الحق أنه من الصعب فصل الموروثات الدينية في المجتمعات العربية عن الثقافة والتقاليد والأعراف. صحيحها أو المبتدع منها.. لأنه وخلال فترة تزيد عن 1300 عاما إختلط كلاهما في سبيكة واحدة من معدن صدأ بفعل الزمان وبفعل عوامل التعرية التكنولوجية.. ولم rsquo;يهيأ الإنسان العربي خلالها لإستقبال الحداثة والتطور.. أكبر مثال على ذلك ما صاحب الشاشات الفضية التي فتحت كل النوافذ على العالم.. ولفترة زمنية طويله لم يرى الإنسان العربي أنها تقدم له صورة عالم آخر يعمل على تقديم حياة جديدة تستند إلى الحرية وعدالة إجتماعية ونظام سياسي يقوم على أن المواطن له الأولوية وحقوقه على السياسي تتغلب وتحجم من فساد السياسي..وكلها تساهم في حماية الكرامة الإنسانية للفرد المواطن.. وفي ظل الإستبداد السياسي في المنطقة العربية.. إستسهل المواطن العربي في البداية بالأخذ بما ييسر له الحياة العصرية فقط.. ولم ير عمق الرسالة الأخرى.. ولكن وخلال العشرون سنة الماضية. أصبحت الشاشات الفضية التي ساهمت في ربط العالم كله مجالا لسجالات الحوار الفكري وإصطدم الإنسان العربي بالعصر.. إصطدم بمدى التقدم الإنساني والحضاري والإقتصادي في المجتمعات الأخرى التي إعتقد أنها لا ترقى لمستوى حضارتة.. إصطدم حين وجد بأن العقيدة التي يؤمن بها ,, والتي ظن بانها طريق حمايته في المستقبل.. هي التي تقف بينه وبين العالم من حوله.. وتقف بينه وبين المستقبل الذي يطمح إليه والذي يؤمن له الكرامة الإنسانية.. وإنقسم المجتمع.. وتعرت مع الإنقسام المجتمعات والأنظمة والعادات والتقاليد والدين..!!!

ومن هنا تجلّت قدرة فقهاء الدين على إستقطابه.. ومحاولة تغييب عقله مرة أخرى.. وصحا فجأة ليتساءل لماذا..؟؟؟ وتطور السؤال.. إلى أن وصل إلى مختلف نواحي حياته.. وهبت عاصفة الربيع العربي.. كانت العاصفة من داخل أعماق الإنسان والمجتمعات العربية.. ولكنها كانت قبل الأوان.. وقبل وصول هذه المجتمعات مسبقا إلى قرارات واعية وواضحه عما تريده للمستقبل.. وإعتقدت أنها نجحت في ثورتها حين نجحت في إقصاء حكام جثموا على صدرها عشرات السنين.. لم تكن تعلم بأن التخلص من الحاكم المستبد أسهل من التخلص من أحزاب تتستر بالتدين بإستبداد أكبر تحت إسم وراية حماية العقيدة.. ولا تجيز أي إختلاف وتعتبر المختلف خائنا أو كافرا أو مرتدا.. وبدأ صراع من نوع آخر لم تعرفة المجتمعات العربية. صراع يجسّده إنقسام بين علمانيين وإسلاميين.. بين سني وشيعي.. بين مسلم ومسيحي وبهائي وأي مختلف آخر...

علينا الإعتراف أولا بان المشكلة ثقافية دينية وليست سياسية فقط.. علينا الإعتراف بأن صناديق الإقتراع وحدها لن تحقق ما نطمح إليه من الديمقراطية.. علينا الإعتراف بان العالم من حولنا ملّ منا ومن تخبطنا.. علينا الإعتراف كشعوب بأن خطأ الدولة العظمى في الإعتقاد بأن هذه الأحزاب الإسلاموية تمثل الإسلام المعتدل هي طريق القضاء على الإرهاب.. لأن هذا العنف راسخ ومتجذّر في أعماق هذه الأحزاب.. وأن خطرها ليس قاصر على العالم من حولها فقط.. بل إن خطرها اكبر على المنطقة العربية.. وأننا لن ننتظر إلى أن تتخلى عنها الدولة العظمى بل علينا متكاتفين إستئصالها من حياتنا ومن المجتمع بكل وسيلة.. لنصل إلى بر الأمان.. وإلى الرقي الإنساني والحضاري الذي وصلت إليه هذه الدولة.. وغيرها من دول العالم المتقدم....

إن إعتقاد أميركا بأن وصول الأحزاب الدينية إلى السلطة سيريحها نهائيا من الإرهاب وسيضمن لها الأمان.. كان أكبر سذاجة من إعتقادها بأن حربها في أفغانستان ستجلب لها الأمن.. وسيقدر لها الأفغانستانيون يوما ما قيمها التي دعتها للتدخل.. تماما وكما تمثلت سذاجتها مرة اخرى في حربها في العراق.. ولن تنتظر المنطقة العربية لنتيجة لسذاجة أخرى تكّلفنا تراكم أكبر لجثث أطفالنا...

أكرر مرة اخرى ومرات بان التعليم وحده لن يكفي للوصول إلسريع إلى الأهداف.... التعليم يجب أن يرتبط بتعديلات واضحة في قانون الأسرة تعطي للمرأة حقوقها بناء على المواثيق العالمية.. وتعديلات في كل قوانين التعامل مع الأقليات.. وتوحيدها جميعا لإرساء قانون واحد يخضع له جميع المواطنين بغض النظر عن الجنس واللون والعرق والعقيدة..

لنجعل عام 2014 عام التخلص الفعلي من القاعدة وأخواتها.. التخلص من أي تبريرات للعنف سواء على المرأة أو على المجتمع ككل.. لنجعله عام الإنسان العربي للإنعتاق من كل أشكال الإستبداد.. لنقول لأميركا ولكل العالم بأننا لسنا أقل إدراكا لحق الشعوب كلها في الأمن والأمان والعدالة والحرية... وسنبدأ بحقوق شعوبنا.. وكل عام وأنتم بخير...

منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية