سعدت كثيرا حين قرأت عن قرار الأمم المتحدة إستبعاد إيران من المفاوضات السورية في جنيف.. ليس فقط لأن لا مكان لإيران على طاولة مفاوضات سورية يجب أن تبقى شأنا سوريا خالصا.. ولكن لأن إيران من أكثر الدول إنتهاكا لحقوق المرأة.. ولأنها وفي القرن الحادي والعشرين.. لا تعترف بحق المرأة في المشاركة في القرارات السياسية.. ولا في أي من القرارات التي تمس مستقبلها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي.. ولم أرى وجها لأي إمرأة إيرانية تشترك في العملية السياسية..

ما لفت نظري في موضوع حق المرأة في المشاركة السياسية في جنيف.. موقف بريطانيا والذ أفخر به.. الذي صرّح به وليم هيج وزير الخارجية البريطاني ونائب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في جلسة البرلمان البريطاني بعزم الحكومة البريطانية على ضمان أن يكون للجماعات النسائية دور مباشر في محادثات جنيف 2 للسلام، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 1325 و2016 و2122 بشأن المرأة والسلام والأمن.. وأن بريطانيا تعتزم توفير 200 ألف جنيه إسترليني (حوالي 327220 دولارا أمريكيا) كتمويل لتمكين الجماعات النسائية السورية من المشاركة في هذه المفاوضات..

أولا.. إضافة إلى إيماني الكامل لحقوقها المشروعة وبمساواتها الكاملة بالرجل. فإن معاناتها من الحروب تعطيها الحق الأول للمشاركة في مثل هذه القرارات المستقبلية.. فالمرأة هي الأكثر تضررا والضحية الأولى.. فبالإضافة إلى فقدان الأب ndash; الأخ ndash; الزوج.. وعلى رأسهم لوعة فقدان الإبن.. تبقى المرأة المتضرر الأول من فقدان المعيل.. وما يليه من الفقر والتهجير جراء هذا الفقدان.. وكما نقرأ ونشاهد يضطرها وrsquo;يجبرها هذا الفقدان إلى تزويج بناتها.. حتى ودون السن القانونية وحرمانهن من التعليم..وما ينتج عنه من تضرر مجتمعي طويل الأمد....

ثانيا.. أن المرأة أكثر مرونة من الرجل في تقبلها لحلول وسطية حفاظا على أرواح أحبائها وحفاظا على تماسك مجتمعها.. بينما تعنّت الرجل قد يكون مبالغا فيه.. وذلك حفظا لماء الوجه في كثير من الأحيان..
ثالثا.. المرأة أقدر على نشر ثقافة السلام لتمرنها اليومي على محاولة تفادي الصراعات في عائلتها.. وكلنا يؤمن بحاجة المجتمعات العربية إلى ترويج هذه الثقافة بدلآ من ثقافة العنف التي روّج لها فقهاء الدين..
رابعا.. أن المرأة هي صانعة المجتمعات.. وتلعب الدور الأكبر في إعادة بناء المجتمع من خلال ممارستها لإعادة بناء جسور المحبة بين أفراد عائلتها وبالتالي هي الأقدر على بناء جسور المصالحة بين جميع طوائف المجتمع.. يلعبن دورا حيويا في إعادة بناء المجتمع السوري والمصالحة بين أفراده.

علينا ان لا نكذب على أنفسنا.. وأن نعترف بأن الهدف الأساسي من المؤتمر.. ومن عدم توجية ضربة عسكرية لسوريا..هي قرار الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة عدم الدخول في حرب خاسرة اخرى مع الدول العربية.. تفقده قوته الإقتصادية إضافة إلى فقدان ماء الوجه.. وأن حاجته إلى لجم تفشي العنف والإرهاب الخارج من المنطقة هي ما يدعوه للتفكير بدور حقيقي للمرأة إضافة إلى مبادئه التي تعترف بها كشريكة مساوية وفعّالة.. علها ومن خلال حبها للعطاء وعدم خسارة أي من أحبائها تستطيع نشر وترويج ثقافة جديدة تقوم على لجم هذا العنف.. وربما وخلال جيل جديد التخلص من التفكير الجهادي والإرهابي الذي يهدد المنطقة العربية أولآ ثم العالم بأسره.. أي أن الأمن هو أيضا الحاضر بإستمرار في الذهنية الغربية.. وهذا الأمن هو الذي أصبح القاسم المشترك الأعظم بيننا جميعا..

ولكن مشاركة المرأة في القرار السياسي وفي المنطقة العربية في فترة تشهد بركانا داخليا.. يريد الديمقراطية ولكنه لا يعرف من أين منبعها.. يأتي هذا التوجيه الغربي بتأكيد بل والمطالبة بمشاركتها في جنيف وفي المرحلة الإنتقالية بعدها.. توجيها لأول خطوات المسيرة الديمقراطية وهو الإعتراف بحقها في المساواة.. وقد يكون هو الإمتحان الصعب للمعارضة الذي سيؤكد بأن هذه المعارضة أو المعارضات أقل تعصبا.. وأكثر إعترافا بحقوق المرأة.. وبأهمية دورها في المجتمع.. وفي السياسة الخارجية..

ما آمله وأتمناه أن تتمسك القيادات النسائية.. بحقها في المشاركة ليس بحد أدنى وإنما بنسبة متساوية مع الرجل.. 50%.. ولا أقل لأن هذه قد تكون فرصتها الوحيدة.. خاصة ومع تعهد الدول الغربية بتمويلها وتأمين لجان إستشارية لتمكينها ودعم ثقتها وتدريبها خلال المفاوضات.. وأيضا الإستمرار في هذا التمويل في مرحلة ما بعد النزاع لتحقيق المساواة.. إيمانا بأهمية دورها المستقبلي بنشر مبادىء التعايش والسلام.. والأهم الأمن...