لماذا نستغرب ونحتج ونلعن ممارسات داعش الوحشية الإجرامية مكرّرين أنّها تسيء للإسلام والمسلمين وتشوه صورتهم، ومثيل هذه الممارسات نمارسها في بلادنا من سنوات طويلة مترافقة ليس مع سكوتنا فقط بل موافقة وتصفيق نسبة منّا....وبالتالي يحتاج الموضوع وتفاصيلة لوقفة موضوعية شجاعة كي نقرّر إن كانت ممارسات داعشة هذه دخيلة على مجتمعاتنا أم هي عادية ونحن نمارسها في العديد من الأقطار العربية والإسلامية منذ سنوات طويلة ، وللتدليل على ذلك سوف أكتفي بعرض بعض هذه الممارسات التي أخذتها داعش من سياق الحياة الاجتماعية والثقافية العربية – الإسلامية، وهي ممارسات معاشة في أقطارنا منذ سنوات طويلة وما زالت وبالتالي لا يمكن إنكارها.

قصّ الرقاب
هذه العادة أو الممارسة ترقى لحد القانون في بعض الأقطار حيث تتم عمليات الإعدام بقص الرقاب بالسيوف أمام جمهور من المشاهدين الذين يصفق بعضهم ويصور قص الرقاب بعضهم الآخر، وفي بعض الأقطار يتم بعد قص الرقاب بالسيوف صلب الجثث مقطوعة الرأس لعدة ساعات أمام الجمهور، وهي ممارسات حقيقة ترقى لحد القانون يطبق على جرائم تهريب المخدرات و الاغتصاب والقتل والردة& والاعتداء المسلح ومورست بحق رجال ونساء، وهذه الممارسات يصدر بعد تنفيذها بلاغ رسمي حولها من وزارات الداخلية أو مكاتب قوى الأمن العام في تلك الأقطار، مما يعني أنّها قانون يمارس علنا وباعتراف رسمي وليست ممارسات سرّية. وضمن السياق الممارس نفسه من المهم الإقرار بأنّ عمليات الإعدام شنقا بحبل المشانق له نفس نتيجة قص الرقاب وبالتالي لا فرق بين الطريقتين فكلاهما له نفس النتيجة الوحشية لذلك تتصاعد في المحافل الدولية حملات وقف الإعدام بأية طريقة بما فيها الصعق بالكهرباء أو الحقن بالسم مثل ما يجري في بعض الولايات الأمريكية، وأيضا في بعض الأقطار الإسلامية مثل باكستان حيث قامت أسرة بإعدام ابنتها (17 عاما) صعقا بالكهرباء بناءا على قرار محكمة عشائرية.

الرجم بالحجارة والجلد
&يمارس هذا الرجم بحق الزاني والزانية في بعض الدول الإسلامية خاصة باكستان وأفغانستان وإيران، وقد مارسته أيضا أسرة مسلمة في شبه جزيرة القرم بأكرانيا بحق فتاة منها (19 عاما) بسبب مشاركتها في مسابقة لملكة الجمال أي أنّها لم تمارس الزنى. وقد أورد موقع " إسلام ويب ، مركز الفتوى" حقائق إسلامية مثبتة عن شرعية هذه الممارسة إذ ورد فيه:
(فقد دل كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على حد الرجم للزاني المحصن، فمن الأدلة ما أثبت الرجم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله في أخبار تشبه المتواتر، وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أنزله الله تعالى في كتابه وإنما نسخت قراءته دون حكمه، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب.. فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل، ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، وقد قرأتها" الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البته نكالاً من الله والله عزيز حكيم. متفق عليه ). ولم يكتف الموقع بذلك بل أورد أحاديث مسندة للرسول تؤكد على هذه الممارسة:
(وأخرج& مسلم& عن& عبادة بن الصامت& قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم )..&
وأخرج& مسلم& من حديث& أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني& قال عليه الصلاة والسلام: واغْدُ يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها، قال فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت، وكذا رجمه صلى الله عليه وسلم الغامدية، واليهوديين اللذين زنيا ).
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=26483

وقد وردت عقوبة الجلد في القرآن : ("الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" [النور: 20]. و واضح أنّ العقوبة يجب أن تكون علانية وبحضور فئة من الناس.

القتل على اعتبار تغيير الديانة
وفي ذلك أحاديث واضحة عن الرسول : " من بدّل دينه فاقتلوه" وكذلك " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك الجماعة". ويؤكد هذا الحكم الشيخ "عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف" في موقع "طريق الإسلام" إذ يقول: " وباب قتل المرتد من أعظم أبواب الفقه، هذا باب معروف، فإنكار هذا الباب والقول بأن هذا ليس في الإسلام غير صحيح، ولا يشترط أن يكون المرتد محارباً، فمن دخل في الإسلام، ثم أعلن نكوصه ورجوعه وإن لم يحارب المسلمين يقتل حداً، وهذا أمر لا خلاف فيه بين أهل الإسلام".
وقد مورس هذا الحكم في كل مراحل الدول الإسلامية و بعض العربية حديثا، حيث جرى اغتيال الكاتب المصري "فرج فودة" في التاسع من يونيو 1992 بعد مناقشات بينه وبين بعض شيوخ الدين، أفتوا صراحة بعدها بقتله بسبب زعمهم ارتداده عن الدين الإسلامي، وتمّ تكليف شاب لم يقرأ جملة من كتب فرج فودة فنفّذ الأمر. وبعد ذلك في أكتوبر 1994 جرت محاولة لاغتيال الروائي المصري "نجيب محفوظ" وأيضا بواسطة شاب قام بغرس السكين في رقبة نجيب محفوظ بقصد قطعها لكنّ نجيب محفوظ نجا من تلك المحاولة. وضمن نفس السياق فتوى الخميني بقتل الروائي البريطاني "سلمان رشدي" بسبب روايته (آيات شيطانية). والقتل بسبب تغيير الديانة ليس حكرا على المسلمين بل مارسه مسيحيون أيضا، إذ قام أب مسيحي أردني من عائلة "حدّاد" المسيحية في محافظة عجلون الأردنية في مايو 2014 بقتل ابنته الطالبة الجامعية "بتول حدّاد" بضرب رأسها عدة مرات بصخرة حجرية بسبب إعلانها لإسلامها. وهي محاولة جرت مثيلات لها في أكثر من دولة ففي قضاء "بحزاني" شمال شرق مدينة الموصل بالعراق، قام مئات من شباب ورجال هائلة من الديانة الأيزيدية برجم الفتاة "دعاء اسود دخيل" ( 17 عاما ) رجما وحشيا استمر وقتا طويلا حتى موتها، بسبب إعلانها إسلامها للزواج من صديق مسلم لها. وتمّ تصوير فيديو للعملية نشروه علانية ويظهر في الفيديو رجل يصرخ فيهم أن يرحموها من العذاب ولو بإطلاق رصاصة عليها كي تموت فورا بدلا من هذا العذاب المستمر.

وممارسات أخرى لنا سبقنا بها داعش،
فلماذا نستغرب ونشجب ونلطم ونتظلم؟ فداعش وأخواتها لم تنزل علينا من مجرات فضائية بل هي نسخة متطورة من ممارساتنا العربية الإسلامية التي ما تزال مستمرة في نفس وقت استمرار أعمال داعش المشابهة المثيلة..فمن يلوم من؟
www.drabumatar.com
&