في بداية تسعينات القرن الماضي التقيت بصحفية فرنسية وقورة في باريس اسمها دومينيك كنت اعرفها منذ السبعينات rlm;ولازالت تعمل وتكتب في صحيفة فرنسية مرموقة وكنا نقوم معًا بعمل تقارير صحفية أبان الثورة في إيران. وقد سئلتني rlm;في حينها هل تذكر فلان ونقلت لي ذاكرة كنت قد نسيتها .. والذاكرة كما اذكرها.rlm;lrm; lrm;


قبل خمس وثلاثون عامًا في مثل هذه الأيام أي شتاء عام 1979 كانت إيران ومدنها ملتهبة بنار ثورة ما اسماها الخميني rlm;بعدها بـ laquo;الثورة الإسلاميةraquo;. وكان طلاب جامعة طهران قد قاموا باعتصام في الكلية التكنولوجية احتجاجًا على rlm;الممارسات القمعية للنظام آنذاك .. وذهبنا أنا ودومينيك لنرى ميدانيًا ما يحدث .. وطبعًا الملالي وخلافًا لعدم مشاركتهم rlm;في أي اجتماعات مماثلة سابقًا كانوا يشاركون في تلك الأيام في الاعتصام ليقولوا أنهم مع الطلاب .. وبينما كنت جالسًا rlm;أنا و دومينيك خلف منضدة لنتحدث مع الطلبة .. جاءني ملا وسلم علي، ورددت سلامه، وما مضى على سلامه الاول rlm;سوى دقيقتين حتى اكرمني بسلام آخر مرة أخرى، فقلت عليكم السلام ارجو المعذرة أنا مشغول الآن دون أن أدير rlm;رأسي عليه .. وألح علي بسلامه فسلم مرة ثالثة قائلاً هل تعرفونني يا سيادة المهندس؟ أنا سيد علي! أخو هادي rlm;الذي كان في السجن معكم .. قلت وعليكم السلام نعم اعرف هادي، واستمريت في عملي مع الصحفية.rlm;
ولكنه لم يكن يريد أن يتركنا وشأننا، وسئلتني الصحفية ماذا يريد هذا الملا؟، قلت يريد أن تقومين بحوار صحفي معه rlm;rlm;..اوعزت اليها بهدوء منشغل مهمهما أتركيه وشأنه (وكان جوابي هذا بفضل معرفتي بالملالي منذ سنوات) فقالت لا غير rlm;ممكن حوار مع ملا آخر .. يكفينا اليوم تحدثنا مع ثلاثة من الملالي؛كفى!. قلت نعم ولهذا السبب أنا لم أرد عليه. ولكن rlm;rlm;laquo;آقا سيد عليraquo; (أي جناب السيد علي) لم يكن يريد أن يتركنا، فقال سيادة المهندس تتذكرون عندما شرفتم إلى مدينة rlm;مشهد في حضرة فلان أنا وفلان جئنا لنرحب بكم، وبالرغم انني لم اذكر هذا اللقاء عند زيارتي مشهد ولكوننا نعمل مع rlm;صحفيين أجانب آنذاك كان كثيرًا من الملالي كانوا يأتون لزيارتنا، قلت شكرًا جزيلاً، وإستمر إن فلان هو زوج أختي (وكان rlm;يعرف إنني اعرف أخته وزوجها جيدًا) قلت نعم.. الله يخليكم، ثم بدأ بالحديث باللغة الأذربيجانية لكونه من أصل أذربيجاني rlm;ومعرفته إنني أيضًا اجيد هذه اللغة ورددت عليه بكلمة واحدة.. وأخيرًا وبسبب عدم امكانية الاستمرار بالعمل تركنا الموقع rlm;أنا و دومينك وذهبنا إلى مكان آخر في نفس الكلية. ولم تتحرك هذه الذاكرة داخلي وفي خيالي الاّ عندما ذكرتني rlm;دومينيك بذلك في باريس بعد حوالي خمسة عشرة عاما.rlm;
وكان هذا الملا هو السيد علي خامنئي المرشد الاعلى الحالي للثورة الإسلامية وكان آنذاك ملا عادي ولم يكن مستواه rlm;بمستوى ما يسمونه في إيران اليوم بـ laquo;آية اللهraquo; ولا laquo;حجة الإسلام!!raquo; بل يسمونه في تلك الأيام laquo;سيد علي روضه rlm;خوانraquo; أي كان يلقي خطابات وعظات في مجالس الفاتحة والعزاء ويقوم بالنعي.. والسبب لهذا الاصرار والتقرب إلي وإلينا rlm;كمثقفين وأبناء الثورة آنذاك كان يكمن في أن الملالي وحتى الخميني نفسه لم يكونوا يفكرون في يوم من الأيام بأنهم rlm;قد يصلون إلى الحكم .. وكان في بالهم بأننا نحن المثقفون والتكنوقراطيون سنستلم مقاعد الحكم وكانوا يريدون بسط rlm;علاقاتهم معنا لضمان مستقبلهم وليكونوا شركاء في الحكم.rlm;lrm;!. lrm;
