لم يعد شيئا مخفيا هذه الايام، الوثائق و المنشورات و الادله و محاضر الاجتماعات باتت في متناول اليد، اذ يكف ان تضع كلمه quot;تقسيم اسرائيل quot; او quot; اجتماعات سرية quot; على كومبيوتر البحث في اي مكتبه لتستحضر الكتب و الارشيف ووثائق من الكونجرس الي جامعات بريطانية و استرالية و امريكية و فرنسية و غيرها نشرت بعد فحص و تمحيص ما هو اكبر و اخطر مما يتناوله الشارع العربي عن لقاءات عربية اسرائيليه منذ 1945 و قبل ضياع فلسطين و ما أدي الي ذلك.

و الحديث عن اللقاءات السرية، ساكتب عنه لاحقا حيث انني انتظر كتابا اشتريته عبر الانترنت، و هو كتاب مرجعي هام و مؤرخ لاجتماعات يهودية عربية، و نشر عام 1987 لكاتبه ستيف بوسنر، عنوانه quot; اسرائيل تحت الغطاء : المفاوضات و الحروب و الاجتماعات السرية quot;، كان ثمنه لا يتجاوز عشرة دولارا ت وقت ان نشر، و بعد ان فقد في الاسواق اصبح يباع ما بين مائتين و ثمانين الي مائه و عشرين دولار و قد يصل الي خمسمائه اذا كانت نسخه مخصصه للحفظ و الغلاف كرتون مقوى و بحاله جيدة، و يصل المشتري بعد ثلاثه الي خمس اسابيع على موقع quot;امازونquot; ان وجد.

اما كونفدراليه quot;كيريquot; فهي قديمه جديدة، و بها يكمن الحل للصراع العربي الاسرائيلي، و يشكل كيانا شرق اوسطيا يخدم في المرحلة الاولي كل من الاردن و فلسطين و اسرائيل، يتكون من اعادة تعريف الحدود، اعادة مناطق، تشكيل قوي اقتصاديه و تكتل قائمه علي اليد العاملة الرخيصة الاردنية الفلسطينية و التكنولوحيا الاسرائيلية المتقدمة، و يقدم سدادا لمديونية الاردن و تعثرها، و يقيم دولة فلسطينية علي مساحات محددة، و يؤمن لاسرائيل استقرار امني، و لا يلغي اي دولة بل يؤدي الي ثورة ايجابية اجتماعية، حيث ان اسرائيل حريصه علي قيام الدول دون ثنائية، و يكفل استمرار الملكية المهددة في الاردن.

اما في حال رفض الاردن، فان من السناريوهات المقترحة، و التى من ضمنها المياحثات السرية في بريطانيا، اقامة كونفدرالية فلسطينية اسرائيلية و انهاء الصراع مقابل التوطين فيما يذهب متطرفون الى ابعد من ذلك وهو الغاء الدور الاردني و انهاء الملكية.

الاتفاقات اليهودية الاردنية عبر سنوات طويلة و مراحل مختلفه من الحكم، و التى من ضمنها لقاء جولدا مائير مع الملك عبد الله الاول عام 1945 و 1948، ملك ترانس جوردن، او اميرها الذي وعدته بريطانيا بالملك ان هو وافق علي التقسيم، و هو ما حدث، ان يصبح ملكا متوجا و يعترف بدويلته انذاك.

في أحد اللقاءات السرية تلك، و التى كانت متخفية عندما حضرت الي الاردن، قال لها الملك عبد الله الاول انه مع قيام دولة اسرائيلية و لكن ينصح بعدم التسرع في اعلاناها، و اجابته جولدا مائير التى اصبحت رئيسة وزراء اسرائيل، و هل الانتظار 2000 عاما لاقامة دولتنا تسرع؟ ام الرغبه في quot; الملك quot; علي ارض فلسطينية مقابل قيام دولة اسرائيل هواعتراف quot;تسرع quot;.

