&التساؤلات بشأن الألغاز الكونية لا تنتهي، فالعلماء يركزون على الــ " الكيف" ويتفادون الخوض في الــ " لماذا". فمن أين جاء الحساء الكوني الأولي ولماذا كان موجوداً؟ لا أحد يعرف على وجه التحديد. من الممكن افتراضياً أن الكون قبل التضخم نتج عن ترجرج أو تقلب الفراغ الكمومي أو الكوانتي fluctuations du vide quantique حيث أن نظرية الكموم أو الكوانتوم تقوم على نظرية المصفوفات التي جوهرها الاحتمال وليس اليقين، ولكن يبقى السؤال من الذي أحدث هذا التقلب والترجرج الكوانتي ولماذا؟ في مستوى بلانك، حيث مازلنا نحتاج ونبحث عن نظرية كمومية أو كوانتية للثقالة أو الجاذبية، يدار الكون البدئي وفق قوانين الميكانيك الكمومي، ويمكن وصف تلك الحالة بأنها بمثابة رغوة أو مجاج للزمكان قبل تشكله المادي المعروف، وبفعل الظواهر الكمومية أو الكوانتية، تظهر أكوان طفولية حديثة الولادة تسمى البي بي أكوان bébé-Univers تنبثق من هذا المجاج وتبدأ مرحلة التوسع ومن ثم، بسبب غامض لدينا، يحدث لها تضخم مذهل ومفاجيء وفي اقل من لمح البصر، بل وفي أقل من واحد من مليار المليار من الثانية. إذاً هناك شيء حديث وظهر للوجود، ولكن لماذا؟ تساءل الفيلسوف الألماني الكبير لابنيزLeibniz:" لماذا يوجد شيء ما بدلاً من لا شيء؟" بيد أنه لم يتمكن هو ولا أحد غيره من الإجابة على سؤاله لأن اللاشيء غير قابل للتفكير ولا معنى له في حين إن الفراغ الكمومي أو الكوانتي ليس اللاشيء ولا العدم بل هو كينونة تسيرها القوانين الكمومية أو الكوانتية، ويمكن تصوره أو التفكير فيه، وهو غير مستقر ويمكن أن يؤدي إلى ولادة أكوان طفولية تواصل تطورها كأي كائن حي. من هنا أعتقد بعض العلماء أن ماضي وحاضر ومستقبل الكون المرئي ثبت من خلال معرفة المعايير والثوابت الكوسمولوجية ولم يبق أمام علماء الفلك والكونيات سوى اكتشاف وقياس أو حساب تلك المعايير والثوابت paramètres، وبفضلها بوسعنا أن نعرف معلومات عامة عن محتوى الكون المرئي على مستوى اللامتناهي في الكبر. فالحسابات الحديثة عن الكون تطرح علينا ثلاث تساؤلات أساسية: ما هي البايرونات المادية العادية وما هي البايرونات الداكنة أو المعتمة أو السوداء، أو بعبارة أخرى المادة السوداء، إذ توجد كميات من المادة العادية أو الطبيعية المعروفة أكثر بكثير مما يوجد من نجوم منظورة ومرصودة من خلال ما تبثه لنا من ضوء؟ ماهي طبيعة أو ماهية المادة السوداء غير البايرونية، حيث تبلغ نسبتها الكلية من الكثافة 30% في حين أن المادة العادية لا تسهم سوى بنسبة 3%؟ ربما المقصود بذلك أن هناك نوع من الجسيمات توقعتها أو تكهنت بها نظريات توحيد المادة، أي نوع من الجسيمات الأولية التي ظلت على شكل حفريات أو شاهد على المراحل الأولى من عمر الكون المرئي، والتي تشكل حالياً المادة الطاغية في الكون، وهناك حسابات أخرى تتعلق بالثابت الكوني الذي تخلى عنه آينشتين في بدايات القرن الماضي وأظهرت الحسابات الرياضية الحالية ضرورة وجوده لمعالجة معضلة التوسع الكوني حيث يعمل بطريقة الضغط السالب المعاكس للجاذبية أو الثقالة أي يمكن اعتباره قوة نابذة وطاردة ولكن لا أحد يعرف مصدرها ولا طبيعتها أو ماهيتها أو خصائصها إلى جانب مشكلة هيكيلية وهندسة وشكل الكون المرئي التي تطرقنا إليها في القسم الأول في بداية البحث، ولماذا توجد أشكال محدودة جداً للمجرات مما يستوجب العودة إلى الوراء، إلى فترة تشكل المجرات وما قبلها. فالعلماء يسبرون بشكل أعمق الحالة الغريبة للكون عند ولادته ولقد تمكّن العلماء عن طريق جمع البيانات المأخوذة من اثنين من مسرعات الطاقة العالية، من استخلاص قياسات لخاصية استثنائية لأحد المراحل الغريبة في نشأة كوننا المرئي تعرف باسم البلازما (كوارك - غلوون) quark-gluon plasma. ولقد أظهرت النتائج سمات جديدة لهذا "السائل المثالي" فائق الحرارة، والذي سيوضح لنا حالة الكون المرئي المبكر بعد حدوث الانفجار العظيم مباشرة عندما كان عمر الكون جزء من مليون من الثانية فقط. ورد ذلك في مقال علمي بهذا الخصوص بعنوان المادة الغريبة: نظرة عن قرب للسائل المثالي تلقي الضوء على ما حدث في جزء من مليون من الثانية من عمر الكون بعد الانفجار العظيم Matière exotique: Le regard profond sur la fluide parfait, jette la lumière sur ce qui s'est passé en un fragment de seconde après le Big Bang