وعلاقة الملالي مع الحكم في إيران معروفة تأريخيًا وقد شرح هذا المرحوم الدكتور علي شريعتي في مؤلفاته وخطاباته rlm;وكان مصطلح laquo;التشيع الصفويraquo; وlaquo;الصفويينraquo; من ابداعاته (اي ابداعات الدكتور علي شريعتي).. وأغلبية الملالي كانوا rlm;يتعاونون مع الأجهزة الاستخبارية للشاه سواء ممن كان في السجن منهم أم خارجه .. ولهذا السبب بالذات اول ما rlm;عملوا في الأيام القليلة بعد اسقاط النظام الملكي كانت السيطرة على مركز الاستخبارات في منطقة laquo;سلطنت آبادraquo; rlm;بطهران .. وقتلوا كل من كان قد قام باستجوابهم عندما كانوا بعض منهم في السجون فورًا لكي لا يكشف تعاونهم مع rlm;سافاك الشاه وقد كانوا يتظاهرون بمعارضته ليقولوا للمواطنين بأنهم قريبين لهم ومعنيين بامرهم وهؤلاء هم كانوا شريحة rlm;انتهازية وما زالوا على ذلك ازد عليه تسلطهم وجبروتهم القائم على بنيتهم الطفيلية الحجرية.rlm;lrm; lrm;


وجميع الإيرانيين وخاصة النشطاء في تلك الأيام يتذكرون جيدًا شعار laquo;شاهنشاها سباسraquo; (شكرًا أيها السلطان) الذي rlm;كان يردده عدد غير قليل من هؤلاء في العام 1976 في احتفال حكومي في السجن ، ليتم بعدها الافراج عنهم من rlm;السجن فورًا .. ولم يشارك في ذاك الإحتفال ولو شخصًا واحد من اعضاء منظمة مجاهدي خلق أو أي من التيارات rlm;التقدمية آنذاك.rlm;


اما المكان الثاني الذي احتله الملالي في الأيام الاولى بعد الثورة أيضًا كان مركز الاذاعة والتلفزيون وكانوا يعرفون اهمية rlm;الإعلام مثلما يعرف خامنئى جيدًا عندما كان يحاول مع دومينيك كي تجري حوارًا معه .. واصبحت الشبكة الوطنية rlm;الايرانية للتفلزة ولا تزال تعرض صور الملالي وافكارهم ونهجهم مما دفع بجماهير الشعب الايراني الى تسميتها اي rlm;تسمية التلفزة الايرانية بـ (بشم وشيشه) أي الصوف والزجاج!.rlm;
وبعد أشهر من هذه الأيام أي في مارس 1979إتصل بي خامنئي قبل الاعلان عن تأسيس حزب الجمهوري الاسلامي rlm;ليبلغني بخبر تأسيس الحزب وليطلب موافقتي أن يضع اسمي من ضمنهم أو على الأقل التعاون في الكتابة في rlm;الصحيفة الناطقة بلسان الحزب أي صحيفة laquo;جمهوري إسلاميraquo; التي كان يترأسها وكان أول رئيس مجلس إدارة لها، rlm;وكان ردي: إنني أفضل أن أبقى مستقلاً يا laquo;آقا سيد علي.rlm;lrm;.lrm;rlm;raquo;.rlm;
ومضت الأيام وكانت هناك لقاءات وحوارات أخرى وأتذكر انني التقيت به مرة وكان في بيته الجديد وسط طهران وبطلب rlm;منه في صيف عام 1979 بعد نقله من مدينة مشهد إلى العاصمة وكان في حينها عضوًا في مجلس (قيادة) الثورة rlm;الإسلامية. ذهبت إليه لأشرح له ما تجري من انتهاكات لحقوق الإنسان، في حين الثورة لم تحتفل بعيدها السنوي الأول rlm;rlm;.. وردًا على ما شرحت فقال لا هذه ليست انتهاكات، هناك من يعاد الثورة ويقصد rdquo;مجاهدي خلقrdquo; والآخرين وهناك من rlm;مع الثورة فطبعًا من يعاد الثورة يجب أن لا يتوقع أن يكون تعاملنا معه مماثلاً لما هو مع الثوريين .. قلت يا laquo;آقا سيد rlm;عليraquo; منذ متى أصبح الذين كانوا في السجون وتم تعذيبهم في الحكم السابق وعاشت عوائلهم أيام صعبة وشاركوا rlm;في كل المظاهرات اصبحوا اعداءا للثورة وأنتم الذين جئتم في الأيام الأخيرة وكنتم تتمنون وتريدون حصة منهم اصبحتم rlm;ثوريين..؟ ولم يستمر الحديث ونهضت وتركت بيته .. وفي اليوم التالي جاءني أحد الأخوة الذي كان لديه بعض العلاقات rlm;مع الذين كانوا في جهاز الملالي الاستخباري وطبعًا كان قيد التأسيس ليبلغني بأن هاتفي يتم التصنت عليه وقدم لي rlm;نسخة من مكالمتي مع أحد الاصدقاء وأنا اشرح له ما دار بيني وبين خامنئي!.rlm;lrm; lrm;
وكان اللقاء الأخير بيني وبينه في مارس عام 1980 وفي خضم الانتخابات النيابية الأولى في إيران وفي الحقيقة لم يكن rlm;لقاء .. وكنت في مركز اقتراع بصفتي عضو في الهيئة المشرفة المركزية للإنتخابات، جاء هو وحارسيه وسلم علي ولم rlm;ارد السلام عليه .. قال سلمت عليك لذكرى أيام كنا فيها معًا في الثورة، قلت أنا لم أكن معك في يوم من الأيام والآن لم rlm;أرد عليك بسبب ما تفعلونه في أيامنا هذه.rlm;
مضت الأيام ويصبح laquo;آقا سيد عليraquo; رئيسًا للجمهورية الإسلامية و تحول إلى درجة laquo;آية اللهraquo; بين ليلة وضحاها في rlm;حين أنه لم يكن قد اكمل ما يسمونه في الحوزة العلمية بـ laquo;الدرس الخارجيraquo;، وهذا بسبب خوف النظام من السقوط rlm;بيد الشعب وأنصار مجاهدي خلق ولملئ الفراغ السياسي بعد موت الخميني.rlm;


واليوم وبعد مرور خمسة اعوام على الانتفاضة العارمة في إيران حيث، وباعتراف قادة الشرطة، كادت طهران كليا تسقط rlm;إذا ما انضمت إلى بعضها البعض خمس مناطق فيها تلك التي كانت بيد المتظاهرين والمنتفضين وانصار مجاهدي خلق rlm;الإيرانية داخل إيران، يذعن قادة النظام إلى أن هدف الانتفاضة كان إسقاط النظام برمته محذرين أن laquo;الفتنةraquo; لم تنته rlm;بعد. ويكرر الملا احمد خاتمي بيدق خامنئي لدى مجلس خبراء النظام في خطبة الجمعة قبل اسبوع خوف نظام ولاية rlm;الفقيه من هذه الانتفاضة حيث أوقع هزة السقوط في كيان خامنئي ونظامه قائلا laquo;في هذه الأيام، أصحاب الفتنة لم rlm;يرحموا حتى على معزي سيد الشهداء. اني شخصيا أديت في طهران هذه صلاة يوم عاشوراء في احدى ساحات rlm;المدينة الكبيرة ووجدت بالضبط كأن طهران قد تحولت الى ساحة حرب. وحينذاك المرء كان يقول ان الخوف الذي استولى rlm;على طهران لم يكن يلمس في جبهات الحرب. انهم قد حولوا يوم اظهار المحبة لابي عبدالله الى ساحة للحربraquo;. rlm;lrm; lrm;نعم rlm;في هذه الايام بلغت صيحة الجماهير ذروتها المتمثلة في شعار laquo;الموت للديكتاتورraquo; وlaquo;الموت لخامنئيraquo; وlaquo;خامنئي قاتل rlm;وحكمه باطلraquo; وlaquo;الموت لمبدأ ولاية الفقيهraquo; وتعالت هذه الأصوات بالقرب من بيت خامنئي الذي لم تكن تفصل بين بيته rlm;عن الجماهير سوى مئات الأمتار وقوى الأمن .. وهذا هو الصوت المدوي لثورة الشعب الايراني الذي يسمعه خامنئي rlm;منذ فترة طويلة. rlm;
وبرأيي أن دومينيك تترصد هذا السقوط هذه الأيام وبعد أن بدأ خامنئي أن يتجرأ كأس السم النووي، لتذهب إلى طهران rlm;وتقوم بإرسال تقاريرها لإكمال ملف هذا النظام.rlm;