1- بترول كردستان

&

نشر موقع "ويكيليكس" وثيقة عن مسؤولين أمريكيين في العراق قولهم" أن عائلة الرئيس مسعود البارزاني تسيطر على نفط إقليم كردستان، وأن هذا كان السبب في عدم إعطاء صلاحية التباحث حول الملف النفطي سنة 2010 إلى برهم صالح الذي كان رئيس وزراء الإقليم في حينها، وأعطتها حكومة الإقليم إلى أشتي هورامي".

وتداولت مواقع كردية وعراقية وعربية متعددة هذا التقرير المهم على نطاق واسع، والذي يشير الى أن العائلة البارزانية باتت هي الجهة الوحيدة التي يحق لها التصرف بنفط كردستان إنتاجا وتسويقا دون خضوعها لأية عملية رقابة برلمانية أو قانونية.

وقبل نشر هذا التقرير الأميركي كانت هناك تسريبات أن نيجيرفان بارزاني الرئيس الحالي لحكومة إقليم كردستان والمهندس الحقيقي للعلاقة مع تركيا، هو الذي يدير هذا الملف دون أن ينازعه أحد ما عدا وزيره للموارد الطبيعية آشتي هورامي الذي تم إستقدامه من الخارج لتولي هذا المنصب وهو المعروف بعلاقته الوطيدة مع الشركات النفطية العالمية.

قبل توقيع الإتفاق الإقتصادي بين حكومة نيجيرفان بارزاني والحكومة التركية والذي سيستمر لخمسين عاما القادمة والمستفيد الأكبر منه ستكون تركيا على المدى القريب والبعيد، كان النفط الكردي يهرب عبر الشاحنات الى إيران وتركيا وتباع هناك دون أن يدري بها أحد، وتودع عوائده بحسابات خاصة، وبعد إنشاء الخط النفطي الناقل بين كردستان وتركيا، أصبحت المهمة بمسؤولية الجانب التركي، ولا أحد أيضا يعرف كمية الصادرات ولا مصير عوائد النفط..

حين كان برهم صالح رئيسا لحكومة الإقليم كان نيجيرفان بارزاني معتزلا العمل الحكومي ما عدا إمساكه بملف النفط الذي كان يديره من منزله، حتى الحكومة ورئيسها لم يكن يعلم بمصير الكميات التي تصدرها وزارة آشتي هورامي ولا العوائد المتأتية منها، الى أن عاد بارزاني لولاية ثالثة كرئيس لحكومة الإقليم ثم الولاية الرابعة وهي حالة فريدة من نوعها في دول العالم قاطبة أن يتولى شخص واحد أكثر من ثلاث ولايات، فأصبح الملف النفطي برمته تحت تصرف نيجيرفان ووزير موارده الطبيعية، حتى في لقاء نادر لرئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني مع البرلمان إشترط عدم التحدث أو مناقشة الملف النفطي أثناء حضوره بالجلسة،رافضا بشكل قاطع الرد على أي سؤال يوجه اليه بشأن مصير و كميات النفط وعوائده.

ورغم توقيعه على إتفاق مع الحكومة العراقية الحالية بقيادة حيدر العبادي، هناك بند يتحدث عن حرية تصرف حكومة كردستان بالكميات الزائدة عما تم الإتفاق حوله وهي 150 ألف برميل الذي يفترض أن تصدرها كردستان يوميا وتودع في حسابات بنكية لصالح الحكومة المركزية، علما بأن كردستان قادرة حسب وزير الموارد النفطية على تصدير 400 ألف برميل يوميا، ولاندري أين تذهب عوائد هذه الكمية الهائلة وأسباب سكوت الحكومة المركزية عن تصدير النفط الكردي في إطار شركة سومو العراقية الحكومية المعنية بتسويق النفط.

يذكر أن رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني أسس قناة فضائية كردية تبث من أربيل ووضع لها ميزانية سنوية من عوائد النفط بمبلغ 35 مليون دولار، ويدير نجله إدريس الثاني مؤسسة خيرية، بكردستان.
&

&

2- ممتلكات الدولة
&

يحتل القصر الرئاسي الذي يشغله رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني بأحد الأحياء الراقية في مركز مدينة أربيل مساحة تقدر بحدود 40 أربعين دونم من الأراضي، وبنى داخل هذا القصر الرئاسي قصرين كبيرين يعرف أحدهما بالبيت الأبيض تيمنا بالقصر الرئاسي الأميركي، والثاني بالبيت الأزرق، وينتشر داخل تلك المساحة بحدود فوج كامل من القوات الخاصة التابعة لرئيس الحكومة، وقام نيجيرفان قبل عدة أسابيع ببناء سياج خارجي لمنتجعه الرئاسي يتحمل أقوى الإنفجارات والسيارات المفخخة كلف ملايين الدولارات.

