&
هل حقا سيتم التوصل الى إتفاق نهائي بحلول نهاية تموز 2015، کما حدد الاتفاق الجديد الذي أبرم بين مجموعة 5 + 1 وبين النظام الإيراني حول البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل و القلق؟ هل حقا أن طهران صادقة و جادة فعلا في نواياها؟ هل ان الغرب جاد و صادق في تعامله مع الملف النووي الايراني بنفس جديته و مصداقيته التي أبداها مع الملفين النووي العراقي و الليبي؟ اسئلة کثيرة تتبادر للذهن عقب عملية"اللحس"المزرية لفشل إتفاق جنيف المرحلي من جانب الدول الغربية و خصوصا الولايات المتحدة التي يبدو انها تنتظر کودو من وراء تمسکها بخيار التفاوض مع نظام هو الاخطر في تأريخ المنطقة.
&
مراهنة الرئيس اوباما على نوايا الرئيس روحاني، بإعتباره يمثل تيارا إصلاحيا إعتداليا يريد فعلا إيجاد حل للملف النووي لبلاده، انما يدل على قصر نظر و سوء فهم کامل للمشهد الايراني و ابعاده المختلفة، بل وحتى يدل على جهل مطبق و مثير للشفقة، لأن البناء الفکري السياسي لنظام ولاية الفقيه هو غير البناء الفکري السياسي لأي نظام شمولي دکتاتوري آخر، ومن المستحيل أن يتمکن شخص کروحاني من الحرکة و التصرف و إتخاذ أي قرار مالم يکن الامر صادر إليه من(نائب الامام المنتظر في غيبته)و(الحاکم بأمر الله)، أي الولي الفقيه.
&
لو عرف السبب بطل العجب، وان سحب هذه القاعدة على سر تمسك النظام الايراني ببرنامجه النووي و إصراره على طابع السرية و الکتمان الذي يحيط، لاتحتاج للکثير من التفکير لفك الرموز و الاحجية الخاصة بها، ذلك ان هذا البرنامج وکما وصفته ندوة بروکسل خلال الاسبوع الماضي(برنامج نووي عسکري تحت غطاء برنامج مدني)، فإن النظام الديني المتشدد قد شرع فيه اساسا کظهير و اساس و رکيزة يتم من خلاله فرض المشروع الديني الايراني الذي نرى فصولا منه تتجه للإکتمال في بلدان و تتأهب لبدء فصولا جديدة في بلدان أخرى من المنطقة.
&
نظام ولاية الفقيه، ان لم يحکم قبضته على المنطقة في نهاية المطاف فإنه زائل و ساقط لامحال، وهو يعلم بأن السير من أجل إحکام هذه القبضة من دون قوة فعلية رادعة تسندها أشبه مايکون بحاطب ليل، خصوصا وان الذي جرى في العراق من کسر هيبته وإجبار المالکي على التنحي رغم أنف کل المحاولات الملتوية التي بذلها قاسم سليماني، وکذلك رفض مشارکته في الحملة الدولية ضد تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي، جعله يدرك حجمه الحقيقي عندما تصبح اللعبة جدية، ولذلك فإن النظام الايراني قد تيقن بأنه من دون قوة رادعة سوف لن يکون مصيره بأفضل من مصير الکثير من أنظمة المنطقة التي تهاوت بفعل التدخل الغربي بطرق مختلفة، ولذلك فإن طهران ستتمسك ببرنامجها النووي و سوف
&
يکون العمل مرکزا و مکثفا فيه خلال الاشهر القادمة کي يحقق هدفه الاساسي الذي يجعل منه(کوريا شمالية)أخرى في بلعوم الدول الکبرى.
&
من يتتبع مايحدث في العراق بشکل خاص، حيث تتحول الميليشيات الشيعية المنتجة من المصانع العقائدية لنظام ولاية الفقيه، وأمام أنظار الرئيس اوباما و الغرب کله، الى القوة الاساسية على الارض، مضافا إليه مايجري في سوريا من تأسيس جيش عقائدي على غرار الحرس الثوري الايراني و قوات التعبئة، ناهيك عن دويلة حزب الله في لبنان و التي لها النسخة اللبنانية من الحرس الثوري الايراني، ومرور بميليشيا الحوثي و التي هي الاخرى النسخة اليمنية من ذلك الحرس، فإنه من الغباء و السذاجة المطبقة أن يکون هناك إنتظار او توقع بأن يضع نظام ولاية الفقيه ذات يوم حدا لتدخلاته هذه من تلقاء نفسه لأن ذلك يعني إنهياره و تلاشيه، والاهم و الاخطر من ذلك، ان من يتصور بأن نفوذ طهران سوف تقف عند هذا المستوى، لأنها تعرف ان التوقف أيضا في مستوى الانتحار البطئ، ولذلك ليس هنالك من خيار أمامها سوى المضي وعلى دول المنطقة ولاسيما الخليجية أن تأخذ هذا الامر على محمل الجد خصوصا السعودية التي تعتبرها طهران العقبة الکأداء التي يجب إزاحتها من أجل تحقيق مشروعها.
&
من الممکن أن ينجح رجال الدين في إيران في مساعيهم الى حد التوقيع على إتفاق نهائي بصيغة وسطية ترضي الجميع، لکن من غير الممکن بل وحتى من المستحيل أن يکون هناك تخلي عن البرنامج النووي العسکري الذي هو قلب و روح البرنامج النووي الايراني، ذلك انه من دون السلاح النووي فإن کل المساعي المبذولة في دول المنطقة و کل هذا النفوذ المستشري من جانب نظام ولاية الفقيه، سوف لن يکون سوى بيت عنکبوت وقطعا فإن طهران لم توصل حدودها الجديدة الى شواطئ البحر المتوسط و تخوم السعودية عبثا و من دون طائل!
&