من المقرر خلال أقل من شهرين أن يتم انتخاب برلمان عراقي جديد يمضي قدما في ترسيخ التجربة الديمقراطية العراقية.

تأتي هذه الانتخابات في أجواء مشحونة بالكراهية والصراع الطائفي وانعدام الامن وتفشي الفساد والأزمات المتكررة التي تصطنعها السلطة سواء مع الشركاء السياسيين او مع المحافظات وإقليم كوردستان مما يزيد الشكوك الواقعية حول مدى مصداقية ونزاهة هذه الانتخابات وفيما اذا كانت حقا ستتم في الوقت المحدد لها خاصة والوضع السياسي و الامني في العراق يزداد ترديا يوم بعد يوم

ان ما يشغل المواطن العراقي المغلوب على امره رغم الاجواء السياسية الملبدة وأكثر من أي شيء اخر هو مدى إمكانية تغيير الطبقة السياسية الحاكمة الغارقة في رذائل الفساد ونهب ثروات البلاد واستغلال مواقعها بشكل بشع و فيما إذا كان هناك من أمل حقيقي في التغيير السلمي والمضي قدما بالمشروع الديمقراطي خاصة والدلائل تشير الى ان السلطة التي تروج مقولة ( بعد ما ننطيها ) أي لن نتنازل عن السلطة بعد الان ستلجأ الى كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للاحتفاظ بمركزها وما سياسة الغاء الاخر التي تمارس على نطاق واسع والاتهامات بالعمالة والخيانة والإرهاب و.....الخ إلا جزأ من برنامج كسر العظم الذي تمارسه السلطة تجاه الاغلبية الساحقة من القوى السياسية بما فيها حلفاؤها بالأمس القريب الامر الذي يعني حتى في حالة إجراء الانتخابات سيكون هناك تزييفا وتزويرا واسع النطاق لإرادة المواطن العراقي خاصة وتزوير النتائج اصبح جزأ من تقاليد الانتخابات العراقية التي عادة ما توصف بأنها خروقات وتجاوزات في الحدود الطبيعية والمتوقعة!

ما سبق يدعوا الى التمعن في نتائج مثل هكذا انتخابات تجرى في أجواء غير طبيعية تماما تحت سنابك الخيل والعقب الحديدية والصراع الطائفي الخرافي وتموضع الارهاب وتمسكه بالأرض نتيجة فشل السلطة المرير في مواجهته وتجفيف منابعه ويثير اكثر من تساؤل حول إمكانية استمرار المشروع الديمقراطي في العراق لاسيما و بالإضافة لما سبق لم يتم خلال العقد المنصرم والثماني سنوات التي حكمت فيها السلطة الحالية أي تقدم ملحوظ في مجال بناء الاسس الاقتصادية والتربوية والثقافية للمجتمع الديمقراطي ولا حتى في توفير البنى التحتية الضرورية للتقدم والأرقام عن خط الفقر والبطالة وتفشي الامية والجهل في تصاعد مستمر.

ان فشل الانتخابات القادمة أيا كانت الاسباب سينهي ولو الى حين موضوعة المشروع الديمقراطي في العراق وسيفتح الابواب حتما امام عودة البعض الى التمرد والثورة والكفاح المسلح بعد ان فقدوا الامل.

بصناديق الاقتراع والحراك السلمي من اجل التغيير ولن يكون ذلك بعيدا عن تقسيم العراق وتفتيته وتداعيات ذلك على منطقة الشرق الاوسط برمتها.

هل يفكر اللذين يتبنون سياسة ( ما ننطيها ndash; لن نعطيها ) بالنتائج الكارثية لهذه السياسة الاقصائية المتعارضة كليا مع المفاهيم الاساسية للديمقراطية التي تنص على التداول السلمي للسلطة والاحتكام الى صناديق الانتخابات؟

هل من أمل في انتخابات نزيهة وشفافة تعبر حقا عن رأي الشارع العراقي وتوفر مستلزمات التطور اللاحق للمشروع الديمقراطي وتسد الابواب في وجه العنف المنظم القادم ولا شك؟

هل سيبقى العراق؟

هذا ما ستكشفه الايام قريبا جدا.

* [email protected]