وفي زاوية من هذا المشهد الكردستاني يظهر القيادي محمد الحاج محمود رئيس للحزب الإشتراكي الكردستاني،وهو يقاتل بجبهة " تل الورد " مع إبنه وأفراد حمايته إرهابيي داعش، ويطلق النار واقفا على رجليه مجموعة من الدواعش الذين يردون عليه بطلقة تصيب رأس ولده الأكبر فيقتلونه..

وقبل خوض المعركة يتوسل إليه مدير شرطة الأقضية والنواحي العميد سرحد قادر لكي يستقل سيارة مدرعة ضد الرصاص مادام يتوجه الى جبهة القتال فيرفض محمد الحاج محمود ذلك ويقول" وهل ستؤمن مثل هذه السيارة لجميع قوات البيشمركة الذين يتوجهون الى جبهات القتال بأرجاء كردستان؟. حالي حالهم، لماذا يستشهدون هم وأحافظ أنا على نفسي، أنا مثلهم..

هذان نموذجان لقائدين كرديين.

&

3- الهرم الأكبر
&

بعد إنسحاب القوات العراقية من أراضي كردستان إثر إقامة المنطقة الآمنة فوق خط العرض 36 بموجب قرار مجلس الأمن الدولي ردا على الإعتداءات الوحشية لقوات الحرس الجمهوري على المواطنين الكرد ومطاردتهم نحو الحدود التركية والإيرانية عادت معظم الأحزاب الكردية للإستقرار بمدن كردستان، وشرعت تلك الأحزاب في منتصف عام 1992 بتنظيم أول إنتخابات برلمانية فاز بها مناصفة كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والإتحاد الوطني بزعامة جلال طالباني فإقتسما البرلمان والحكومة وقادا كردستان بحكومة فاشلة إستمرت لإثنان وعشرون عاما فيما عرفت بحكومة الفيفتي فيفتي، مازالت آثارها شاخصة الى يومنا هذا.

منذ تشكيل أول حكومة كردية بالإقليم عام 1992 تعاقبت ثماني تشكيلات حكومية ثلاثة منها تولى رئاستها الإتحاد الوطني ( فؤاد معصوم وكوسرت رسول وبرهم صالح)، وخمسة حكومات لصالح الحزب الديمقراطي الكردستاني شغل أربعة منها نيجيرفان بارزاني وفي الخامسة كان نائبا لرئيس الحكومة( روز نوري شاويس).

يبدو أن في الحزب الديمقراطي لايجدون رجلا آخر غير نيجيرفان ليقدموه لرئاسة الحكومات التي تؤول إليهم، ورغم أن رئاسة الحزب الديمقراطي إنتقلت منذ 68 سنة ولحد اليوم بين الأب المؤسس ونجله مسعود بارزاني، يبدو أن نيجيرفان يريد أن يجعل حكومته وراثية أيضا بتسليمه لنجله الذي أكمل سن الرشد، بل أنه أصبح متواجدا في المؤتمرات الدولية ويلقي كلمات بإسم حكومة الإقليم دون أن تكون له أية صفة أو وظيفة بالحكومة اللهم إلا وظيفة نجل الرئيس؟!

التصرفات التي يقوم بها نيجيرفان بارزاني وإدارته لشؤون الحكم بكردستان، وإنشغال عمه وحماه مسعود بارزاني بإعلان الدولة الكردية المستقلة تنبئان بأن الكرد سيواجهون مستقبلا مظلما في ظل حكم هذه العشيرة التي تريد أن تجعلها مملكة وراثية أو إمارة على غرار بعض الإمارات الخليجية ليتوارث الأبناء السلطة عن آبائهم، وهنا تكمن المأساة، فحتى لو كان هؤلاء قدموا شيئا مفيدا أو تجربة حكم صالحة لما إعترض أحد، لأن هناك ممالك وأمارات أفضل بمليون مرة من الجمهوريات، ولكن كل ما قدمه هؤلاء الذين يحكمون كردستان اليوم لايعدو سوء تزيين واجهات الشوارع ببعض الأبنية الحديثة وجلها عائدة لأقطاب السلطة، وأغرقوا الإقليم بفساد لا أول له ولا آخر،وفرضوا قبضتهم الأمنية والعسكرية على جموع الشعب..

لقد آن الأوان لكي يلتفت الشعب الكردستاني الى نفسه ويتسأل الى متى يظل يرضى بالعبودية لعشيرة صغيرة تحكم البلاد، ويرفض الحرية وصون كرامته الإنسانية.

الأمر لايحتاج الى النضال المسلح ولا الى التظاهر في الشوارع، إن هو إلا الخط الذي يجره الناخب الكردي على القائمة الإنتخابية، فليحكم هذا الناخب ضميره وهو يدلي بصوته، لأن بصوته فقط يتحقق التغيير المنشود دون إراقة قطرة دم واحدة.

&

[email protected]