بلا شك ان الخطأ الذي ارتكبته حماس وكان يجب تجنبه هو عدم الارتهان لأي خط سياسي في الوطن العربي لأن التحالفات بدأت تتغير بسرعة، وخاصة بعد بدء ما يسمى بثورات بالربيع العربي.

ان سياسة الاستقطاب القائمة في الوطن العربي منذ زمن وخاصة بعد الربيع العربي اثرت على حركة حماس لأخذ مواقف لصالح طرف يدعم الثورة السورية وانتقال قيادات حماس من دمشق الى قطر، وبالتالي التخلي عن محور الممانعة الذي يضم ايران وحزب الله بالاضافة الى سوريا، ومن الاسباب التي دفعت حركة حماس لأخذ مثل تلك المواقف هو فوز الاخوان المسلمين في مصر ووصولهم الى سدة الحكم.

ان حركة حماس شعرت بالارتياح بعد فوز الاسلاميين في تونس ومصر بدأت تتصرف وكأن هذا الوضع سيدوم طويلا، ولم تتوقع التغيرات الدراماتيكية التي حصلت في مصر في الثاث من يوليو والاطاحة بحكم الاخوان المسلمين في هذا البلد، مما تسبب في فقدانها الدعم بكافة اشكاله، وبدأت تعاني من مضايقات الجانب المصري وخاصة بعد اغلاق المتنفس الوحيد الذي يشكله معبر رفح وفتحه امام الحالات الانسانية فقط، وتدميرالانفاق التي كانت تمد سكان قطاع غزة المحاصر بالمواد التموينية.

ان التغييرات التي حصلت من غير شك ستجبر حركة حماس على تغيير سياساتها ومواقفها، والتفكير ملياً بهدف الخروج من هذا المأزق وبأقل الخسائر، والتأقلم مع التغيرات الجديدة وخاصة ان مصر بعد انقلاب الثالث من يوليو لم تعد صديقة لحركة حماس كما كانت ابان حكم الرئيس محمد مرسي، و اصبح الوضع الان اصعب مما كان عليه في ظل حكم الرئيس حسني مبارك.

على الصعيد الداخلي، لا شك ان السلطة الفلسطينية شعرت بارتياح كبير بعد الاطاحة بحكم الاخوان في مصر وتأثيره السلبي على حركة حماس من حيث الدعم والتصلب في المواقف في مسألة المصالحة الفلسطينية من جانب حماس، فالانقسام يتحمل مسؤوليته الطرفين دون استثناء، ويجب على السلطة عدم استغلال الوضع الراهن وان لا تعمل على تصليب مواقفها بشأن المصالحة، وخاصة ان الجانب المصري بدأ بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية في مسألة دخول وخروج الفلسطينيين من والى قطاع غزة.

من الممكن ان يشكل الوضع الراهن فرصة لتحقيق المصالحة بعد هذا الوضع الصعب الذي بدأت تعاني منه حركة حماس، وان يتم التقارب مع السلطة الفلسطينية للخروج من هذه الازمة بتوحيد الصف الفلسطيني والتنسيق لمجابهة دولة الاحتلال وعدم التقاتل مجددا على السلطة ومناطق، لان وجود السلطة ان كان في رام الله أو في غزة هو من اجل تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني بتحرير الاراضي المحتلة، لا من اجل مكتسبات مادية وتحقيق اولويات فصائلية وعشائرية.

اما على الصعيد الخارجي ستحاول حماس تجديد علاقاتها مع حزب الله الذي حسب تصريحات مسؤوليه وفي مناسبات عديدة بأن الحزب لم يتخذ اي اجراءات عقابية ضد حركة حماس، وخاصة بعد وقوفها ودعمها للمعارضة السورية وان تحركاتها في لبنان بقيت بدون تغيير ولم تتعرض لأي مضايقات.

فحركة حماس وبالرغم من تغيير تحالفاتها والتخلي عن محور سوريا ايران حزب الله والانتقال الى قطر وتبني مواقفها وخاصة في المسألة السورية، الا ان هناك اصوات لم توافق على تبديل المواقف والتحالفات، ومن ابرز هذه الاصوات كان محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحركة حماس الذي حافظ على العلاقات مع ايران وحزب الله وعدم قطع العلاقات معهما.

مما لا شك فيه ان حركة حماس في هذا الوقت بحاجة لاي دعم خارجي من اجل التغلب على مشاكلها وعزلتها، ومن جهة اخرى فان حزب الله وايران بحاجة الى حليف بجانبهما، وخاصة ان ايران ترى في عودة حماس الى احضانها يشكل ورقة اضافية في اي مواجهة مع اسرائيل أو أي مفاوضات مستقبلية مع الغرب.

الاطراف الفلسطينية دائما تدفع الثمن بسبب تحالفاتها التي تبدو مجبرة عليها من قبل الدول التي تدعمها، ولذلك تخاف دائما على فقدان هذا الدعم وتتماشى مع حالة الاستقطاب التي تجري في المنطقة، فالتحالفات وتغييرها قد يؤذي القضية الفلسطينية التي تحتاج الى كل دعم غير مشروط حفاظا على هذه القضية.


[email protected]