&رد على مقالة الكاتب عبد اللطيف الحرز: دعشنة الفكر العربي بين البيانات الشعرية الى ادعاءات المرجعيّة الفقهيّة

أنه لأمر محزن ان يُلقي بعض الكتّاب ممّن يدّعي العلم والثقافة والانفتاح والتطوّر أنفسهم في متاهات لاعلم لهم بخارطة وجغرافية المكان ويظنون ان بأستطاعتهم الخروج منها بسهولة بينما الحقيقة هم لايعرفون عنها شيئا، ويتضح ذلك عندما يبدأ أحدهم بالدوران كـ... الناعور بنفس المكان دون ان يجد له مخرجا منه.

تعتبر حالة النقض والطعن في التوجّهات والشخوص والمستويات العلمية والفكرية الدينية والاجتماعية وغيرها أمر مباح عقلا وشرعا وقانونا وواقعا بل هو مطلوب ومستحسن ويعتبر أمر ممدوح في كل المعالجات لأعادة النصاب والبلورة نحو الافضل طالما كانت الغاية والهدف منه تصحيح المسار الآراء والمفاهيم والقيم الموروثة والسائدة، شرط ان تعتمد وتستند على الأُسس والادوات العلمية والعقلية والمعرفيّة، لكنه يكون فارغا ومجرّد سفسطة وأتهام وإفتراء لو خُلي من هذه الأدوات التي لم يُمارس جناب الكاتب الحرز أي منها في مقالته.&

فالعقل البشري من حقه ان يتسائل ويباشر مسؤولياته في فهم الظواهر الانسانية والفكرية والتاريخية وحتى الأحيائية وبالتالي من حقه ايضا ان يفسر تلك الظواهر وفق ما يعتقده ويراه من باب كونه يمارس صلاحيات مشروعة ومباحة لذلك ليس من العدل ان ينكر جيل سابق على جيل لاحق حقه فى ممارسة رؤيته المتجددة لقضاياه الفكرية والسلوكية، على اعتبار ان الانكار لا يلغي ذلك الحق ولا يوقف ممارسة الانسان له بطريقة اعتيادية من غير تجاوز او تكلّف. وعليه نرى ان معالجة الفكر الاسلامي شأنه شأن الفكر الانساني او غيره من باقي العلوم من حيث قابليته للتصحيح وايضا من حيث خصائصه الانسانية ولكن لا يستطيع احد ان ينكر اختلافه عن الفكر الانساني في جوانب خاصة، وهذه الجوانب هي التي تكفل له سلامة المنطلق والاستمرارية والبقاء. اذن العقول البشرية مكلفة بأن تمارس حقّها الانساني والفكري والعلمي والاجتماعي من خلال ما تفكر به وتتساءل حوله، لا ان تنسلخ من العقلائية والاخلاقية بالتدخل اللا منضبط في هذه الشؤون او في شؤون الآخرين. وفق هذه الحيثيّة لم يمارس الكاتب عبد اللطيف الحرز حقا من حقوقه الفكرية او الثقافية نقدا بنّاءا موضوعيّا بحياديّة وتجرّد، بقدر ما حاول بث حالات من التشكيك اللا مبرّر. فضلا عن هذا كلّه لن ولم يستطيع الكاتب الحرز ان يُدلّل او يبرهن على أي إرتباط فكري او سلوكي لأي رمز من الرموز الدينية الذين تناولهم بمقاله عن ما هيّة العلاقة بينهم وبين (الدعشنة) كما هي في عنوان مقالته.

في نقدٍ فكري وثقافي واعي بليغ على هذا النوع وأولئك المحتكرين والمعترضين حول دخول الآخرين مضمار الفكر الديني يقول الدكتور عبد الجبار الرفاعي (حتى أصبحت أية محاولة لمساءلة التاريخ، ونزع القناع عن التراث تنعت بالعدوان على أمجاد الأمة وماضيها المشرق، ويجري التشهير بكل باحث يعمد الى الكشف عن عمليات حذف وإقصاء الحوادث والوقائع والمفاهيم والمعتقدات التي لا تنسجم مع الايديولوجيا التبجيلية المهيمنة، أو يسعى للإعلان عن المهمش والمسكوت عنه، وفضح السائد والمتغلب في التراث..).&

