منذ فترة وجيزة وكما على عادتي بينما كنت أتصفح بعض المجلات الرياضية على الإنترنت لفت نظري بوستر لللاعب "ميسي" يتناقله مشجعون عرب لبرشلونة. ما استوقفني في هذا البوستر هو طريقة تصميمه؛ صورة قريبة جداً لرأس ميسي تحت المطر وفي جو عاصف وكأنه في ساحة حرب مع نظرة مليئة بالقوة والثأر لدرجة أن أول ما يتبادر إلى ذهنك هو السؤال التالي هل هذا ميسي أم شخصية أسطورية من أساطير الإغريق واليونان.. هل هذا بوستر رياضي أم بوستر لفيلم "300" الجزء الثالث!!؟

إلى الآن قد يقول قائل لماذا أنت فاعل من "الحبة قبة" وهل أن بوستر كهذا يستأهل كتابة مقال!؟ الجواب هو.. أن مجموعة أخبار واقعية وقراءات عديدة ومشاهدات حية متعلقة بواقع كيفية تشجيع الكثير منا لهذه الرموز الرياضية هو الذي جعلني أكتب هذا المقال، حتى أنني تناولته من ناحية نفسية تحليلية.. فلماذا البعض يراهم في هذه المنزلة؟

هل هو الفشل الإقتصادي عندنا المنعكس سلباً على الأفراد والذي جعل الشخص يرى نفسه في هذا اللاعب، وبالتالي تتجسد الانتصارات من خلاله، أم هو الفشل القومي من خلال افتقادنا لرموز نوعية!؟ لأنه بكل تأكيد عندما البعض يتحدث عن أحد هؤلاء اللاعبين تشعر وكأنه يتكلم عن قائد تاريخي فَذ ومُنقذ! والحديث ليس فقط عن القاعدة الجماهيرية وإنما حتى في الصروح الإعلامية، مثال ذلك أننا نرى بعض المعلقين يسمي أحد اللاعبين بـ"سلطان الزمان" وآخر بـ"حاكم الزمان" وبعض المشجعين يرفع شعار ويقول "كتالوني لو قتلوني" في إشارة إلى إقليم كتالونيا الذي ينتمي إليه برشلونة والذي يطالب بالانفصال عن إسبانيا، ولن تصدق بأن هذه المسألة بالذات قد أجَجَت حرباً كلامية بين البرشلونيين والمدريديين في معظم المنتديات العربية، فترى الشتائم تنهال من كل حدب وصوب لأن أحد المشجعين يقول للثاني أنتم محتلين والثاني بدوره يرد على الأول نحن الملوك الحاكمين! ثم يأتيك من يقول لك بأن ميسي تبرع لليهود ويكره العرب بينما رونالدو رأيناه يضع الكوفية الفلسطينية على كتفه ولم يصافح يهوديا خلال أحد المباريات ويستفيض حتى تخاله كأنه سيقول لك بل هو من سيحرر الأقصى!!!

ما جعلني أكتب هذا المقال هو هذا وبل أكثر، فلقد قرأت في إحدى الصحف الذائعة الصيت في بلداننا العربية خبراً مفاده أن مواطنا عربيا مولعاً ببرشلونة قطع رأس صديقه المدريدي!!! فقط للتذكير، هؤلاء اللاعبين وبعد كل انتصار أو خسارة يذهبون للإحتفال أو الاستراحة في أحد المقاهي الليلية ويصرفون ألوف الدولارات ولا يأبهون مطلقا بما يحدث عندنا وربما البعض لا يعرف أسماء بلداننا وأين تقع على الخريطة، وفي المقابل نحن نقيم الأعزية بعد كل مبارة!.. بالله عليكم فهل هذا حال العقلاء! قد يأتي أحدكم ويقول ولكن هذا يحدث حتى في الدول الغربية، والجواب.. لماذا نتبع الغير شبراً بشبر وذراعاً بذراع!

ما جعلني أكتب هذا المقال هو الخوف من أن يصل الحال بالبعض ويقول القائد المُفَدَّى كريستيانو رونالدو!!!