استعادة العراق لحضارته يتبناها مجتمع عراقي محطم بلا عقيدة سياسية وبلا رؤية حضارية لحكومة تسند هذه الرؤية. تبذير أموال العراق المذهلة لاقتناء الأسلحة يفوق الخيال وأضراره العامة التدميرية للمجتمع تضاف الى الناحية النفسية وألأخلاقية المرعبة وما تتركه من فوائد مالية معروفة للمنتفعين الداعين لحيازته.
&
المرحبون بالسلاح والعتاد من قادة العراق والأسراع بتسليمه الى الحكومة والعشائر والمليشيات يُقابل بالكثير من الأمتنان والشكر ومن مختلف الأوساط الرسمية والشعبية ويُنظر أليه كإنجاز وطني ضخم. وشركات وعقود التسليح والمجهزين والوسطاء والشركات وتجار توريد الأسلحة في دول كفرنسا وبريطانيا وأمريكا والصين وروسيا يتسارعون على المنافسة الحرة والتفاوض وإبداء وعرض مايمكن عرضه من أسلحة فتاكة حديثة وبأسعار تنافسية وتواريخ تسليم كما ترغب بها حكومة العراق الأتحادية وحكومة الأقليم الكردي وترحيبهما الرسمي للسلاح وتعتبرانه إنجاز تاريخي وطني،خاصةً بعد دخول داعش ودولة الخرافة الأسلامية على خارطة الجغرافية السياسية والعسكرية.
&
&تخصيصات العراق للأسلحة عام 2012 كانت كما هي موضحة ومقربة أدناه قياساً بالأردن لامبرر لها إلا في عقول من لايستطيع رؤية مخلفات الدمار والتشريد والتهجير التي جلبتها هذه الأسلحة على أهل العراق، وعقول لم تستطع أجلاس المعارضين ومنع فرصتهم من فرض " فرق تسد " وفق المذهب، للتسلط أو السلب والنهب أو الإنتقـام. هذه العقول التي لم تُهيئ قاعة حكومية واحدة للتفاوض والحوار على مستقبل العراق والحفاظ على وحدته وأمنه قبل تهيأة القاعات لعقود السلاح مع تجار الأسلحة. فمن الواجب والذكاء الأمني أن لاتُعامل جهلة خرافة الخلافة الأسلامية بالمناطحة العسكرية المباشرة والنزول الى تكتيكاتهم، في وقت تتوفر طرق عديدة لشعرة معاوية في تفرقتهم وضم من يصلح الى جانب سيادة الدولة وجعل الأخرين ينفرون من جهادييهم ومعتقداتهم وخرافة أكاذيب دولتهم الخرافية. هذا ماتفعله دول وعقول قادتها من السياسيين.
&
&وقياساً بالأردن المستقر نسبياً وتخصيصاته البسيطة لشراء الأسلحة، عجز العراق رغم التخصيصات الكبيرة وزيادة أعداد الافراد والفرق العسكرية والطائرات الحديثة، عجز عن تصفية الحرب الإرهابية الجهادية خلال السنوات الماضية وأعاقتها جملة من المعوقات والمؤمرات والتبريرات وسوء الأدارة والحروب الجانبية للنفوذ والسلطة التي شاركت وأسهمت فيها شخصيات عراقية وخليجية لم يطالها القضاء نتيجة صعوبة تسلّيمهم للعراق ونظراً للفساد العام الذي خيّم على البلاد رافقتها مصروفات خرجت من الخزينة المركزية الى تركّيبة عمولات وسطاء إستيراد السلاح ((وهي تركيبة معقدة الغرض و مفهومة )) لبعض موظفي الحكومة وسلطة العشائر والمستشارين.&
&
&AFP&
