يعود الفضل في إخراج نمط جديد من الإدارة الحديثة إلى الياباني تايتشي أونهو الذي استفاد من كتاب ألفه فورد صاحب مصنع سيارات فورد الأمريكية وقام بنقل الأفكار إلى مصنع تويوتا وأطلق عليه اسم Toyota Production System (TPS) وذلك في عام 1932 أي أثناء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عصفت بالولايات المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وكانت تلك نقطة تحول كبرى في الإدارة الحديثة التي تبنت مبادئ القدرة التنافسية في المنتجات. وهذه المبادئ هي إنجاز الخطوات في الوقت المطلوب Just in Time وتقليل مخلفات العملية الصناعية ودمج مراقبة الجودة في عملية التصنيع نفسها.&

وعليه، فكان لزاما على المصنع أن يجعل عماله يعملون بروح الفريق الواحد، وكان ذلك سهلا على اليابانيين لأنهم بطبيعتهم شعب منضبط ويقدس الأخلاق ولا يتجاوزها. وفي الوقت الحالي، تتبنى معظم المصانع الكبرى مبادئ الإدارة الحديثة التي تقوم على العمل بروح الفريق. وقد استغل الدارسون هذا الفرع الجديد من الإدارة ببيع المعرفة والتدريب وهكذا نشأ سوق جديد لدورات تدريب الموارد البشرية. فالمكاتب الاستشارية تجني أرباحا طائلة من خلال عقد الدورات التدريبية لتدريب الموظفين على أخلاق المهنة والثقافة المؤسسية.&

وبالطبع فإن العمل بروح الفريق يستلزم الصدق والعمل الجاد والأمن الوظيفي وتحمل المسئولية. والباعث على السخرية هنا أن المصانع العربية (على قلتها) تبنت فكرة الإدارة الحديثة ونسيت أنه لا يمكن الفصل بين الثقافة العامة والثقافة المؤسسية وكأنها قالب من الكعك. وإذا كانت الإدارة الحديثة قد نجحت في بعض الدول المتقدمة، فذلك لأن الموظفين أنفسهم جاءوا من مجتمعات اعتنقت الأخلاق الحميدة كالصدق والعمل الجاد والنزاهة والمحاسبة وتحمل المسئولية والتعاون والعدل والإنصاف. فكان سهلا عليهم أن يعملوا في مصانعهم بنفس الأخلاق والمبادئ.

تعالوا معي لنرى ما هو الوضع في مصانعنا التي تحاول تطبيق الإدارة الحديث. في البداية، نحن مجتمع يقول ما لا يفعل. إذ أنك تستمع إلى أروع محاضرة عن الأخلاق المهنية والثقافة المؤسسية، بينما الواقع مختلف، فالموظفون يعملون دون دافعية وكسل ويقضون جل وقتهم يتواصلون مع آخرين عبر الهاتف الجوال، وإذا وقع خطأ ما، فإن الجميع يوجهون أصابع الاتهام إلى بعضهم البعض، أو إذا كان بينهم (عنز سمراء) فسوف تتجه أصابع الاتهام إليها.&

وخلاصة القول، يا أصحاب المصانع، وفروا أموالكم ولا تكلفوا خبراء تنمية الموارد البشرية بتدريب موظفيكم على مبادئ الإدارة الحديثة والثقافة المؤسسية الناجحة، لأنه لا يمكن الفصل بين ثقافة المجتمع وثقافة المؤسسة.&

&