أولا وقبل كل شيء لا يظن أحد من القراء الكرام انني ضد مساعدة أناس أبرياء سواء كانوا كردا أو عربا أو من اية قومية أخرى من اضطهاد ووحشية أي جماعة بل أي حكومة وسلطة كانت، لذلك ما تقوم به قوات البيشمركة في كوباني خطوة ايجابية، ولكن هذه الخطوة تثير العديد من علامات الاستفهام.

من الطبيعي أن يكون لكل انسان مشاعر خاصة تجاه ابناء قوميته أو طائفته أو وطنه ولكن هل بلغت النزعة القومية لدى كرد العراق حدا حتى انهم لا يغيثون أقرب الناس اليهم بينما يعبرون الحدود لينقذوا أهالي كوباني؟ أم أن مسلحي داعش الذين يحاولون السيطرة على كوباني يختلفون عن الذين احتلوا الموصل ومناطق من صلاح الدين والانبار.

لا أحد ينكر الجرائم التي اقترفها نظام صدام ضد الكرد ومجازره ضدهم، ولكن هل هذا يستوجب أن يحقد الكرد على كل العراقيين بل على كل العرب، ويجعلهم غير مبالين بالكوارث التي تجري في العراق، ومعاناة العراقيين المتواصلة سواء من التكفيريين أو من بقايا صدام؟ ثم ان الذين اضطهدوا الكرد في عهد صدام هم انفسهم يمارسون القتل وعمليات الاغتيال ويضعون المتفجرات هنا وهناك حاليا في العراق، أليس من مصلحة الكرد التعاون مع الحكومة العراقية من أجل القضاء عليهم؟

تصريحات كبار المسؤولين الكرد حول احتلال داعش للموصل وتأكيدهم بأنهم اخبروا المسؤولين العراقيين باحتمال اجتياح داعش للعراق ولكن المسؤولين العراقيين لم يعيروا أهمية لذلك لا يخلي مسؤوليتهم بل على العكس يثير التساؤلات عن سبب تقاعسهم في التصدي لداعش.

ماذا لو كانت داعش احتلت كردستان العراق، أليس من الطبيعي أن يأمل الكرد من بغداد أن تستنفر كل القوات العراقية لتحرير مناطق كردستان واغاثة الكرد، وماذا لو حررت القوات العراقية المناطق التي تحتلها داعش حاليا، فنقلوا معاركهم الى المناطق الكردية، هل سيقبل الكرد من اي عراقي أن يقول ما شأني بكردستان؟&

عندما يضع المراقب السياسي عدة معطيات جنبا الى جنب سترتسم أمام عينيه العديد من علامات الاستفهام، من بين هذه المعطيات..&

اعلان رئيس كردستان العراق بانه سيجري استفتاء لانفصال كردستان عن العراق.

اعلان تل ابيب بأنها ستعترف بدولة كردستان واستقلالها.

تصدير النفط وابرام اتفاقيات دولية من دون التنسيق مع الحكومة الاتحادية.

توفير سلطات كردستان الغطاء الأمني لنائب الرئيس السابق الهارب طارق الهاشمي في الوقت الذي طالب فيه القضاء العراقي باعتقاله ومحاكمته.

هروب كبار الضباط والقيادات العسكرية التي كانت تتولى أمن الموصل من معسكراتها ولجوءها الى كردستان.

اعلان رئيس كردستان مسعود البارزاني عقب احتلال داعش للموصل بأن هذه المرحلة ستختلف عن مرحلة ما بعد الموصل وكركوك.

كل من يشاهد مقطع فيديو نشر في موقع يوتيوب سيصدم، اذ انه يصور وجود ساترين ترابيين على جسر أو شارع أحدهما لداعش وآخر لقوات البيشمركة فيتقدم عنصر داعش الى ساتر الكرد مما يدفع عنصرين من البيشمركة الى التقدم نحوه، ثم يتصافح الطرفان ويتسامران ويدعو احدهما الآخر الى احتساء الشاي وكأنهما صديقان حميمان وليسا عدوين لدودين.

شاء الكرد أم أبوا فان مصيرهم مرتبط بمصير العراقيين، ومن الخطأ أن يعتقدوا أنهم في منأى عن الذي يجري في العراق فما يقع على العراقيين معنيين به ايضا ولا يظنون ان عدم استقرار العراق يتيح لهم الفرصة في ترتيب أوضاعهم، بل على العكس تماما فتدهور أوضاع العراق خاصة على الصعيد الأمني والسياسي ينعكس عليهم ايضا، ونزوح آلاف العراقيين من المناطق التي سيطرت عليها داعش نحو كردستان أوضح دليل على ذلك.

على بغداد واربيل احترام الاتفاق الأولي الذي وقعه وزير النفط العراقي مع حكومة كردستان وان يصر الطرفان على المضي قدما في السير قدما نحو مناقشة كافة الخلافات والسعي الى حلها، ويمكن تأجيل قضيتي كركوك وحدود المناطق، والنفط، فهما اللتان فجرتا الخلافات بين رئيس الوزراء الأسبق ابراهيم الجعفري مع الاقليم، كما ان القضيتين ذاتهما فجرتا الخلافات بين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والاقليم، ومن المؤكد ان اثارة القضيتين في عهد العبادي سيفجر المشاكل من جديد بين بغداد والاقليم.

ربما لم تتوفر للعراق منذ سقوط صدام والى هذا اليوم، الدعم الاقليمي والدولي كما تتوفر له في الوقت الراهن، وغير خاف على أحد ان هذا الدعم سيشكل انعطافة جديدة في العهد الجديد للعراق اذا تم استغلاله بشكل جيد، ومما لا شك فيه أن الكرد يلعبون دورا مؤثرا في نجاح استغلال الفرصة الحالية، هذا اذا أبعدوا عن جماجمهم سوء الظن بالعراقيين، وعموم العرب.

&