في تاريخ الفكر السياسي الإسلامي الشيعي، وهو تاريخ عميق و طويل و متداخل و حافل بإنجازات و مواقف مشهودة، لم يتم الإساءة له و تشويهه بمثل ما يحدث اليوم و منذ عقود في إيران!، وحيث يلعب النظام الإيراني لعبته الخبيثة و المسمومة في تشويه الفكر الشيعي و في ترويج الضلالات الصفوية، وفي جعل الهرطقة و التخريف و الشعوذة و الدجل هي الأساس المنهجي الذي يراد إبرازه لذلك الفكر؟، فخلال سنوات الحرب العراقية / الإيرانية مثلا، ومن أجل تحقيق بعض المكاسب المعنوية مثلا عمد أقطاب النظام الإيراني لإستخدام الموروث الفكري الشيعي أبشع إستغلال في ساحات الحرب من خلال الدعاية الإعلامية المكثفة أو من خلال إعتماد الأطروحة المهدوية في ميادين القتال عن طريق خداع البسطاء من الجند و معظمهم فلاحين و بسطاء وأميين بالقول بأن المهدي المنتظر يقاتل معهم!! بعد أن يلبسوا أحدهم لباسا ملونا و يحضروا حصانا أبيض و يمرروه أمام المقاتلين في خطوط الجبهات الأولى و المتقدمة!! ثم ينشرون الخبر لرفع الروح المعنوية بين المقاتلين و لضرب عدة عصافير بحجر واحد!! وقد تكررت تلكم الأحداث كثيرا و في مواقع مختلفة، كما كانت لمرحلة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد المعروف بنعصبه و تزمته و إيمانه بفلسفة جماعة ( الحجتية ) شطحاته الخطيرة و الطريفة أيضا في هذا المجال بل إنتقلت على المستوى الدولي من خلال التصريح بأن يد الإمام المهدي المنتظر ترعاه و تحميه وهو يلقي خطابه في ( نيويورك ) أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة!!، كما كان نجاد دائما ما يبشر بقرب ظهور الإمام الغائب و الذي لم يظهر رغم غياب نجاد عن الساحة و الأحداث!!

وقد تبلورت الستراتيجية الإيرانية المهدوية بشكل كبير بعد إحتلال العراق عام 2003 و تدهور البلد و تقدم التيار الإيراني في السلطة العراقية بإتجاه دعم و تعزيز ذلك التصور و تشكيل الجيوش المهدوية الموظئة و الممهدة لظهور الغائب كما يقولون!! وطبعا لم يحدث شيء سوى أن القائد العام لجيش المهدي الفيلد مارشال مقتدى الصدر غاب هو الآخر في غياهب الجب الإيراني متخليا عن القيادة و التوطئة و أي شيء آخر مكتفيا من الغنيمة بمحاولة الحصول على رتبة و درجة حوزوية فقهية متقدمة لن يحصل عليها أبدا لإنعدام الكفاءة و قلة الخبرة و عدم إستعداد أي مرجع شيعي للإعتراف بأعلمية و إجتهاد المهيب الركن مقتدى الصدر!، وفي مراحل الحرب السورية المحتدمة منذ ثلاثة أعوام بعد إنطلاق الثورة السورية ركب التيار الصفوي المهرطق الموجة و أعلن أن الظروف مؤاتية لظهور الغائب من خلال ظهور ما سموه ( السفياني ) في الشام! وقد تدخلت قوات الحرس الثوري و حزب الله اللبناني الإيراني لنصرة جلاد الشام على هذا الأساس رغم مخالفة ذلك التدخل للروايات الأسطورية وحيث أعلن لاحقا الولي الفارسي الفقيه علي خامنئي علنا بأن ( تدخل حزب الله في الحرب قد غير القدر )!!!!!

وهي هرطقة مضافة لهرطقات كثيرة سابقة!!، وكانت آخر موديلات الدجل و الهرطقة ما أعلنه رئيس لجنة صيانة الدستور و خطيب جمعة طهران المدعو ( أحمد جنتي ) وهو واحد من كبار رموز التيار المذهبي الصفوي المتطرف في إيران و معروف بتصريحاته الميتافيزيقية عن إعتقاده بل و جزمه بقرب ظهور الإمام المنتظر و إن النظام الإيراني على إستعداد تام لمواجهة ذلك الظهور القريب و الذي لم يحدد لنا سقفه الزمني و الذي جاء بعد تصريح آخر سابق لوزير الإتصالات و تنقية المعلومات في حكومة أحمدي نجاد اللواء محمد حسن نامي و الذي وعد فيه مستخدمي الإنترنت بأنه سيتم بث صوت و صورة المهدي المنتظر قريبا من خلال أساليب تقنية معينة خاصة بالطبقات الجوية!!، و طبعا لم يحدث أبدا مثل ذلك الشيء! و لم يتحقق الوعد الوزاري القادم من إبن لمؤسسة عسكرية كانت تستخدم الأطروحة المهدوية في رفع الروح المعنوية خلال سنوات الحرب السابقة!، تصريحات جنتي المهرطقة و المسيئة للفكر الجعفري الشيعي هي من علامات حالة التخبط و الفوضى التي يعيشها النظام الإيراني وهو يتنقل من هزيمة لأخرى بعد حصار مشروعه النووي و إنهيار مخططاته الإرهابية في الشام و تضعضع أوضاع عملائه في العراق و بما سيؤدي لإنهيار قريب للمشروع التخريبي الإيراني في المنطقة وحيث لم يعد يوجد سوى سوق الخرافة لترويج الأحلام و بيع الأوهام و الإغراق في الغيبيات التي لم تعد صالحة أبدا لإنقاذ نظام غاشم يصعد بإرادته نحو الهاوية من خلال بوابة الهرطقة و الدجل و الضلالة... و يا مثبت العقل و الدين..!