وصفت جريدة قريبة من تيار خامنئي في إيران يوم 20 من يناير الحالي أي يوم دخول اتفاقية جنيف لإيران مع البلدان الغربية حيز التنفيذ بـlaquo;اليوم الاسودquot; قائلة: laquo;ما يدعو للاستغراب هو أن بعضا من الحقوقيين لا يعرفون معنى كلمة rdquo;التسليمrdquo;raquo;. وعاد إلى الأذهان التشكيك في شعار النظام الاستراتيجي أي laquo;الطاقة النووية حقنا المسلم له ولن نتنازل عنهاraquo; حيث كان لسنوات هو شعار اعلى سلطات النظام وقالت: laquo;علينا ان نعترف بانه في يوم 20 من يناير لم تكن الطاقة النووية حقنا المسلم بهraquo;.


من المبكر الآن ان نتمكن من تحليل آثار كأس السم التي تجرعه النظام الايراني، ولكن من الممكن أن نرى بأن نوبات الصرع في نظام ولاية الفقيه تعمقت بشكل واضح. ففي حين يعلن علي اكبر صالحي رئيس وكالة الطاقة الذرية لإيران بأن أجهزة تخصيب اليورانيوم في مدينتي نطنز وفردو قد تم ختمها بالشمع الأحمر، وفي حين يؤكد ان هذا laquo;كان طوعيا وعلى أساس اتفاقيات سابقةraquo;، ولكن شريعتمداري ممثل خامنئي في جريدة كيهان الحكومية يعتبر ان الفريق المفاوض laquo;تم خداعهraquo; وحسن روحاني رئيس الجمهورية للنظام laquo;يبالغ كثيرا ويغطي الحقائقraquo;، تطرح سؤالا لخامنئي ولي الفقيه قائلة: laquo;إلى أين نذهب؟raquo; ويتحدث عنlaquo;ضرورة اعادة النظر والوقاية الضرورية من قبل المسؤولين المحترمين للنظامraquo;.


ويقول خامنئي بلسان ممثله في جريدة كيهان laquo;لماذا الحقائق المتعلقة باتفاقية جنيف تم حجبهاraquo; وما اعطوه للنظام الإيراني هو laquo;التخصيب التحقيقيraquo; بدلا من laquo;الاحتفاظ بحق التخصيب الصناعيraquo;. وسبق أن ذكرت جرائد النظام اكثر من مرة بأن laquo;آقاraquo; أي خامنئي قال laquo;أنني قد قرأت الاتفاق ثلاث مرات غير إنني لم اجد في أي مكان منه اشارة إلى حق التخصيبraquo;.
ونعرف أنه وبعد تنفيذ اتفاقية جنيف، فان خامنئي نفسه قد لزم الصمت ولكن وسائل اعلام تياره لا تتمكن من حفظ الظاهر وتعتبر حسن روحاني من دخل بالتفاوض laquo;مع حرامية العالمraquo; وlaquo;يدرك العدوraquo; وlaquo;يهين الصديقraquo;. الطرف المقابل لم يبق مكتوف الأيدي وهو يقوم بفضح اعمال السرقة والنهب التي تمارس من قبل جناح خامنئي. حيث تهاجم جريدة تابعة لهذا التيار الجناح المقابل قائلة: laquo;وهم اكثر المنتفعين من العقوبات الدوليةraquo; محذرة من أن استمرار هذه السياسات laquo;سيؤدي في نهاية المطاف إلى انتفاضة خبز اقتصاديةraquo;.
وفي خضم هذه المعركة نشرت جرائد النظام صورة لها معانيها ومغازيها الخاصة حيث تحكي عن توازن جديد داخل النظام. وجمع خامنئي رؤس النظام وجموع من عناصر النظام خارج البلاد وداخله في بيته. وفي صورة فوتوغرافية تم نشرها في وسائل الاعلام الحكومية وخلافا للسابق نرى اكبر هاشمي رفسنجاني بجانب رؤساء القوات الثلاثة في طرفي خامنئي على المنصة. وبهذا فان رفسنجاني الذي هو رسميا رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام فقط يثبت مكانته على اساس انه الرجل الثاني للنظام. في المقابل نجد الملا جنتي رئيس مجلس خبراء النظام والذي قام خامنئي بحذف رفسنجاني بواسطته من مهزلة الانتخابات الرئاسية، جلس بين الحضور كعنصر من عناصر الدرجة الثانية للنظام.


علينا ان لا نستبعد الاحتمالات المختلفة: هل هذا النظام سيستمر إلى نهاية هذا الطريق ويذهب إلى نهاية الاتفاق النووي مع الغرب؟ أم وبعد خطوة واحدة إلى الامام في هذا الطريق ومشاهدة آثاره سيحاول ان يحتفظ بالموقف على شكل تجميده؟ أو سيتجه إلى اكمال القنبلة النووية من جديد؟


إن هذا النظام ونظرا إلى ضغوط يواجهها داخليا بشكل خاص ينتظر ليرى كم سيكون من التنازلات أمامه ومن ثم سيحدد الخطوة التالية. ولو كانت التنازلات قليلة وشعر نفسه انه تحت الضغط، فسيتراجع وينسحب اكثر فأكثر، وأما ان تم تدفق التنازلات إليه فانه لن يتحرك من مكانه وسيتجه بشكل حثيث إلى انتاج القنبلة النووية.
نعم إن القوانين الحاكمة على هذا النظام العائد إلى العصور الوسطى تختلف تماما مع القوانين الأخرى. والملالي رضخوا للتراجع بخطوة واحدة إلى الوراء تحت وطأة النقمات والأزمات الداخلية. وسبق للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق أن حذرت أكثر من مرة في العقدين الماضيين من خطر نظام الملالي على المنطقة والذي يؤدي إلى اتساع التطرف.
ولو انتبه الغرب إلى هذه الانذارات والتحذيرات وهذا الخطر الجاثم على صدر المنطقة واخذها على محمل الجد لما بقي النظام الإيراني قد وصل الى ما وصل اليه حاليا، ولو كان الغرب يبدي حزما تجاه هذا النظام في هذه الجولة من المفاوضات لكان مشروع القنبلة النووية للملالي قد أغلق بالفعل في هذه المرحلة. وكما اعلنت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية في اجتماع بمجلس الشيوخ الفرنسي يوم 21 من يناير الحالي أنه laquo;على الحكومات الغربية أن ترغم النظام على قبول وتنفيذ كامل البروتوكول الاضافي وأعمال التفتيش المفاجىء. عليهم أن يرغموا الملالي على اغلاق كامل المواقع والانصياع لقرارات مجلس الأمن الدوليraquo;.
وأما النتيجة النهائية بأي حال من الأحوال، وفي ظل تراجع الخطوة الاولى للنظام، فان نوبة الصرع بدأت تهز جسم نظام ولاية الفقيه بعنف وقد يسرع هذا الموقف ما تنبأت به تلك الجريدة التابعة للنظام حين قالت: laquo;مقبلون على ثورة خبز اقتصاديةraquo;.