يومان بالكاد عند كتابة هذه السطور على موعد مؤتمر جنيف 2 المرتقب الذي سيعقد ليومين في مونترو السويسرية لينتقل المؤتمرون بعدها الى جنيف بعد استعدادات طويلة من قبل الرعاة الكبار. كل الدلائل تشير الى أن هذا المؤتمر لن يشكل سوى تقهقرا في مسيرة فوضوية مرتبكة ولن يكون في أحسن الأحوال حتى رقما في قائمة طويلة من المؤتمرات القادمة باتجاه إيجاد خريطة طريق تخرج سورية من عنق الزجاجة لتبدأ بعدها مسيرة سلام طويلة بحزمة من القرارات المتتابعة.

دور الادارة الروسية بدءا بمحاولاتها الحثيثة لإشراك إيران في المحادثات و وصولا إلى تزويد نظام الأسد بالمزيد من السلاح والعتاد قبل انعقاد مؤتمر السلام المنشود بأيام لا يفسح المجال ولو لبصيص من الأمل والتفاؤل!؟

العالم الخارجي المتلكئ منح النظام الديكتاتوري بالإضافة الى الجرأة فسحة واسعة من الزمن لابتكار الأداة والوسيلة الكفيلة ليس فقط بالقضاء على معارضيه بل على كسر ارادة جميع السوريين الذين لا يعلنون ولائهم له على الملأ. المواقف الدولية السلبية جعلت الجميع دون استثناء يشكلّون أهدافا مشروعة لآلة النظام الحربية الفتاكة.

الصحفي ماغنوس فالكيهيد والمصور نيكلاس هامارستروم السويديان اللذان احتجزا كرهينتان في سورية لمدة ستة أسابيع يقولان في تقرير كانا قد أعدّاه قبل اختطافهما نشرتاه أمس في التاسع عشر من يناير صحيفتي quot;داغنزنيهيترquot; كبرى الصحف السويدية الصباحية وquot;أفتونبلادتquot; المسائية:

توقفنا شرقي يبرود تحت دفء الشمس أمام بناية بيضاء كان يلعب هناك بعض الأطفال أمام الدرج. تجمع أيضا بعض الأهالي هناك معظمهم من النساء، بعض من الأطفال الآخرون يلعبون ورجلين مسنين. كانوا يحاولون أن يشرحوا لنا كم هي متعبة حالتهم مع خزانات المياه الموجودة على السطح التي رشّحت فيضا من المياه و جعلت البناية تعاني من الرطوبة والبرودة الشديدة، فجأة تظهر طائرة سوخوي حربية روسية الصنع من جهة الوادي الجنوبي، الطائرة الهجومية ترعد في الجو مخلّفة ذيلا من الدخان الأسود القاتم. بعد ثواني نشاهد الطائرة تخرج من خط سيرها متجهة بشكل مباشر باتجاه تجمعنا، يهرع البعض للاحتماء بمكان ما، آخرون يتسمّرون في مكانهم وقد تصلّبت أقداهم و هم ينظرون الى الطائرة الحربية وهي تنخفض في هجومها على تجمعهم بعلوّ لا يزيد عن خمسين مترا عن الأرض وتبدأ بفتح أفواه مدافع دائرية لتطلق منها نيران صواريخها مترافقة بهدير يصمّ الآذان. لحسن الحظ كان الفرق ثانية واحدة في تأخر وصول الطائرة و سقطت قذائفها النارية خلف البناء. لكن مثلما بكل وضوح رأى المواطنون المدنيون لحية الطيار السوداء وهو يهاجمهم، كان الطيار أيضا يرى الأهداف المدنية التي يوجه اليها قذائفه.

الآن السؤال الذي يفرض نفسه:ما هي الآمال المتوقعة من نظام يمارس هذه الأساليب الوحشية ضد المدنيين من عامة الشعب في أن يتنازل عن السلطة؟

والتساؤل الآخر اذا كان أركان النظام ليس لديهم استعدادا للتخلي عن السلطة فهل يستطيعون ارجاع شعب كامل الى قاع الزجاجة مرورا بعنقها الذي خرجوا منها بعد أن أصبحت عورة نظامهم وزيف شعاراته البائسة للبقاء في سدة الحكم مكشوفة لهم؟!

كل الدلال تشير وأتمنى من كل قلبي أن أكون مخطئا بأن آلة القتل سوف تستمر في حصد أرواح السوريين الى اشعار آخر، فيما العالم الخارجي يبقى متفرجا!؟

ستوكهولم