والذي يلخص نتائج عمل الفريق العلمي المدعو (JET) المكون من عدة علماء من مراكز أبحاث مختلفة بقيادة باحثين في مختبر بيركلي، حيث تمكن هذا الفريق من الحصول على أدق البيانات حتى اليوم عن أحد الخصائص الأساسية لبلازما (كوارك - غلوون)، والتي تكشف عن البنية المجهرية لهذا السائل المثالي، ويشرح Xin-Nian Wang العالم الفيزيائي في قسم العلوم النووية في مختبر بيركلي، بان السائل المثالي هو السائل الذي تكون فيه النسبة مابين اللزوجة والكثافة هي أقل قيمة تسمح بها قوانين ميكانيك الكموم. أي أن هذه السوائل تجري دون أن تعاني من أي نوع من الاحتكاك. وجاء في المقال المذكور توضيح بشأن حساء البلازما الساخنة La Soupe chaud de Plasma الناجم عن التجارب في المسرعات: "فمن أجل إيجاد ودراسة بلازما (كوارك - غلون)، لجأ الباحثون إلى مصادم الايونات الثقيلة النسبوي (RHIC) في مختبر بروكهيفن الوطني في نيويورك ومصادم الهادرونات الكبير (LHC) في سويسرا. ثم قام العلماء بتسريع نوى ذرية ثقيلة حتى طاقات عالية ومن ثم صدمها ببعضها البعض، واستطاعوا إعادة خلق الظروف الحرارية السائدة في الكون في لحظاته الأولى.

تتألف النوى الذرية من البروتونات والنيوترونات والتي تتألف بدورها من جسيمات عنصرية تدعى الكواركات، وترتبط تلك الكواركات مع بعضها بواسطة جسيمات أخرى تدعى الغلوونات. وتحت ظروف قاسية كالتصادمات عند درجات حرارة تتجاوز ملايين المرات تلك الموجودة في مركز الشمس، تنفكّ الكواركات والغلونات أو تنفصل عن بعضها لتصبحان سائلاً مثالياً عديم الاحتكاك وفائق الحرارة، يعرف باسم بلازما (كوارك - غلوون). إذ أن الحرارة العالية جدا ستؤدي إلى تلاشي الحدود الفاصلة بين النوى المختلفة، وبالتالي فان كل شيء سيصبح عبارة عن حساء بلازمي ساخن من الكواركات والغلونات. ويضيف Xin-Nian Wang بان هذا الحساء فائق الحرارة يتم احتواءه في حُجيرة خاصة مجهزة ضمن مسرع الجسيمات لكن المشكلة تكمن في أن مدى حياته قصير وسرعة انخفاض درجة حرارته وتوسعه يجعل من إجراء القياسات عليه يشكل تحدياً كبيراً. لذلك طور الفيزيائيون التجريبيون أدوات معقدة للتغلب على هذا التحدي، لكن تحويل المشاهدات التجريبية المتعلقة ببلازما (كوارك-غلوون) إلى بيانات محددة مفهومة عددياً كانت ولا تزال صعبة المنال حتى يومنا هذا.

في هذا العمل الجديد، قام العالم Xin-Nian Wang وفريقه بإعادة دراسة لظاهرة كان باحثون من مختبر بيركلي قد قاموا سابقا بشرحها نظريا منذ 20 عاما، تلك الظاهرة هي (فقدان الطاقة عند جسيمات عالية الطاقة) داخل بلازما (كوارك - غلوون). ويشرح Xin-Nian Wang ما سبق، بأنه عندما يتم إنتاج بلازما (كوارك - غلوون) quark-gluon plasma، ينتج كذلك في بعض الأحيان جسيمات أخرى نشطة للغاية طاقوياً وبطاقة تفوق بآلاف المرات ما هو موجود في بقية المادة، ومن ثم تنتشر تلك الجسيمات خلال البلازما وتتبعثر وتفقد طاقتها خلالها.

