تاريخيا.. عرف العراق بكونه (بستان قريش)! كما قال الوالي الأموي سعيد بن العاص قبل أربعة عشر قرنا من الزمان. ولكن من هي قريش العصر الحاضر؟ و كيف حولت سواد العراق و خيراته لبستان للنهب و الإستحواذ و السرقة العلنية بأدوات دستورية؟

الحديث عن (فرهود) أو سرقة العراق بالجملة و المفرق بات من ألأمور المعروفة في بلد أضحى مثالا للنهب و الإستئثار و السرقة بشكل مفتوح على أيدي العيارين و الشطار و السوقة و الغوغاء و الرعاع و الذئاب الذين تلبسوا أشكال السياسيين و تمكنوا من خلال عملية سياسية هجينة و لقيطة هي أصلا نتاج إحتلال أمريكي مدمر أجهز بالكامل على العراق و مقدراته و حوله لخرابة حقيقية سلم مفاتيحها لأشد قوى المجتمع العراقي تخلفا و لصوصية و إنعدام ضمير، و لعل وعود التغيير الإيجابية التي تقدم بها رئيس الحكومة العراقية الذي خلف الفاسد الأكبر نوري المالكي وهو السيد حيدر العبادي لم تثمر إلا عن متغيرات شكلية لم تلامس الجوهر الفاسد في ظل حالة إنحدار و تدهور عراقية غير مسبوقة من إنعدام السيادة و فقدان الإنسجام الوطني و الشروع في حرب أهلية طائفية مؤسفة تحت عناوين مكافحة الإرهاب الداعشي و الذي أنتج حربا طائفية دموية مدمرة لن يهدأ أوارها بل أن حطب وقودها يستمر في التصاعد مؤسسا لحالة الإنقسام و التشظي العراقية المستمرة فصولا منذ الفرهود و الإنهيار الأكبر عام 2003.&

اليوم وبعد أن تحول العراق لساحة حرب طائفية و تصفية حسابات دولية و بعد أن إخترق الإيرانيون سيادته المفترضة وبات جنرالات الحرس الثوري يصولون و يجولون في أرجائه و يقودون الجموع الطائفية الهائمة التي ترفع شعارات الثأر و الانتقام وقطع الرؤوس، وبعد معاناة ملايين المهجرين في الداخل في ظل شتاء لايرحم جاء الرئيس العراقي الجديد فؤاد معصوم ليمارس دوره في الفساد من خلال توزيع المناصب و المسؤوليات للأهل و الأحباب و الأقارب و الإستئثار بكعكعة السلطة المغرية و اللجوء لتفس الأساليب التي كانت تمارسها الدكتاتورية الراحلة، فقد تم تعيين إبنة الرئيس وهي الباشمهندسة جوان فؤاد معصوم بوظيفة مستشار في مكتب والدها و براتب شهري مقطوع يتجاوز 18 ألف دولار شهريا و الوظيفة رمزية و شكلية فقط لكونها تشكل بابا لنهب موارد الدولة الناضبة و الشحيحة في زمن التقشف القاسي و الصرف المفرط على العمليات العسكرية و جيوش الحشد الشعبي و تلبية إحتياجيات اللاجئين و النازحين وغيرها.

قد تبدو القضية عادية في تعيين الأقارب و الأبناء و الأصهار ولكن أن يتم الإستئثار و الإستهتار في هذا الظرف بالذات فإن ذلك يمثل فضيحة أخلاقية حقيقية لأحزاب و قيادات عراقية عبرت عن أسوأ النماذج في الأخلاق و إنعدام الضمير و الحس الوطني، وطبعا لا نلوم فؤاد معصوم ولا ابنته المحظوظة التي تتقلب في المناصب في ظل سياسة و منهج التحاصص الطائفي و العرقي، خصوصا و أن أهل الأحزاب الطائفية الإيرانية الحاكمة قد نهبوا حتى الثمالة كالدعوة و المجلس الاعلى و بقية الجمع الطائفي الطالح الكالح الفاشل المريض. فلماذا لاينهب الرئيس الكردي بعد أن مضى قطار العمر و سيدخل قريبا هو الآخر في غيبته العلاجية الصغرى للعلاج من أمراض الشيخوخة و التكرش في المشافي الأوروبية و التي ستكلف الملايين في علاج قيادات و رئاسات وجودهم من حضورهم ليس له قيمة فهم في النهاية مجرد هياكل فارغة لافي العير و لا في النفير، فحكام العراق الحقيقيين هم في طهران!

ومن طهران وحدها يتم صدور القرار العراقي، أما العلم و الدستور و المجلس النيابي و رئاسة الحكومة و رئاسة الجمهورية فهم مجرد أعجاز نخل خاوية وبابا واسعا و مفتوحا للنهب السلطوي و بلا حدود، فالسواد قد تحول لبستان نهب واسع لعصابات العرب والكرد والفرس و من لف لفهم من سقط متاع السياسة و المال في عراق يزحف على بطنه نحو الإندثار و التلاشي... عراق الحرامية و اللصوص الرئاسيين بات هو النموذج المترسخ لديمقراطية (طيحان الحظ) العراقية!! وفي ظل سلبية العراقيين التاريخية وصراعاتهم التي لا تنتهي فإن قطط الطائفية و العرقية و العشائرية السمينة ستظل تنهب العراق حتى النهاية!! كل شيء تغير فعلا ولكن نحو الأسوأ في وطن اللصوص العراقي الكبير.&

فلينهب الناهبون و ليلطم اللاطمون و تمتد قوافل الجائعين و المهجرين.. إنه بستان قريش! أليس كذلك يا كاكا فؤاد باشا معصوم؟

&

[email protected]