اتفقت مكونات منطقة quot;الجزيرةquot; السورية على تشكيل كانتون لا مركزي يحافظ على مصالحها ويشرف على كافة المناحي الحياتية في ظل الأزمة التي تمر بها سوريا، وكارثة الحرب بالوكالة التي يخوضها النظام والمعارضة منذ حوالي 3 أعوام. الخطوة التاريخية جاءت بعيد مشاورات كثيرة شاركت فيها قوى كردية وعربية وسريانية، وتكللت ببناء حكومة مؤقتة لquot;كانتون الجزيرةquot; مهمتها حماية أرواح المدنيين والإشراف على سير شؤون حياتهم، والنأي بهم عن مخاطر النزاع الدموي المسلح.

المجلس التنفيذي لquot;كانتون الجزيرةquot; تكوّن من 22 شخصا من المكونات الكردية والعربية والسريانية، وأعٌلن في احتفال كبير في مدينة quot;عاموداquot;، إحدى مدن الكانتون. وهذا المجلس هو مؤقت إلى حين إجراء انتخابات في الكانتون بعد 4 أشهر، ستشارك فيها قوائم عديدة، وستشمل كل المناطق والقرى التي تتشكل منها المحافظة والتي تبلغ مساحتها ضعفي مساحة دولة لبنان. الأنظار في عموم المحافظة تتطلع إلى هذه الخطوة التاريخية الجبارة بوصفها ستنصف أبناء هذه المحافظة التي ظلت على مدار عقود كبيرة مهمشة ومهملة من جانب السلطة المركزية، ومن جانب الحكومات المختلفة التي حكمت دمشق. لقد تعرض أهل quot;الجزيرةquot; إلى الإهمال والظلم والتهميش رغم إن منطقتهم هي الأغنى في كل سويا، فهي سلة الغذاء وفيها حقول النفط الأساسية، ورغم ذلك ظل quot;الجزراويونquot; مهمشين، مهملين، لا بنى تحتية في منطقتهم ولا مشاريع أو مصانع. كان السوّاد الأعظم من أهل quot;الجزيرةquot; مضطرين للهجرة الداخلية للعمل في المدن الكبرى، أو الرحيل إلى الغرب، حيث نجد عشرات الآلاف من أهل الجزيرة في أوروبا والخليج (الكرد في ألمانيا، والسريان في السويد، والعرب في دول الخليج العربي!).

لقد راهن البعض على الصراع الأهلي في محافظة quot;الجزيرةquot; وخططوا طويلا من أجل نشر الفتنة بين العرب والكرد، وكانت حكومة حزب العدالة والتنمية تعقد مؤتمرات دورية لبعض ضعاف النفوس من الطرفين في مدن quot;أورفاquot; وquot;عنتابquot; وquot;اسطنبولquot;، من أجل تشكيل كتائب مسلحة مرتزقة وإشاعة الفوضى والخراب في المنطقة. كانوا يريدون حربا طاحنة بين الكرد والعشائر العربية تأتي على كل المنطقة وتجعل منها منطقة كوارث، لكن الوعي كان أكبر، وكان الخيّرون لهذه المحاولات الدنيئة بالمرصاد. الآن نجد العشائر العربية العريقة ضمن حكومة هذا الكانتون، فهي تريد العيش مع بقية المكونات ولن تسمح لأي غريب بنشر الفتنة والخراب.

بعد ساعات من الإعلان عن مشروع quot;كانتون الجزيرةquot; أصدر (الائتلاف الوطني السوري) العميل لتركيا وبعض دول الخليج، وأحد أطراف الحرب بالوكالة في سوريا، أصدر بيانا عنصريا تحريضيا ضد هذا الكانتون والحكومة الكردية/العربية/السريانية التي تديره. quot;الائتلافquot; المرتزق يريد دولة مركزية قائمة على قومية ومذهب واحد. هكذا تريد تركيا وبعض دول الخليج والوهابية العالمية، التي يعمل quot;الائتلافquot; المخضب يده بدماء السوريين الأبرياء، على تسويق خطتها التدميرية في سوريا الحضارة والتسامح.

نعم...quot;كانتون الجزيرةquot; هو أولى ثمار ثورة الحرية والكرامة، ثورة غياث مطر وحمزة الخطيب التي باعها quot;الائتلافquot; الإسطنبولي للمحاور الإقليمية. هذه الثمرة صنعها أهل الجزيرة من كرد وعرب وسريان، ممن عانوا التهميش والظلم على أيدي الحكومات المركزية، التي يريد quot;الائتلافquot; العميل إدامة نهجها البائد ومواصلة هذا الواقع الظالم عليهم إلى الأبد. أهل quot;الجزيرةquot; لن يقبلوا بأن يأتي أحد من دمى quot;الائتلافquot; من اسطنيول وأوروبا وأميركا ليحكمهم في مناطقهم. هم سيحكمون أنفسهم بأنفسهم. لن يسمحوا لأي معارض في صفوف هذا quot;الائتلافquot; من المرتبطين بالاستخبارات الدولية أو المجموعات quot;القاعديةquot; الإرهابية، بتثبيت ربطة عنقه والتفضل بالمجيء إلى quot;الحسجةquot; لنهب خيراتها وثرواتها وترك أهلها بدون رعاية ومشاريع، مثلما كان quot;البعثquot; يفعل دائما. هذا الزمن انتهى. انتم الآن بحاجة إلى أهل quot;الجزيرةquot; والقرار بيدهم وهم الوطنيون الذين لم يخونوا الوطن السوري أبدا. لم يقوموا في حياتهم بأي انقلاب، ولم يرتبكوا أي مذبحة تجاه أي مكون طائفي أو عرقي. ولم يبيعوا سوريا إلى المحاور الإقليمية مثلما فعلتم انتم في quot;الائتلافquot; المرتزق.

لنترك quot;الائتلافquot; يواجه مصيره في البازار الدولي بين الأقوياء في جنيف 2، ويمضي في الحرب بالوكالة التي قبض عليها مالا سحتا حراما ثمنه دماء عشرات الآلاف من السوريين الأبرياء، ولنعمل نحن أهل quot;كانتون الجزيرةquot; على تطوير تجربتنا الديمقراطية وإشراك كل المكونات الصغيرة في الحكم والإدارة. أمامنا عمل كثير. ثرواتنا الزراعية والحيوانية والنفطية كثيرة وهي قادرة على بناء وتعمير وتطوير هذه المحافظة المعطاءة. ووحدات حماية الشعب(YPG) هي الآن قوة وطنية تضم الآلآف من الكرد والعرب والسريان، وهي تتكلف بحماية الكانتون من قوات النظام السوري والمجموعات quot;القاعديةquot; المرتزقة التي يغطي quot;الائتلافquot; العميل على جرائمها.

نعم..إن quot;كانتون الجزيرةquot; هو أول تجربة ديمقراطية ولامركزية يهديها أهل quot;الجزيرةquot; من كرد وعرب وسريان إلى الشعب السوري وثورته الحقيقية. ثورة الحرية والكرامة. يهديها إلى شهداء الثورة وإلى المناضلين والثوار الحقيقيين في السجون، ممن رفضوا بيع كرامتهم للثالوث الذي دمرّ سوريا، وشكل المسخ المسمى بquot;الائتلافquot;: العثمانية الجديدة، والوهابية العالمية، والاستخبارات الغربية!.