وبما أن الباحثين يعرفون طاقة هذه الجسيمات عند تشكلها ويستطيعون قياس طاقتها عند خروجها، فإنهم سيتمكنون بالتالي من حساب فقدان الطاقة، مما يعطي فكرة عن كثافة البلازما وشدة التفاعلات الحاصلة داخلها مع هذه الجسيمات العالية الطاقة. وهي طريقة سبيهة بكيفية اختراق الأشعة السينية لجسم الإنسان حيث نتمكن حينها من رؤية ما بداخله، أي أن تدفق طاقة الجسيمات سوف يخترق البلازما فنتمكن حينها من رؤية طبيعة وخصائص البلازما.

برزت إحدى العوائق في تحقيق ذلك وهي أن بلازما (كوارك - غلوون) بمجرد إنتاجها فإنها تتوسع ككرة نارية، كما أنها تبرد بسرعة لتتحول إلى مادة عادية، لذلك فمن الضروري تطوير نموذج يصف بدقة توسع البلازما، النموذج ينبغي أن يعتمد على فرع من نظرية تدعى ديناميكيا السوائل النسبية، والتي تدرس حركة السوائل الموصوفة بمعادلات النسبية الخاصة.

وعبر السنوات القليلة الماضية تمكن باحثون في الفريق من تطوير نموذج كهذا، والذي يستطيع أن يصف عملية توسع البلازما ومراقبة ظاهرة السائل المثالي فائق الحرارة، مما يسمح بفهم كيفية انتشار الجسيمات عالية الطاقة عبر الكرة النارية من بلازما (كوارك - غلوون).

حلل الباحثون بيانات مجموعة من تجارب أجريت في كل من مسرع RHIC، وأخرى في مسرع LHC، حيث إن كل مسرع منهما أنتج بلازما (كوارك - غلوون) عند درجات حرارية ابتدائية مختلفة. ولقد حدد فريق البحث معاملاً يميّز شدة التفاعل بين الجسيمات عالية الطاقة والمادة فائقة الحرارة. كما إن تحديد قيم المعامل السابق يمكن أن يساعد في تسليط الضوء على سبب كون المادة فائقة الحرارة هي أكثر سائل مثالي في الكون على الإطلاق.

ويقول Peter Jacob الذي يرأس مجموعة التجارب في مختبر باركلي، بأن النتيجة الجديدة قيّمة للغاية، وهي بمثابة نافذة تطلعنا على الطبيعة بالغة الدقة لبلازما (كوارك - غلوون). إن المقاربة المتبعة من قبل فريق العمل، المعتمدة على جمع جهود مجموعات عدة من نظريين وباحثين، تُظهر طريقة حصولنا على قياسات دقيقة أخرى لخصائص بلازما (كوارك - غلون) في المستقبل.

الخطوة التالية للفريق ستكون تحليل البيانات المستقبلية من مسرع RHIC من اجل الطاقات المنخفضة، ومسرع LHC من اجل الطاقات العالية، ورؤية الطريقة التي تؤثر بها درجات الحرارة تلك على سلوك البلازما، وخاصةً بالقرب من طور الانتقال من المادة العادية إلى حالة بلازما (كوارك - غلون).

ووفق مثل هذه المقاربات أعلاه غاص العلماء في دراسة وتحليل المفردات الكونية بغية معرفة الألغاز الكونية كاللغز الكمومي وألغاز اللانهايات من أجل التوصل إلى نظرية المجال الموحد التي أفنى آينشتين عمره وهو يبحث عنها ولم يجدها، وهي النظرية المفترض بها أن تكون النظرية الجامعة والموحدة الشاملة التي تجيب على أي شيء لكي تكون نظرية لكل شيء، على أن تتمتع بالجمال والأناقة والاتساق وذات تشكيل رياضي متقن وتستطيع أن تفسر كل شيء، من حركة المجرات إلى جيشان المكونات القابعة في عمق نواة الذرة، وأن تقدم الإجابات والتوقعات أو التنبؤات والتكهنات فيما يتعلق بكل الظواهر التي يمكن أن تظهر لاحقاً بهذا الصدد والمرتبطة بمعرفة أصل الكون وبدء الزمان وماهية المكونات المجهولة والسوداء، من طاقة ومادة ومضاد المادة وغيرها، وتقديم رؤية مقنعة ومثبتة عن فرضية تعدد الأكوان المتعددة الأبعاد كما قالت بذلك نظرية الأوتار الفائقة ونظرية التناظر الفائق منذ أن كانت مادة وطاقة مكثفة وساخنة بمقادير لا يتصورها العقل و الكون نفسه مضغوطاً في حيز كان أصغر بمائة مليار مليار مرة من البروتون، فحدث الانفجار العظيم وعلينا أن نعرف كيف ولماذا وأين ومتى وقع هذا الحدث الكوني. فالمفتاح الذي يفتح لنا الباب للولوج إلى باطن الكون ومعرفة أسراره هو الضوء، فما هو الضوء وهل هو جسيم أم موجة؟ حيث لابد من البحث المعمق في طبيعة وماهية الضوء وسرعته وعلاقته بنقل المعلومة لكي نسبر أغوار الكون وألغازه وأسراره.

