ستة وستين عاماً على نكبة فلسطين، وفي كل مراحل القضية يقفز لواجهة الأحداث، المؤتمرات والندوات واللقاءات التي تعقد في مشارق الأرض ومغاربها تضامنا وتدارسا وبحثا لكل ما يهم القضية.
بحساب بسيط ما تم صرفه على هذه المؤتمرات واللقاءات ربما كان كافيا لتجهيز جيش قد يمتلك القدرة لتحرير ولو جزء صغير من الأراضي المحتلة، وأهمية المؤتمرات الداعمة للقضية الفلسطينية لايختلف فيها عاقلان، والتسائل الدائم بعد إنتهائها، وماذا بعد؟.
في تونس نظم "مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي" مؤتمراً تحت عنوان "المسارات السياسية والقانونية للقضية الفلسطينية" كمثال حي على المؤتمرات التي تطرح قضايا كبيرة وشائكة ثم تذهب في طي النسيان مثل ما سبق من المؤتمرات والندوات التي نظمت وحضرها عشرات المفكرين والباحثين والحقوقين، لكن النتائج ومتابعة التوصيات لم تكن أبداً مجال للحديث والعمل.
سياحة المؤتمرات من أجل فلسطين، وسرعة اللقاء والتيه السياسي والقانوني في العناوين والتفاصيل، أضفى مزيداً من التعميم على مؤتمر تونس، وحوله لمجلس علاقات عامة، ومحاولات بعض الأطراف للعب دور في مسار الخلاف والمصالحه بين& الفلسطينين& في ظل التشظي العربي عبر سياسة المحاور بين قطر وحلفائها ومصر وحلفائها في التعامل مع الورقة الفلسطينية المنقسمة بين المحورين.
كارثة حرب غزة التي فشلت حماس وقطر وحلفائها في تقديمها كنصر مبين دفعت عديد الاطراف للتحرك بكل الإتجاهات لتخفيف نتائج الكارثة والتي بعد توقف الحرب تركت غزة منسية دون مساعدات أو محاولات لإعادة بناء مادمر فيها.
كلمات المشاركين في المؤتمر تنوعت بين الحديث عن المصالحة الفلسطينية، ومواقف بعض الحقوقيين الباحثين عن إيجاد سبيل لفرض تطبيق القانون على إسرائيل ومحاسبتها، وصولا لمن يريدون تصفية الحسابات مع مصر الغاضبين منها جراء طرد جماعة الإخوان من المشهد السياسي وإغلاقها المجال أمام القوى الطامحة بنقل المفاوضات بين حماس إسرائيل من القاهرة لعواصم أخرى تحارب بقوة لإنقاذ مشروع الإخوان المسلمين من الإنهيار والهزيمة.
حماس لم تفوت الفرصة للمشاركة في إزعاج مصر بإعلانها أن وفدها للمؤتمر والقادم من غزة يتكون من موسى أبو مرزوق ومحمود الزهار منع من مغادرة غزة، رغم علم قيادتها& بما فعله وقاله الزهار ضد مصر، ومتناسين عمداً انه يحمل الجنسية المصرية وقاصدين المشاركة بفعالية لإرضاء ولي الأمر القطري التركي.
هذه الإرهاصات حولت المؤتمر لمجلس علاقات عامة يحاول كل طرف فيه أن يسجل مكاسب أنية وعاجلة في مختلف ملفاته سواء في تونس وخارجها، وانتهى ليدخل في باب الذكريات الجميلة وصور تخلد تلك اللحظات، ومابعد ذلك من نتائج ومتابعات فكلها دخلت طي النسيان وألحقت بالقررات والبيانات والمواقف التي ذهبت دون ان يتذكرها أحد أو يستفيد من نتائجها.
&مؤتمر تونس لم يخرج عن كونه ورقة جديدة تضاف لملايين الأوراق في أرشيف المنظمات والجمعيات والدول المساندة بقوة للحق الفلسطيني، ودون ان تؤدي ولو مرة واحدة بتحقيق مكسب جدي للفلسطينين يمكن أن يسجل تحولا في أليات الصراع مع إسرائيل، وصراخ دول المحور القطري حول ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية يطرح تساؤل عن رفض هذه الدول التوقيع على ميثاقها.
يوم الأول من اكتوبر 1985 نفذت إسرائيل عدواناً ضد تونس أوقع عشرات الشهداء بين تونسيين وفلسطينيين، وكل سنة يتم إحياء هذه الذكرى تأكيداً على وحدة الدم والنضال من اجل حرية فلسطين.
هذه السنة تزامن مؤتمر تونس مع ذكرى الغارة الإسرائيلية& وأسامة حمدان ممثل حماس في المؤتمر قال "أن مصر منعت الزهار وأبو مرزوق من الوصول لتونس للمشاركة في إحياء ذكرى العدوان"، الذكرى مرت ونسي وفد حماس أن يذهب للمشاركة في إحياء الذكرى.
في إنتظار مؤتمر قادم ورحلات سياحية جديدة تبقى القضية ترواح مكانها دون جديد يذكر أو قديم يعاد.
&