أضحى هذا النمط وهذا النوع الآن هو السائد في الساحة الاسلامية والاجتماعية وفي الثقافة الفكرية والذي يُعد الكاتب عبد اللطيف الحرز أحد مصاديق صغار الاقلام المستفيدة المنضوية تحت عباءة اولئك المحتكرون. إذ ان الكاتب لم يُناقش في مقالته (دعشنة الفكر العربي من البيانات الشعرية الى ادعاءات المرجعية الفقهية)، المنشورة في ايلاف، او يُبرز ويُبيّن ويوضّح ويبرهن للقرّاء مستويات التراجع الفكري الديني – الفقهي و الاصولي او حتى الاجتماعي وماهي المعطيات - السلبية في المقابل المؤثرة على الساحة الاسلامية في الإدعاءات المرجعية للرموز والشخوص الذين تناولهم في مقالته..؟ ولم يجر ولو بمثال بسيط مقارنة وتقييم موضوعي بين ما هو علمي و فكري وبين ما هو دخيل ومدسوس، ويُجري مفاضلة علمية - نظرية – او – عملية – بين جميع الرموز الدينية المطروحة في الساحة الاسلامية او حتى لبعضهم، والذي المفروض بالكاتب او بأي انسانٍ آخر غيره إجراءها حينما يتعرّض لهذا المستوى، وإلا كانت مجرّد إنطباع شخصي ورأي فارغ كما هو واضح.&

بسطحيّة بالغة وعدم أحاطة وفي حالة ونوع من انواع التدليس وسوء الفهم حاول الكاتب ايهام القاريء الى ان اغلب الباحثين في الشأن الاسلامي فضلا عن الرموز الدينية الذين تناولهم في مقاله لاعلم لهم ولادراية بالفقه الاسلامي وليسوا اكثر من مدّعين إذ يقول (فنحن اليوم لا نسأل (هل هذا الشيخ الذي يتحدث بالدين أو ذاك المثقف الناقد له، هل هو فعلاً له دراية بما يتحدث؟( ثم يُردف (فمنذ 2003 تصاعدت ظاهرة المدعين بمنصب المرجعية و الافتاء، والان انضم أليها ادعاء العرفان و التخصص في التصوف. مجرد أن تكون لك بعض الاطلاعات تتحول الى (المرجع الاعلى) كما فعل شخص يدعى الصرخي لا يفرق في كتبه حول علم الاصول (الفكر المتين ج3، مثلا) بين المسألة الاصولية و مسائل القواعد الفقهية، آخر يدعى قاسم الطائي لا حقيقة علمية له سوى كونه يقول إنه اضاف نسخة في السوق حول شرح كتاب كفاية الاصول، وهو شخص مُنكر في النجف والعراق يدعي المستفيدون منه ان هناك في مجاهل مدينة مشهد الايرانية من يقول باجتهاده! نموذج ثالث يبلغ حداً نفسياً عصيباً يدعى صالح الطائي يكتب عن نفسه بأن مقالاته حول القرآن هي (أحسن تفسير للقرآن الكريم في تاريخ الاسلام) و في مفتتح الجزء 43 من هذا الاسفاف يقول (يجب على كل مسلم و مسلمة تعلق بذمتهما الخمس و الزكاة شراء دوره من هذا التفسير) فهو الكاتب و الناقد المادح لما يكتب و الفقيه الذي يجب على الآخرين شراء أوراقه!! اما ما يكتبه في علم الاصول و الفقه فيحتاج الى برنامج باسم يوسف،..).

عدّة تساؤلات نجد من حقنا ان نسأل الكاتب الحرز عنها، أولا بما يخص السيد الصرخي الحسني وكتابه (الفكر المتين)، لم تُبين ماهيّة هذه المسألة (الفرق في المسألة..) التي ذكرها جنابكم حتى يتسنى لنا او لغيرنا الردّ او النقاش والدفاع وماهو الاشكال تحديدا..؟ ولماذا لم تذكر رقم صفحة كتاب (الفكر المتين ج3) مادمت تدعي قراءته والإشكال..؟ ولِمَ لَم تذكر للقراء نوعيّة الأشكال وأينه..؟. ولماذا لم تجري مقارنة علمية موضوعية بين اكبر العناوين والرموز الدينية المطروحة في الساحة الاسلامية وبين مَن شهّرت بهم وحاولت تسقيطهم ومن ثم التقييم والمفاضلة بينهم حتى يتأتى للقراء الكرام علمه ومعرفته..؟.

من الواضح والأكيد عدم تناول العناوين الكبيرة الاخرى وطرحها للمفاضلة والتقييم لعلم الكاتب ويقينه المسبق ومعرفته التامة ان لاأثر ولاتراث يُذكر لهم في الساحة العلمية والفكرية، وبالتالي يعرف جيدا ان لاموجب لأي مقارنة تصلح بينهم وبين هؤلاء!، لأنها تعتبر سالبة بإنتفاء الموضوع (على رأي اهل الاختصاص). وقد سبق السيد الصرخي الحسني الجميع بقوله (مَن لاأثر له.. لايصلح للمقارنة).