كان نيوتن يتصور الضوء بأنه تجمع جسيمات صلدة تنتقل من مكان إلى مكان , إلى أن أجرى العالم توماس يونغ الطبيب وعالم الفيزياء البريطاني تجربة أجابت عن السؤال وهي تجربة الشقين الشهيرة.

لقد أضاء شعاعا ضوئيا ومرره خلال حاجز به فتحتان صغيرتان. احدث الضوء على الجانب الآخر من الحاجز شكلا من الضوء الصافي ومن النطاقات المظلمة , شكل ما يعرف بــ figure d'interférence أي تداخل الأشكال المتداخلة التي تحدثها كل أنواع الموجات , مثل موجات البحر.

عندما تلتقي قمة مع قمة وقاع مع قاع سيقوي كل منهما الآخر , بينما عندما تتقابل قمة مع قاع فإنهما يلغيان بعضهما. إن مناطق الإلغاء ستصنع شكلا من النطاقات المظلمة , حيث يلغي الضوء نفسه على غرار الشكل النطاقي للمياه الهادئة. اكتشاف يونغ أوضح إن الضوء يتصرف كموجة حيث إن التداخل بطبيعته ذا طبيعة موجية. ولكن اذا كان الضوء موجة , فما هو الوسط الذي ينتشر الضوء خلاله؟

لقد اقترح العلماء على الوسط المفترض الذي يحمل موجات الضوء اسم (الأثير الضوئي ). في عام 1887 قام العالم البرت مايكلسون وادوارد مورلي بإثبات عدم صحة وجود الأثير. فلقد اكتشف العالمان إن سرعة الضوء كانت هي نفسها في كل الاتجاهات , سواء كان الضوء ضد اتجاه الريح الأثيرية أو في اتجاهها. مما يدل على أنه لم يكن هناك في الواقع شيء اسمه ( أثير ). وهذا يعني أن الضوء ينتشر بدون وسيط. إلا أن نظرية الكموم أو الكوانتوم أوضحت إن الضوء يتصرف كجسيم في بعض الظروف , وكموجة في ظروف أخرى , أي أن له صفات الاثنين , إلا انه في الحقيقة ليس جسيما ولا موجة. وهذا يشير إلى أن طبيعة الضوء طبيعة احتمالية وليست يقينية وتتبع ظروف التجربة. إن الضوء حسب نظرية الكموم أو الكونتوم هو شيء أو علاقة احتمالية من بين احتمالات أخرى. ومن ثم أقيمت المقارنة مع أنواع أخرى من الموجات للوصول إلى مبدأ تطابق التراكيب super position وهو تطبيق لمبدأ تراكب الأمواج ( التداخل البناء ) ولكن ضمن ميكانيك الكموم الكوانتي , ويحدث عندما تجتمع موجتين في نقطة واحدة في الفضاء بنفس طور الموجة. أي يكونان بنفس السعة وبنفس الجهة في كل لحظة مما يولد اهتزازا ذا سعة عظمى تساوي مجموع سعتي الموجتين.

فالشيء الكمومي أو الكوانتي مثل الفوتون او الإلكترون يستطيع أن يفعل شيئين متناقضين في نفس الوقت. فالإلكترون يستطيع التواجد في مكانين في وقت واحد متخذا المسار الأيسر والمسار الأيمن في ذات الوقت وهو أمر يتسحل إدراكه بحواسنا البشرية المحدودة. ولقد أوضحت التجارب انه يمكن لإلكترون واحد أن يصنع نموذج تداخل في حين أن أي شيء كلاسيكي لا يستطيع ذلك. فالاكترون يمكن أن يتداخل مع نفسه. إن مبدأ تطابق التراكيب غريب جدا. فكيف يمكن لإلكترون واحد أن يتخذ مسارين بشكل متزامن؟ وكيف يمكن لفوتون أن يتحرك حركة لولبية لأعلى ولأسفل في نفس اللحظة؟ وأخيراً كيف يمكن لشيء أن يتخذ اختيارين متناقضين بشكل متبادل؟، هذه هي غرابة العالم الكمومي أو الكوانتي.