يرى بعض الساسة ان quot;الملك عبد الله الاول quot; انتزع الاردن و حافظ عليها من الضياع في تلك الاتفاقات السريه و بالتالي هو وطني من الدرجة الاولي، و يرى اخرون انه خائن باع فلسطين لاجل اقامه المملكة الهاشمية، في الوقت يرى الاسرائيليون ان الهاشميون سرقوا ارض فلسطينيه بالتواطؤ مع بريطانيا و اقاموا عليها وطنا، و لا يجوز ان تقام الدولة مرتان في التاريخ و يقصد بذلك ان الاردن هي فلسطين حسب ما يرد في الوثائق و ما حمله شارون و رابين للرئيس الامريكي وقت اتفاقات وادي عربه.

الكونفدرالية، ليست جديدة، بل هي مقترحه قبل حرب 1967، و لو حدثت لما كانت هنالك حرب حزيران، و تحدث عنها الملك الحسين في 1973 عندما طرح مشروعه quot; المملكة العربية المتحدة quot; و تضم اسرائيل و فلسطين و الاردن، و نشر ذلك حينها في الجرائد المصرية و تحديدا في الاهرام في صفحتها الاخيرة و مع الضغوطات علي الملك لم يشر لها لاحقا اويتم الحديث عنها.

و للتاريخ، عندما قابلت المرحوم الملك الحسين في المدينة الرياضية بالعاصمة الاردنية، في شهر نوفمبر 1995، و كانت هنالك اجتماعات اقتصاديه، و طلبت منه ان يتحدث الي التلفزيون الاردني من خلال برنامج سياسي اقتصادي اقدمه، وضع يده على كتفي و قال بأدب quot; اخ عبد الفتاح، اقترح مقابله اخي و صديقي لاجراء مقابله معه quot; و علي الفور خرج الرئيس الفلسطيني ابو عمار، فأبتسم الملك قائلا quot; اقصد اسحاق رابين quot;. و صرح حينها رئيس وزراء اسرائيل :quot; لقد اتفقنا ووقعنا بالاحرف الاولي على كونفدرالية اقتصادية اردنية فلسطينية quot; انتهي الاقتباس، و الشريط موجود لدي مكتبة التلفزيون الاردني، و هو اخر لقاء لرئيس الوزراء الاسرائيلي اسحاق رابين مع محطة فضائية و بثته الوكالات العالمية فيما بعد باعتباره اخر حديث لرئيس حكومة اسرائيل، و هو الذي غادر لالقاء كلمه بعدها في وادي الملوك في تل ابيب ثاني يوم علي اجراء المقابلة،و كان على موعد مع الاغتيال يوم 5 نوفمبر 1995.

الكونفدرالية ليست بهذا الضرر او سيئة كما يشار اليه، و هي فرصة للحفاظ على الاردن، و قيام دولة فلسطينية، حيث لن يسمح ابدا باعلان دولة فلسطينية الا لدقائق، ان سمح ابدا، بعدها تنطوي في اطار كونفدرالي، يسمح للاردن بمتابعة و ادارة اجزاء من القدس الشرقية، واجزاء من الضفة الغربية. في الكونفدرالية رئيس و رئيس حكومة و استقلال ووحده هدف و مراجعه شامله لكل ما يخدم نجاح الكونفدرالية و يمنع التغول و الانفراد الاسرائيلي بسياسات مفروضة.

وللعلم، اسرائيل التي اغتصبت فلسطين، معترف بها من كل دول العالم، و هي جزء لا يتجزء من دول العالم و السياسة الدولية و النقدية، و اُعُترف بها من مصر و الاردن في معاهدات رسمية دولية بموافقه برلمانية، و الغيت كل لجان المقاطعات و عدلت كل مناهج التربية و التعليم في العامل العربي لعيون اسرائيل، و يجلس كل سفراء العالم في الامم المتحده مع سفير دولتها، و لم يعد الاشاره اليها في اي من الصحف باعتبارها دوله معادية، و العالم اعترف بها و دولتها و حدودها، فلماذا الكذب على النفس و معادة الحقوق و الاستمرار في اذلال الشعب الفلسطيني متحملا كل العبء بمفرده؟

و الي متى الاقتتال و الانقسام و المحادثات السرية و الاتفاقات المخزية من خلف ظهر الشعوب؟..لماذا لا ينظر الى مقترح الكونفدرالية بشفافية و عقلانية؟.

