تطلق الماکنة الاعلامية للنظام الديني القائم في إيران و العديد من الاوساط السياسية و الاعلامية التابعة او المسايرة له، على هذا العصر، عصر الصحوة الاسلامية و إنتشار الوعي الديني و تراجع الافکار و الطروحات اليسارية و الليبرالية و الانسانية أمامه، لکن هذه الماکنة التي تهدر أموالا طائلة على حساب الاوضاع المعيشية للشعب الايراني، تتهرب من بديهية أخرى صارت أمرا واقعا، وهي الفتنة الطائفية التي تضرب بأطنابها في العراق و سوريا و لبنان و اليمن و البحرين بل وحتى إيران نفسها!

هذه الصحوة الاسلامية المزعومة التي تتمشدق بها الماکنة الاعلامية للنظام الايراني و أذنابها و من سار على نهجها، هي قضية مبنية في اساسها على إثارة النعرات الطائفية و إماطة اللثام عن أمور و قضايا و وقائع تأريخية تحيط معظمها الکثير من الغموض و التعقيد و صارت في حکم القضايا المطلسمة و المفعمة بالالغاز و التي لايمکن حسمها او معالجتها بنقاش او حوار او ملتقى، فکل ذلك مجرد حوار غير مجدي في نهاية المطاف ولايمکن إعتباره إلا بمثابة مهدئ ولذلك فقد دأب الفريقان على تحاشي الاصطدام و خوض النقاش في تلك الامور و القضايا، لکن جديد"صحوة الجمهورية الاسلامية الايرانية"، انها سلطت الاضواء بقوة على هذه الامور و القضايا و أثارتها أکثر من أي وقت مضى، وهو مادفع بالاوضاع الى المفترق الحالي.

القتل على الهوية و عمليات الذبح و تهجير الاحياء و المناطق و تعليق الجثث على أعمدة الانارة و العلب المليئة بالرؤوس المنفصلة عن الاجساد والتمترس الطائفي في مختلف بلدان المنطقة، کلها من برکات هذه الصحوة المزعومة التي تطبل و تزمر لها وسائل اعلام النظام الديني الايراني، والانکى من ذلك، انهم يشيدون و يثنون على إستنساخ تجربة الحرس الثوري و التعبئة للنظام في العراق و سوريا و لبنان، ويعتبرونها إستمرار"للثورة الاسلامية المبارکة"، لکنهم في نفس الوقت ينأون بأنفسهم بعيدا عن الخوض في الجوانب السلبية التي هي المهيمنة على الاوضاع و الامور في هذه البلدان بل و المثير للسخرية انهم يربطون بين المشاکل و الازمات و الفلتان الامني الحاصل في هذه الدول بنظرية المؤامرة و المخططات الصليبية الصهيونية، من دون أن يدرکوا بأنه ليس بإمکان لا اسرائيل ولا الغرب کله أن يتغلغل مثل هذا النظام في أعماق شعوب المنطقة و يقوم بإحداث هذه التغييرات التي أحدثها منذ مجيئه الى دست الحکم قبل ثلاثة عقود، وان مقارنة مجريات الامور و الاحداث بين هذه العقود الثلاثة و العقود التي

سبقتها، يبرز دور النظام الديني بجلاء في هذه الفوضى و الفتنة الدينية التي أثارها في المنطقة و للحديث صلة.