في هذه الأيام تتوجه أنظار العالم إلى الجولة الثانية من مباحثات جنيف 2 الخاصة بالمسألة السورية، والتي يتم فيها التفاوض بين وفد الحكومة السورية ووفد الإئتلاف المعارض، هذين الوفدين لم يذخروا جهداً وبعد كل لقاء تفاوضي بواسطة الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي عن إتهام الأخر بأنه السبب في عدم التقدم في العملية التفاوضية. وحتى مصطلح التفاوض هنا هو خاطئ، لأن التفاوض يتم في حالات النزاع والحروب بين الدول، ففي حالة وقف الحرب وإنتصار أحدهما على الأخر، يتفاوض الطرفان على الحصول على مكاسب ليست له من الطرف الأخر من خلال هذه العملية. وعليه فالعملية التي تجري بين هذين الوفدين يجب أن تسمى بالحوار، لأن الدولة السورية ليست ملك الحكومة حتى يمنحها لأحد، و ليست ملك للإئتلاف حتى يأخذها من الحكومة، فالغاية هي الوصول إلى وقف العنف والإرهاب في الدولة السورية ووقف العمليات الإرهابية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية بحق الشعب السوري وبحق مجتمعه، وأن تقف الحكومة السورية عن قصف المدن والمناطق السورية والتي يذهب ضحيتها العشرات من المدنيين.

وكما يقال بأن المكتوب مبين من عنوانه، أي مصير المفاوضات هي الفشل، فمن الناحية يُبحث في جنيف عن رضا الأطراف الخارجية ولايُبحث عن رضى الشعب السوري، ومن الناحية الأخرى هناك تفاوت بين هذين الوفدين في الإستراتيجية والتكتيك في آن واحد، فوفد الحكومة قد جاء، ولذكر بأن كلهما لم ياتيا برضى نفسسه ولكن أُجبرا على الحضور من قبل الأطراف التي تدعمهما، فغاية وفد الحكومة مناقشة وجعل الموضوع الأساسي في المفاوضات هو التصدي وإدانة إرهاب الجماعات المسلحة، كل من النصرة والداعش والجبهة الإسلامية، حيث تقول الحكومة عن كل من يحمل السلاح هو إرهابي يجب محاربته، وتقول من مهمة الدولة توفير الأمن والأستقرار ومحاربة كل خارج عن القانون، في الحين أن وفد الإئتلاف المعارض والذي لايضم في صفوفه كل أطياف المعارضة السورية، والذي لاتعترف به الجماعات المسلحة في سوريا، وحتى جيش الحر لايعترف به ويقول بأنه لايمثلهم، ولاأدري من يمثل هؤلاء؟.هذا الوفد جاء إلى جنيف وهو في قرار نفسه يحلم بأستلام السلطة في سوريا بدعم أمريكي وبمال عربي فتصور يارعاك الله أن دولا تفتقر إلى وجود دستور يسيّر أمور الدولة والمواطنين تتحدث عن تداول السلطة وعن تطبيق الديمقراطية في سوريا، فيالسخرية القدر، ووزير خارجيتها لايتنازل عن السلطة يقول بتداول السلطة في سوريا!!

الكل يعلم بأن الوفد الحكومي لن يتنازل بسهولة عن السلطة في سوريا مهما جرى وأن تدمرت سوريا عن بكرة أبيها، وكذلك الحال لجماعة الإئتلاف والذي لم يذخر جهداً من أجل الطلب من الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية من أجل القيام بضربة عسكرية ضد الدولة السورية على غرار ليبيا، ولايهمهم أن تدمرت الدولة السورية وأن تشرد الشعب السوري وأن وقع تحت الأحتلال الأجنبي، فكل حلمهم أن يصلوا إلى الحكم مهما كان الثمن الذي يُدفع من قبل الشعب السوري من قبل البنية التحتية للمجتمع السوري ومن الدم السوري، ولكن خاب ظنهم وضربت بأمالهم بعرض الحائط في كل مرة في المجلس الأمن بالفيتو الروسي الصيني المزدوج في وجه أي قرار ضد سوريا. لذا فهم أستقدموا السلفيين والإرهابيين من كل حدب وصوب، فلم يبقى قاطق طريق ولالص ولاإرهابي إلا وجاء عن طريقهم وبمباركتهم إلى الأرض السورية، فعثوا بأمن المواطن السوري وسرقوا ماله وحلاله على مرآى الجميع، وهُجر السوري من أرضه إلى الدول الجوار فتلقوا الإهانة وذل النفس في تلك الدول، وقصص أستغلال الشيوخ العرب لقاصرات السوريات على لسان العدو قبل الصديق.

الإئتلاف المعارض لم نسمع ولم نقرأ عنه حتى الساعة وعلى الرغم من الأعمال الإجرامية التي تقوم بها الجماعات المسلحة قي سوريا أية كلمة إدانة، وليس هذا فقط فأن الكثيرين منهم وعلى شاشات التلفزة أمثال لؤي مقداد وكمال اللبواني وغيرهم كرروا مراراً بأنهم جزء من الثورة السورية وبأنهم أخوتهم في الجهاد، ويهدفون إلى إقامة الدولة المدنية في سوريا، فتصور الأفغاني القادم من جبال تورابورا والذي يفتقر إلى كل وسائل الحضارة والتقدم والإنسانية يريد تطبيق الديمقراطية في سوريا، فيا لسخرية القدر، حتى أن رئيس المجلس العسكري في حلب العكيدي المستقيل على شاشة أورينت المعارضة وفي حلقتين كان يقول بأن لهم تنسيق مع أخوتهم في جبهة النصرة وداعش.

خلاصة القول إذا كان الهدف من مفاوضات جنيف 2 الوصول إلى حل من أجل وقف إراقة الدم السوري، فعلى كل من وفد الحكومة التنازل وتشكيل الحكومة الإنتقالية وعلى وفد الإئتلاف أن لايتحرك بناء على الأوامر الخارجية ويدين الأعمال الإرهابية التي تقوم بها كل من جبهة النصرة والداعش بحق الشعب السوري وأن يتوعد بمحاربته، والأهم من هذا وذاك هو وجود إرادة دولية من أجل حل المسألة السورية، لأنني أعتقد بأن راعيي جنيف 2 الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وروسيا الإتحادية من جهة أخرى غير جادين في حل الأزمة السورية، فإذا رغبا في ذلك فسوف نجد حل عما قريب ومن غير ذلك فمكانك راوح.

[email protected]