نيروبي مدينة الطوائف والقبائل والجنسيات المختلفة المتعايشة في كينيا، يشكل المسيحيون الغالبية العظمى من سكانها، تتمتع طبيعة السكان بالسلام والتعايش والتسامح مع جميع أنواع البشر الذين يمرون او يعيشون في هذه المدينة الهامة. وتشكل المدينة البوابة الأساسية لشرق افريقيا، تستخدمها الأمم المتحدة لعلاج الصراعات المزمنة وتستخدم أراضيها كذلك في الدعم اللوجستي لقوات حفظ السلام. تشكل نيروبي كذلك جسر بين الغرب وافريقيا تستقبل القادمين من اسرائسل و الغرب والولايات المتحدة والدول العربية والذين لهم مصالح واعمال واستثمارات ومؤامرات في افريقيا. نيروبي هي العاصمة السياسية والعاصمة التجارية في نفس الوقت الى كينيا بعد ممباسا التي لاتقل أهمية عن نيروبي كعاصمة تجارية أخرى.

وتعود معظم مراكز القوى والنفوذ الى بريطانيا بعد استقلال كينيا في عام 1963. والطريف في هذه المدينة انها لاتملك الاعمال التجارية والشركات المقامة على أراضيها. فمعظم تلك الاعمال تعود لإسرائيل، بريطانيا، الهند، ايران، ومواطنين من الولايات المتحدة والدول العربية بالإضافة الى مواطنين افارقة وجنسيات مختلفة من معظم دول العالم. وتتوسط كينيا مكتبة كبيرة تعود الى الحكومة الإيرانية وتملك نشاطات ثقافية في تدريس القرأن واللغة العربية.

كينيا المرشحة ان تكون من دول افريقيا المهمة لولا حظها العاثر في موقعها حيث الحدود الطويلة مع دول بداخلها صراعات مستفحلة مثل الصومال، تنزانيا، اوغندا، السودان، واثيوبيا. باستثناء تنزانيا جميع تلك الدول تؤثر على كينيا بصراعاتها الداخلية، واكثر تلك الدول التي تتورط كينيا في صراعاتها هي الصومال. فهناك حدود بحرية وبرية طويلة مع كينيا تمتد الى 682 كيلومتر بالإضافة الى الحدود البحرية التي تمتد الى مايقارب 402 كيلو متر. تشكل كينا بوابة النزوح الجماعي للاهالي الفارين من الصراعات على مدى جاوز العشرين عاماً.

تورط في حرب الصومال
تورطت كينيا في المستنقع الصومالي منذ بداية الحرب الاهلية في عام 1991. وكان الداعمان الاساسيان للحرب في الصومال هما كينيا وأثيوبيا على أساس الاعتقاد الاثيوبي والكيني بان جزء كبير من أراضي الصومال تعود الى اثيوبيا وهو جزء اوكادينيا، اما الجزء الاخر التي تعتقد كينيا يعود لها هو جزء نورثايستن، او الجزء الشمالي الشرقي. الصراع الجغرافي بين كينيا واثيوبيا كان وراء السبب في اشعال الحرب الاهلية على ارض الصومال. ومايوجب ذكره هنا ان الصومال دولة قلقة لانها وليدة خارطة بريطانية إيطالية حيث تخلت بريطانيا عن الأراضي الشمالية الصومالية في 26/6/1961 وتخلت إيطاليا عن جنوب الصومال في 1/7/1960 وفي نفس التاريخ كانت القبائل الصومالية في الشمال والجنوب تنسق فيما بينها لاعلان دولة الصومال في الأول من جولاي من عام 1960 في نفس يوم تخلي إيطاليا عن الجنوب. بعد هذا التاريخ كينيا لم تعلن استقلالها بعد من بريطانيا، وعندما داعت كينيا باستقلالها طالبت جمهورية الصومال بعدم ضم الأراضي الصومالية التي مازالت تحت السيطرة البريطانية وحل مشكلتها بالاستفتاء. وبعد اجراء الاستفتاء كانت النتيجة لصالح الانضمام لدولة الصومال، الا ان بريطانيا لن تعترف بهذا الاستفتاء وبقيت تلك الأراضي الصومالية جزء من كينيا. من هنا ندرك ان قبائل صومالية كثيرة واراضيها مازالت تحت السيطرة الكينية.

في عام 2008 احتلت منظمة شباب الصومال المتشددة مدينة كسمايا والقرى المحيطة والقريبة من حدود كينيا وشرعوا بتهديد الامن الكيني، الامر الذي دفع الجيش الكيني بالتدخل في الصومال لحفظ امن كينيا وابعاد عناصر منظمة الشباب الصومالية عن الحدود الكينية.

الحرب الطائفية الجديدة

هذه الخلفية التاريخية تعطينا وضوح لبداية الصراع بين كينيا والصومال منذ اسقلال الدولتين في ستينات القرن الماضي. هذه الاجندة الجغرافية السياسية تتحول الان وبحكم اللباس الإسلامي المتشدد الجديد في افريقيا. منظمات القاعدة المنتشرة في مناطق الصراع الرخوة حول العالم اخذت على عاتقها الصراع بين كينيا والصومال، حيث الصومال تعاني بحد ذاتها كدولة معرضة لسيطرة القبائل المسلحة والمنظمات الإرهابية التي تستخدم الإسلام المتشدد والتي فككت الدولة الصومالية وحولتها الى ملاذ للقوى الإرهابية والعصابات والقراصنة وتجار المخدرات وتنفيذ اجندات اجنبية حتى عرضت الامن البحري والبري العالمي الى التوتر والتاثير الكبير على اقتصاد دول القرن الافريقي.

الصراعات القبلية الكثيرة في افريقيا وجدت لاستمرار صراعها مع بعضها ومع حكوماتها المحلية مبررات وفلسفة جديدة لتحول الصراع فلسفياً واستراتيجياً تحوله الى صراع عقائدي ديني طائفي وهو في حقيقته التاريخية صراع على الأراضي والأموال ومناطق النفوذ. دخلت الموجة المتطرفة الى افريقيا وهي مؤهلة اكثر من الدول العربية وباكستان وايران وأفغانستان لتكون حاضنة مثالية لحركات التطرف الإسلامي وانتعاش سوق الطائفية والقتل على الهوية والعرق والانتماء المذهبي. وهكذا بدأت هذه الحركات تنتعش ابتداءاً من المحاكم الشرعية في الصومال والقاعدة في شمال المغرب الإسلامي ومالي والجيريا(الجزائر) ونيجيريا متمثلة بحركة بوكو حرام وانتهاء بأحداث نيروبي التي تبنتها منظمة شباب الصومال المتشددة.

صومالية متخصصة في العلاقات الدولية
جامعة نورث داكوتا
[email protected]