في دول العالم الثالث، كالصومال وأثيوبيا وليبيا واليمن، يتنافس جهلة الخلافة على توسيع منطقة نفوذهم. وتركَ المتحكمون ((الشوط الطويل)) وهو الثقافة والتعلم وتهدئة الفوضى بالحوار وأيجابية التعايش بسلام ومنع الرعاع من حمل السلاح الى ((الشوط الأقصر)) وهو الترحيب بالسلاح وتبذير موارد الدولة على إقتناءه من شتى المصادر وتسليح الرعاع ودعم أبناء الوطن وتوجيههم للقتال بالمناطحة العسكرية)) لمقاومة الارهاب الذي طالما تحكّم بالأمي والجاهل وذوي الثقافة والتعلم المحدود من أبناء المجتمع، ورافقتها أفكار مذهبية لتجهيز الموالين والأنصار بالسلاح. وطالما تراكمت هذه الأفكار وأنتشر تحكمها بالجهلة والمثقفين ودعوات ورؤساء العشائر ورجال الدين من الشيعة والسنة والكرد وأفكار المسؤولين العراقيين والصفوة العسكرية المساندة وتمالكت أفكارهم بأنهم مُرسّلون لمهمة عسكرية تاريخية يقودونها بترحيب شعبي لإكمال تحرير محافظات عراقية سقطت بيد الأرهاب بقوة السلاح، وأن مسؤوليتهم تقع بترجيج كفة الخير العراقية على كفة الشر العراقية، والكفّة الرابحة هي سذاجة من يستخدم أعتى الأسلحة الثقيلة دماراً ويرش الدمار الكيمياوي ويشن هجوم عسكري أولاً وتخريب ماهو مخرب أصلاً وزيادة أعداد العوائل المُهجّرة.&
&
جنون شراء السلاح والعتاد وتخزينه والتدريب عليه، تضيف تعاسة مادية وإنسانية للصراع، في العراق، طالما " لا تجد لكَ أخ في الدين او نظير لك في الخلق" يمنع أهله من تغذية ماكنة خرافة الخلافة، ومادام عملاء السلاح منتشرون في بغداد وأربيل، سيستمر العراق بتعاسته "مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ" وبفائدة مربحة للتجار المتهافتين الى بيعه نظراً لكساد بيع السلاح في العالم المتحضر وتوجه معظم الشركات الصناعية العالمية الى حقول أخرى ومجالات ثانية كبيع معدات البناء والمكائن والحديد وصناعة الأدوية ومعامل ومختبرات التصنيع الغذائي والأجهزة الألكترونية، ويرسم خبرائها في مختبراتهم جداول وبيانات وأرقام بنسب عالية للربح تتجاوز ربح بيع السلاح ب 35 الى 40 بالمئة.&
&
في المنظور القريب لا يوجد من تطغي عليه أفكار التقدم الحضاري وتحويل العراق من مستورد رئيسي للسلاح وتعاسة التصريح به، الى من تتملكه روحية أستيراد ((الشوط الطويل)) وهو الثقافة والتعلم وتهدئة الفوضى بالحوار الأيجابي مع المعارضين وأخذ العراق الى طريق إستعادة كيانه وحضارته وهويته المفقودة.&
&
تفكيك العراق يتم بصورة أسرع من تفكيك الألغام وإزالة المتفجرات والعقد وحدة التوتر المذهبي والقومي نتيجة تفكك المجتمع و فقدان السيطرة على ثقافة أبنائه والنزعة العارمة الى تنكّب وأمتلاك السلاح بتشجيع من زعامات عشائرية عراقية عربية وكردية ودينية. وإجتهاد السياسيين العراقيين الذي لايصب في مخاطبة شباب وشابات ورجال ونساء العراق للعلم والثقافة والتربية الوطنية القويمة بل يصب جهدهم في إيهامهم بأن الصراع المذهبي أهم من أي عمل آخر، وهو خداع صريح بالحاجة الى السلاح والعتاد وبمخاطبة حكومات و شركات ومؤسسات لتقديم عروضهم ونوعية أسلحة جاهزة للتسليم من أموال مهدورة ومسروقة لم تتوقف منذ 60 سنة، وهو تصغير لأنفسهم بأخذهم العمولات وتقديمها للمنتفعين من هذه الصفقات حيث لايخاطبون أنفسهم ومعتقداتهم البالية التي قسمّت العراق بقوة عقيدة السلاح البائسة ودروسها المؤلمة للشعب العراقي.
