الوطنية تعني محبة الأرض التي يعيش عليها المرء، وأن يعمل على رقي الوطن والمحافظة على المتلكات العامة وأن يقوم الإنسان بعملية النقد والنقد الذاتي ويشير إلى أماكن الخطأ وطرح البديل الصحيح، وأن يحافظ على مؤسسات الدولة وأن يشير إلى الأمراض الاجتماعية في هذه المؤسسات ويعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق مبدأ تكافئ الفرص والمساواة أمام القانون.

والوطنية تتطلب من الفرد أن يقوم بتربية أولاده على محبة هذا الوطن وسُبل المحافظة عليه، وكذلك تتطلب الوطنية من الإنسان أن يتقيد بالقانون والإلتزام بأسسه وقواعده، وعليه فالوطنية هي تلك الرابطة بين الفرد والدولة، وهذه بدورها تنتج حقوق وواجبات على المرء التقيد والقيام بها، فالوطنية تتطلب من الفرد الإفتخار بثقافة بلده وكذلك الإفتخار بالإنجازات التي تتحقق في الدولة، فالوطنية تتطلب من الفرد الولاء للوطن والذود عنه ضد أي تدخل خارجي والوقوف في وجه المؤامرات التي تحاك ضده، والإبتعاد عن المصالح الشخصية الضيقة والعمل على تحقيق المصلحة العامة.

وإذا نظرنا إلى هذا المصطلح ومدلولاته ومايحدث في أغلب الدول العربية فنلاحظ بأن هذا المفهوم في حالة يرثى له وهو في أزمة خانقة تكاد أن تقضي عليه، فقد ساد مفهوم المذهبية على حساب الوطنية، فالوطن يتفكك وينقسم بتغذية خارجية وبدعوى داخلية، فالبعض من من يعتبر نفسه ليبرالي- ديمقراطي ومعارض يعمل مع القوى الخارجية من أجل ضرب الوطن وتدمير مؤسسات الدولة ويعمل على أستقدام القوى الخارجية من أجل التدخل في الشأن الداخلي للدولة، فهذا العراق الغارق في الدم منذ 14 سنة، فكل يوم يصحى المواطن العراقي على دووي الإنفجارات التي تؤدي بحياة العشرات من العراقيين يومياً وهذا القتل لايفرق بين الصغير والكبير وبين العسكري والمدني، فالكل يقاتل الكل، والكل يكفر الكل.

والقاصي والداني أصبح يتدخل في الشان العراقي والنتيجة هي تدمير المؤسسة العسكرية العراقية وتدمير البنية التحتية للمجتمع العراقي والحرب الطائفية بين السنة والشيعة هي السمة الأساسية للحياة اليومية في العراق!!!، وكذلك حال ليبيا ليس بأحسن، فالمعارضة الليبية رحبت وعملت على أستقدام القوات الأجنبية التي عملت على تدمير الدولة الليبية وأنقسمت هذه الدولة إلى عشائر وقبائل والسلاح أصبح بيد كل إنسان والكل يقاتل الكل، وحال سوريا أسوء فالحرب الأهلية دائرة منذ 4 سنوات وأصبح نصف سكان سوريا مهجر داخلياً وخارجياً، وأصبحت الأرض السورية مسرح لتصفية الحسابات بين القوى الخارجية والإيديولوجيات المتصارعة، وأصبحت سوريا مسرحاً لصراع الجبابرة ومسرحاً لصراع على ثروات البلاد، وأصبحت الأرض السورية مسرحاً لصراع بين مذهبي الشيعي والسني، وتوافد كل مجرمي العالم ولصوصه والخارجين عن القانون وقطاع الطرق إلى سوريا وكل هذا بمباركة المعارضة السورية ( الإئتلاف السوري وقبله المجلس الوطني، والذي لم يكن يتصف بأي سمة وطنية) فهذه المعارضة مرتبطة بالأجندات الخارجية وتعمل على تنفيذ الأهداف الخارجية من أجل تقسيم سوريا، طبعاً كل ماحصل تتحمل مسؤوليته في الدرجة الأولى السلطات الحاكمة فلو أنها منحت الحقوق وسمحت بالحريات وأجرت الانتخابات الحرة النزيهة وحققت مبدأ تكافئ الفرص، ولوساوت بين المواطنين أمام القانون ولو لم تسلط سيفها على رقاب الشعب من خلال الأجهزة الأمنية التي أوجدتها لما آلت إليه الحال إلى ما هو عليه.

فالوطنية ذهبت مع أدراج الرياح، فالولاء لم يعد للوطن والأرض وأصبح الولاء للمذهب وللمعتقد وهذا سوف يؤدي بالتالي إلى الولاء داخل المذهب إلى الولاء للقبيلة وللعشيرة ومن ثم للفخذ وللأسرة إي الولاء للوطن سوف يعود بأدراجه إلى الوراء دور.

[email protected]