسب كافة الدراسات فإنّ اسرة أخواله (آل مخلوف) تسيطر سرقة ونهبا على ما يزيد عن ستين بالمائة من الاقتصاد والموارد الطبيعية السورية لدرجة تسميتها في وسائل الإعلام الغربية (امبراطورية آل مخلوف الاقتصادية).
ما هو موقف سيد المقاومة من هذا الاحتلال العائلي؟
يطلق حسن نصر الله على نفسه لقب أو صفة quot;سيد المقاومةquot;....جيد ، ولكن ما هو موقفه من مقاومة الشعب السوري لهذا الاحتلال العائلي لمدة 43 عاما حتى اليوم؟ كيف يطالب السيد بالحرية للشعب اللبناني والبحريني ويسيطر على مناطق كاملة من لبنان (دويلة داخل الدولة اللبنانية)، ويهاجم النظام الملكي البحريني، وفي الوقت ذاته يدعم نظام (الاحتلال الأسدي الوحشي) ليس بالبيانات الصحفية والخطابات العنترية فقط، بل أرسل فعلا ألاف من مقاتلي حزبه للقتال مع جيش الوحش وعصاباته، وقد قتل منهم العشرات باعتراف السيد نفسه وتمّ تشييعهم رسميا وعلنيا في الضاحية الجنوبية من بيروت (دويلة السيد داخل لبنان)!!!.هذا رغم أنّه لم يطلق رصاصة على الاحتلال الإسرائيلي منذ نهاية حرب تموز 2006 التي انتهت بالتوصل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي ينص على انسحاب كل من الجيش الإسرائيلي وقوات حزب الله من جنوب لبنان، وانتشار قوات الجيش اللبناني في الجنوب وتوسيع قوة اليونيفيل الدولية لمراقبة تطبيق القرار. وأيضا لم يرد بطلقة واحدة على كافة الاختراقات الإسرائيلية لمواقع حليفه وحش سوريا وقصفها داخل سوريا عدة مرات. يسكت quot;سيد المقاومةquot; على جرائم وحش سوريا والاحتلال الإسرائيلي، ويهاجم وينتقد عبر خطاباته التي لا تتوقف النظام الملكي البحريني.
وهل ارتكب النظام البحريني واحد بالمليار من جرائم وحش سوريا؟
وأقولها بدون مجاملة لطرف أو طائفة: نعم لحرية وديمقراطية وكرامة الشعب البحريني بكل أطياف مجتمعه السياسية والدينية عبر مساواة كاملة لا تفرقر بين فرد وآخر، وضمن نفس السياق نتساءل: هل ارتكب النظام البحريني منذ بداية الاحتجاجات الشعبية البحرينية أية نسبة تذكر من جرائم وحش سوريا كي ينتقده سيد المقاومة ويسكت على جرائم الوحش ويرسل مقاتليه بالآلآف لمساعدته في ذبح الشعب السوري؟. لذلك فاستمرار انتقادات quot;سيد المقاومةquot; للنظام البحريني كما جاء في خطابه يوم الاثنين 23 سبتمبر 2013 ، لا ينمّ إلا عن نزعة طائفية بغيضة نرفضها في كافة الأقطار العربية وغير العربية، وهي نزعة تنسجم مع مواقف راعي سيد المقاومة، وهو نظام الملالي في إيران الذي يفتخر السيد أنّه وكيله وممثله في لبنان، وطموحه الأعلى (دولة إسلامية في لبنان مرجعيتها الفقهية في قم بإيران)، وهؤلاء الأسياد في طهران أيضا لايكفون عن التدخل في الشأن البحريني ومنهم من لا زال يعتبر مملكة البحرين محافظة إيرانية. لذلك جاء ردّ وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليفة على مدّعي quot; سيد المقاومة quot; صريحا وعنيفا، حيث قال: quot; إنّ شعب البحرين أشرف وأكرم من أن يخاطبه مجرم تلطخت يداه بدماء الأبرياء في سوريا ولبنان والعراقquot; مذكرا بتجريم أي اتصال مع حزب الله بعد إدراج البحرين له على قائمة المنظمات الإرهابية، وسبق أن رصدت جرائمه في عدة دول خليجية منها دولة الكويت.
ازدواجية طائفية لا تليق بإدعاء سيادة المقاومة،
لأنّ الحرية والديمقراطية والكرامة والمساواة تليق بكل الشعوب، ويبقى النظام البحريني أرحم بشعبه مليارات المرات من وحش سوريا وملالي إيران وجرائمهم التي يعيشها ويدينها العالم أجمع ما عدا بعض الحلفاء القريبين في ممارساتهم من هذين النظامين.
www.drabumatar.com