&
تتحكم بأفكار المسؤولين العراقيين الحاليين مهمة إكمال تحرير محافظات عراقية والأنبار بالذات من الأرهاب الأسلامي المحلي والعربي والأجنبي وتقع مسؤولية التحرير بالدرجة الأولى على عاتق عشائر الانبار ونينوى وديالى وصلاح الدين وتخاطبهم بغداد بطرقها العقيمة البائدة المختلفة التي تبدأ كالعادة بسذاجة " أننا نحارب الأرهاب بأبنائنا نيابة عن العالم " بتزويدهذه العشائر بالمال والسلاح والعتاد، كما أنها تأمل أن تستكمل الدول الأخرى قوتها العسكرية والمشاركة في حملة إنهاء المهمة. ولا يبدو أن المسؤولين العراقيين ودبلوماسييهم يتجهون الى وضع إختيارات بديلة تتجنب إختيار القتل والدمار وحرق المدن العراقية وزيادة بذر روح الكراهية والصدام الأزلي.
&
&رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني أشار الى دعم التحالف الدولي للاقليم وإنتقده كذلك لأن "التحالف لم يرتق حتى الآن إلى المستوى اللازم لتزويد قوات البيشمركة بالأسلحة الثقيلة التي طالبت بها لمحاربة تنظيم داعش".
&
والجبوري رئيس مجلس النواب توجه الى عشائر الانبار ومخاطبته لعدد من أعضاء مجلس النواب عن محافظة الانبار وادارة مجلس المحافظة وقادة الأمن والمستشارين العسكريين وتكلم عن كيفية معالجة الأمور ( بوجوب عدم رضاهم بالضيم والخنوع والاستسلام لإرادة خفافيش الليل من داعش ) وعليهم ( إتخاذ قرار شجاع لخوض المواجهة بأي عدة وعدد حتى لو حملوا عصيهم رماحا وأحجارهم عتادا ). واوضح ان الجولة الكبرى التي يخوضها العراقيون اليوم بالنيابة عن العالم ستحدد البوصلة ومؤشر النجاح او الفشل.. داعيا المجتمع الدولي لان يستكمل المهمة ويشرع في تطويقها خشية انتقال وبائها لدول الإقليم بل والعالم اجمع ).
&
&العراق اليوم بأمس الحاجة لتكليف عراقي لجلب معارض داعشي الى طاولة المفاوضات للحديث عن بطلان وزيف الخلافة وتطويق مراميها ((وماأكثر المنشقين عن ابراهيم عواد البدري السامرائي )). ليس ضعفاً أن تقوم الحكومة بترتيب الحوار والمبادرة بالمفاوضة السياسية، حيث تشير بعض المصادر أن أبو بكر البغدادي، على خِلاف مع منافسيه، وقد كلف الوالي الشرعي لتنظيم "داعش" حسام ناجي اللامي، الموقوف حاليًا لدى الحكومة العراقية، الرد على فتوى أبو محمد المقدسي (أحد أبرز منظري السلفية الجهادية) الذي قال ببطلان الخلافة، الأمر الذي يضع داعش في صراع خفي مع التنظيمات المسلحة في الميدان وتباين أهداف كل مجموعة وأخرى، وبالأخص مع الجيش الاسلامي وكتائب ثورة العشرين والقاعدة وجماعة أنصار الّسنة وجيش الطريقة النقشبدنية ونشوب خلافات بين قيادات التنظيم على توزيع الأمراء لبعض المناصب في مناطق الأرهاب والبؤر الرئيسية وبأنتظار معارك مرتقبة يخوضها أبناء العراق نيابة عن العالم.&
&
باحث وكاتب سياسي&
&