وتأتي الإجابة من المعلوماتية الحاسوبية les informations informatique. فعملية تجميع المعلومات ونقلها هي المواضيع الذي وجد فيها العلماء مفتاحاً لفهم فكرة ( تطابق التراكيب ) المشوشة والمناقضة للحدس والمنطق الظواهري لدى البشر.

بدا الشكل الجديد لميكانيكا الكموم الكوانتوم بالتشكل في عام 1925 عندما جاء عالم الفيزياء الألماني فيرنر هايزنبيرغ Werner Heisenberg بنظرية مبنية على مبدأ المصفوفات matrixs أو الــ matrices في الرياضيات ونظرية المصفوفات قائمة على مبدأ الاحتمال , وهو مبدأ هايزنبرغ إلى جانب مبدأ الريبة واللايقين.

في عالم الكموم الكوانتوم , تكون المعلومات التي تجمعها الالكترونات تختلف تماما عن البايتات Bits البسيطة التي يمكن إدراجها في شيء كلاسيكي (البايت هو الناقل الكوني للمعلومات ). فبينما يتحدث منظرو المعلومات الكلاسيكية عن المعلومات بمصطلح ( البايتات ) , فان منظري المعلومات الكمومية يتحدثون عن المعلومات بمصطلحات البايتات الكمومية او الكيوبايتات qubits. ففي نظرية المعلومات الكلاسيكية فان سؤال ( نعم , لا ) يمكن الإجابة عليه دائما بنعم أو لا. بينما مع نظرية الكموم فإن الأشياء الكمومية يمكن أن تكون في الحالتين في نفس الوقت , على الجانب الأيمن وعلى الجانب الأيسر. ويمكن أن يكون الإلكترون إلى اليسار آو إلى اليمين أو في الجانبين في آن واحد. وبالتالي يمكن للضوء ان يكون كلا من جسيم وموجة في وقت واحد وذلك يعتمد على ظروف التجربة.

إن عالم الشيء الكمومي أو الكوانتي ليس لديه هذا الانقسام كما في العالم الكلاسيكي. فنظرية معلومات الكموم ( دراسة الكيوبايتات ) هي منطقة ملتهبة في الفيزياء حاليا. وعلى الجانب العملي , يمكن للكيوبايتات عمل أشياء لا يمكن للبايتات الكلاسيكية عملها. فالكومبيوترات الكمومية أو الكوانتية تستطيع القيام بأشياء يستحيل على الكومبيوترات الكلاسيكية القيام بها.

إذا قمت ببناء كومبيوتر كمومي أو كوانتي كبير بما يكفي , سيكون بمقدورك تفكيك كل الشفرات على الانترنت كأنك تلهو بلعبة.ويمكنك التنصت على آية معاملة تجارية آمنة على الانترنت , وتفكيك الشفرة , وسرقة أرقام بطاقات الائتمان والمعلومات الشخصية التي يجري تبادلها. فكل شيء في الحاسوب أو الكومبيوتر الكمومي أو الكوانتي يتجاوز مدى وقابلية وقدرة وسرعة أفضل الكومبيوترات الفائقة في العالم.

ليس مصادفة إن وزارة الدفاع الأمريكية تولي اهتماما بالغا للتطورات والأبحاث والتجارب في مجال الحوسبة الكمومية quantum computing وتعد القوة الكامنة للحوسبة الكمومية سببا في أن منظري المعلوماتية الكمومية informatique quantique لا يجدون صعوبات في تمويل أبحاثهم. فالعلماء يرون أن الحوسبة الكمومية أو الكوانتية هي أفضل طريقة لفهم التناقضات الظاهرية لميكانيكا الكموم.

إن تفكيك الشفرات ممتع وهام , إلا انه لاشيء مقارنة بالأسئلة التي يطرحها العلماء عن الطبيعة. عندما يعالج العلماء كيبوتة واحدة فإنهم يحاولون فهم طبيعة المعلومات الكمومية، وبفهم المعلومات الكمومية , سيتمكنون من فهم مادة الكون , بل ولغة الطبيعة ككل.

ان التناقضات الظاهرية لميكانيكا الكموم تنتهي لان تكون في جوهرها، تناقضات بخصوص تخزين المعلومات ونقلها.

يتبع

&

[email protected]