لا نقيم كثير اعتبار لأصوات العديد من السياسيين والاعلاميين، العراقيين والعرب، الذين يحاولون، تشويه وقائع ومجريات المعركة الدائرة بين قوات الجيش العراقي والحكومة المحلية في الأنبار وشيوخ وأبناء عشائر المحافظة من جهة، وبين quot;جيوش الارهابquot; ابتداء من داعش والقاعدة الى فلول العبث المهزوم، الذين يسيطرون على الفلوجة وعلى أجزاء من الرمادي، لكن يهمنا كثيراً ويثير استغرابنا أن يلعب سياسي بحجم ومكانة الدكتور أياد علاوي مثل هذا الدور فيطلق تصريحات ويتخذ مواقف لا تنسجم مع تاريخه الشخصي وتاريخ حركة الوفاق النضالي.
ففي تصريحات لقناة العربية، بثتها قبل يومين، قال علاوي ما مفاده أنه quot;إذا استمرت عمليات الحكومة في استهداف عشائر الأنبار فسيكون لنا موقف آخرquot; وقبل ذلك بأيام طرح علاوي مبادرة لحل quot;أزمة الأنبارquot; تطالب بانسحاب الجيش من المحافظة وترك الأمن للشرطة المحلية. وتقترح أن يتم حل الأزمة عبر quot;الحوارquot;.
ولا نعرف، في حقيقة، أية عشيرة من عشائر الأنبار الشجاعة أشتكت للدكتور علاوي من استهداف الحكومة لها، وأين ومتى جرى هذا الاستهداف؟. فالمعروف، من خلال ما نسمع ونرى طوال الأيام الماضية، أن غالبية هذه العشائر تقاتل الى جنب قوات الجيش والشرطة المحلية، في محاولة لطرد داعش والتنظيمات المسلحة الإرهابية الأخرى، التي هاجمت المحافظة واحتلتها وما تزال تيسطر على أجزاء منها، فيما أخذت الفلوجة رهينة وهي لا تزال تتخذ من أهالي المدينة دروعاً بشرية لحماية quot;ولايتها الاسلاميةquot; التي أعلنت عنها منذ احتلالها؟
كما لا نعرف أيضاً الهدف من اقتراح علاوي سحب الجيش وحل الأزمة عبر الحوار، كما ورد في مبادرته، فمع من يقترح علاوي الحوار؟ هل مع داعش والارهابيين وعصابات البعث، الذين استباحوا المحافظة وسيطروا على المؤسسات الحكومية ومخافر الشرطة؟ أم مع حكومة الأنبار المحلية التي استنجدت بقوات الجيش وطلبت عودتها بعد انسحابها من الأنبار في الأيام الأول للمعركة مع الارهاب؟ الحوار من أجل ماذا؟ هل من أجل تقاسم المحافظة مع داعش، وكيف سيكون الحوار مع قتلة وارهابيين؟
ربما لا يقصد الدكتور علاوي ما ذهبنا إليه، بالحرف، لكن توقيت الحديث عن الحوار وعن انسحاب الجيش وعن مزاعم استهداف العشائر، في وقت تخوض فيه قوات الجيش مع أنباء الأنبار وحكومتها المحلية، معركتها المصيرية ضد الارهاب، أمر يثير التساؤلات، في أقل تقدير.
فإذا كانت حكومة الأنبار بمجلسها المحلي ومحافظها.. وإذا كان قادة الصحوات من أمثال الشيخ أحمد أبو ريشه والشيخ وسام الحردان، ووجهاء مثل الشيخ ماجد العلي السليمان والشيخ حميد الهايس، وإذا كانت عشائر كبيرة مثل البو علوان والبو عيسى والجميلات وآل محامدة، والآلاف من أبناء هذه العشائر، الذين يحملون السلاح ويدافعون عن محافظتهم وعن العراق برمته.. إذا كان كل هؤلاء يكذبون في الحديث عن تعاونهم مع قوات الجيش وعن حاجة محافظتهم للدعم والاسناد الحكومي، فمن هو الصادق ياترى؟
إنها بلا شك، مشكلة تحتاج الى الحوار مع الدكتور علاوي نفسه وليس مع داعش والارهابيين؟