و علي سبيل المثال، ان وادي عربه بين الاردن و اسرائيل، اتفاقات قدمت للاردن امنا و حماية ولاول مره تاريخيا حدودا معترف بها، و عملة اردنية كتب عليها quot; المملكة الاردنية الهاشيمة quot; حيث قبل ذلك كانت تصك العملة و عليها quot;الاردن quot;، و قدمت لاسرائيل حماية و امنا و مناطق اقتصادية على الارض الاردنية و تأجير اراض.

الكونفدرالية تعيد تعريف الحقوق و الاراض و الانظمة للاطراف في اطار من السلم و التعاون المستقبلي.

و في جانب اخر، اتفاقات كامب ديفيد بين مصر و اسرائيل، قدمت الحماية للاسرائيل و التعاون المشترك في الدفاع عنها، و الاعتراف بها دولة ذات سيداة و حدود، و اعادت اسرائيل سيناء المحلتة الي مصر تحت تواجد قوي عسكرية من الامم المتحدة.

ماذا ينتظر بعد ذلك؟ بعد معاهدات وخمس حروب، 1948، 1956، 1967، 1973، 1982 و لا تزال فلسطين مغتصبة و محتلة؟.

كندا تعيش الكونفدرالية منذ عام 1867، و المانيا منذ 1815، و تعتبر كلاهما من اهم الدول في بناء النظام السياسي الاقتصادي، بل كندا و التى تعيش فيدرالية ليبرالية تحت نظام كونفدرالي نموذجا رائعا في الاتحاد، كما هي بريطانيا والنمسا تاريخا، واليوم الاتحاد الاوروبي صورة من الكونفدرالية الاقتصادية.

quot;كيريquot; يقدم مقترحا امريكيا بالامكان التفاوض حول بنوده، تحسينا و اضافة و حذفا، يبحث فيه حق العودة، حق التعويض، حدود الدول، نظام الدول في الكونفدرالية، العملة المستخدمة، النظام الاقتصادي، المديونية، العمالة، و غيرها من الامور.

اقتراحquot; كيري quot; جدير بالدراسه و القبول عوضا عن ضياع مزيدا من الوقت على حساب الارض و الشعب الفلسطيني الذي يكافح و يقاتل و يقتل ويسجن و يتاجر به سمسارة الاوطان، و عن مملكة خزينتها مديونة بخمس و عشرين مليارا، و بطالة، و مهددة بين الحين و الاخر بنظام بديل و افلاس دولة.

ان قيام كونفدرالية يسمح بمشروع احياء البحر الميت، قناة البحرين، ايجاد حل لمشاكل المياة و غيره من الامور.

من حق الاردن و فلسطين و اسرائيل العيش بأمان ضمن حقوق تاريخية و تكتل اقتصادي.

الكونفدرالية جامعة لدول بعكس اتفاقات الملك عبد الله الاول التى يتحدث عنها البعض أنها كانت مُقسمة لدولة، لا نريد ان تضيع الفرصة و تصبح مقولة quot; من اكل جبنتي؟quot; على كل لسان، و نتباكي حينها علي quot;الجبنة النابلسية quot; و جبنة quot;كيريquot; و بالطبع quot;الجميد الاردني quot;. بالمناسبة فأن في طوباس جبنية ايطالية تصنع بيد فلسطينية افضل من الجبن الاسرائيلي، و ان اغلي و اجود انواع الجبن في العالم يصنع من لبن الحمير.اللهم ابعدنا عن الحمير و لبنهم.

التخوف ليس من الكونفدرالية بل، من يمثل من في التفاوض، ومن يفاوض لاجل حقوق، لا من اجل غاياتهم و مصالحهم الشخصية.

[email protected].