يصادف اليوم الخامس من آذار الذكرى الثامنة والأربعين لرحيل زعيم الحركة الوطنية الإيرانية الدكتور محمد مصدق. تحية إكبار وإجلال لرجل أثبت ولأول مرة في الشرق الأوسط أن من الممكن تحقيق مصالح الشعوب من خلال الإعتماد الصادق عليهم. ولايسع المجال للدخول في تفاصيل حياة ورسالة هذا القائد التاريخي العظيم، فمن المفضّل أن نذكر بعض المحطّات عن ما يتعلق به:
1. الملالي والشاه والإستعمار الغربي معا ضد مصدق
بعد تأميم النفط ودفاع مصدق في محكمة لاهاي وتكريس حقوق الشعب الإيراني في هذا المجال، وبعد عمل من أجل تكريس الديمقراطية في البلد، اتفق الثالوث التاريخي ضده وبدأ كل من بلاط الشاه والمحافل الغربية المتمثلة في وكالة المخابرات الأميركية والمخابرات البريطانية مع آية الله كاشاني وغيره من الملالي بحبك مؤامرة ضد حكومة الدكتور مصدق، أدت إلى انقلاب عسكري في 19 آب 1953 ضده وإسقاط أول حكم وطني حقيقي شاهده الشعب الإيراني طوال تاريخه وعودة الشاه إلى إيران. كما أن جماعة خميني الذين كانوا يعرفون آنذاك بlaquo;فدائي الإسلامraquo; كانوا يعملون بالتنسيق مع جماعة الشاه وضد حكومة مصدق. وبعد الإنقلاب طلب آية الله كاشاني من الشاه إعدام الدكتور مصدق! كما أن خميني بعد ما وصل إلى الحكم لم يدّخر أي فرصة للهجوم عليه، ومرة شَكَرَ الله - كذا- بسبب أن مصدق تلقى صعفة!
2. أكبر خطأ تاريخي للغرب في منطقتنا
يمكن أن نقول إن إسقاط حكومة الدكتور مصدق كان أكبر خطأ استراتيجي ارتكبه الغرب في منطقة الشرق الأوسط. ويجب التسجيل للتاريخ بأن لوافترضنا أن حكومته استمرّت لكانت صورة الشرق الأوسط مختلفة تماماً من واقعه الحالي. ولكانت الديمقراطية والرفاهية والسلام هي عنوان بلداننا في هذه المنطقة بدلاً من التطرف والإرهاب والحرب والفقر والدمار. يبدو أن هذه التجربة التاريخية المرّة ماثلة الآن أمام كثيرين من المحلّلين والمؤرخين. لكن مع الأسف الشديد بعد مجيئ خاتمي إلى الرئاسة فإن إدارة كلنتون وعلى لسان وزيرة خارجيتها مادلن آلبرايت قدّمت اعتذارها لارتكاب هذا الخطأ إلى الملالي الذين كانوا ولايزالون أكبر عدوّ للدكتور مصدق ولأسلوبه الوطني الديمقراطي في الحكم.
3. أمل الدكتور مصدق
في عام 1961، وفي تقريظ على كتاب laquo;الجزائر والرجال المجاهدينraquo; بقلم حسن الصدر الذي كان محامي الدفاع عن مصدق كتب القائد التاريخي للشعب الإيراني في إشارة إلي ثورة الشعب الجزائري: laquo;هناك شعب يقوم بتضحية كل شيئ في سبيل حرية واستقلال الوطن، والآخرون إذا كان لديهم رغبة في الوطن فيجب عليهم أن يسلكوا هذا الطريق وأن يختاروها... نتمنى من الله أن يوفّقنا بملء هذا الفراغ حتى نستطيع أن نقول إن لنا وطن وبلد ونحن أيضاً نضحّي بكل ما لدينا في سبيل تحرير واستقلال الوطنraquo;
4. المقاومة الإيرانية استمرار لحركة الدكتور مصدق
منظمة مجاهدي خلق الإيرانية تأسست عام 1965 على أيدي ثلاثة من الشباب الناشطين ضمن الحركة الوطنية الإيرانية في الخمسينات بزعامة الدكتور محمد مصدق. وفي عام 1972 أثناء محاكمة أول مجموعة من قادة حركة مجاهدي خلق في المحاكم العسكرية لنظام الشاه، أعلن مسعود رجوي عضو اللجنة المركزية الأولى للحركة أمام المحكمة laquo;أنا وأصدقائى من أبناء الدكتور مصدق حيث تركنا المال والمنصب جانباًraquo;. والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تشكّل يوم 21 تموز 1981 في طهران، أي في الذكرى السنوية لانتفاضة الشعب الأيراني في 21 تموز عام 1952 ضد الشاه وللدفاع عن مصدق.
لذا فأن المقاومة الإيرانية تعتبر وريث هذا الرجل المقدام التاريخي في دفاعها عن القيم الوطنية الديمقراطية والشعبية، تحيي ذكراها وتبارك تراثها.