ثانيا بالنسبة للشيخ قاسم الطائي، تقول (لا حقيقة علمية له سوى كونه يقول إنه اضاف نسخة في السوق حول شرح كتاب كفاية الاصول، وهو شخص مُنكر في النجف والعراق يدعي المستفيدون منه ان هناك في مجاهل مدينة مشهد الايرانية من يقول باجتهاده). المشكلة ان للكاتب الحرز عدة مؤلفات وبحوث والتي من المؤكد كما يعرف جميع الكتّاب والباحثين ان لاتقوم نظرية او فكرة او الرأي في أي بحث خاصّة اذا كان البحث استدلالي إلا من خلال الأدلة التي يسوقها الكاتب الباحث من اجل إثبات نظريّته او فكرته او موضوعه، لكنه هنا (الحرز) لم نجد له في مقاله هذا أي دليل اوبرهان يدعم مقالته به سوى الإفتراء المحض. فهو لم يُبيّن لنا كيف ان لاحقيقة علمية تعرف للشيخ قاسم الطائي، ماهي الكيفيّة التي عرف من خلالها ان لاحقيقة له، هل بحث، هل فحص وتأكد من هذا الامر، وهل تبيّن فعلا له ان لابحوث اخرى لدى الشيخ الطائي سوى نسخة جديدة (شرح كتاب كفاية الاصول) وأذا كان هو مَن قال أنه أضاف هذه النسخة.. فهل يعني هذا ان ليس لديه بحوث أخرى غيره؟ وكيف عرف أنه شخص منكر في النجف، وماهي طبيعة هذا الإنكار، هل هو منكر كما لاحقيقة علمية له أم كيف هو منكر..؟ كذلك كيف قال المستفيدون منه أن هناك في مجاهل مدينة مشهد الايرانية من يقول بأجتهاده، كيف وائَمتَ هذا الأدعاء ياجناب الكاتب؟ إذا كان هو منكر وغير معروف في النجف والعراق فكيف يكون معروفا من قِبل المجاهيل في مشهد ايران..؟ هذا تناقض واضح يُسجّل على الكاتب. ماهي الضابطة لدى الكاتب في معرفة المرجع او المجتهد؟ وما قولك في المتصدّين قبل عام 2003 هل هم مشمولون بمقالتك ام لا؟ وهل إذا لم يقل او يعترف مرجع دين برجل دينٍ آخر غيره فهل يعتبر هذا دليل يضاف الى ضوابط معرفة المجتهد؟ وما قولك لو سكت مرجع الدين حتى عن هذا الاقرار؟، وما هو المائز بينهم في هذه الحال؟. نحن متأكدون ان الكاتب لن يستطيع الاجابة عن هذه الاسئلة، ليتضح بعدها له كيف ان المثقّف او الناقد يعرف جيدا عمّ يتحدث.

ثالثا الشيخ صالح الطائي، حسب معلوماتي عن هذا الرجل أنه رجل خيّر وفاضل ومن أهل الخير والصلاح، وهو من اهالي مدينة الكوت، وحسب إطلاعي له مؤلّف في التفسير تجاوز المائة جزء، ولست اعرف عما اذا كانت عنده بحوث ومؤلفات اخرى غير التفسير؟ لكن الحرز هنا يقول أن لديه كتابات أخرى (فقهية واصولية ولكن تحتاج الى برنامج باسم يوسف). لكنني استغرب من جناب الكاتب (الحرز) لماذا ينعت الشيخ صالح الطائي ويصفه بالنفسية العصيبة (نموذج ثالث يبلغ حداً نفسياً عصيباً يدعى صالح الطائي) ماهو الشيء الذي يُغيض الكاتب من الشيخ الطائي، ماهو المبرّر لأن يصفه بهذا الوصف؟ هل هناك عداءا شخصيا، هل من سبب، هل توجد أذيّة شخصية سبّبها الرجل للكاتب، لانعرف؟ فلماذا هذه الحملة، كذلك هل أطّلع على كتابات (كما يسميها الكاتب) الشيخ صالح الطائي، وكيف قيّمها؟. ثم يستطرد الكاتب (يكتب عن نفسه بأن مقالاته حول القرآن هي (أحسن تفسير للقرآن الكريم في تاريخ الاسلام) و في مفتتح الجزء 43 من هذا الاسفاف يقول (يجب على كل مسلم و مسلمة تعلق بذمتهما الخمس و الزكاة شراء دوره من هذا التفسير) فهو الكاتب و الناقد المادح لما يكتب و الفقيه الذي يجب على الآخرين شراء أوراقه!! اما ما يكتبه في علم الاصول و الفقه فيحتاج الى برنامج باسم يوسف). لاأرى مايُغيض الآخرين بكلام الشيخ الطائي ومديحه لنفسه فهذا شأنه ورأيه وله وجهة نظر فيما يكتب وهو أعرف بنفسه وقدره من غيره، كما ليس بكلامه أي تقريع او تقريض او قدح بأحد من الناس فلماذا هم مغتاضون..؟ ايضا لانعرف سوى الخوف خوف المؤسسة الدينية السائدة من ان يبرز رجل الدين العراقي ويتصدّى لأمر الأمة فيسحب البساط من تحتهم.

&