لعل أهم ما ميز مؤتمر قمة الكويت العربية هو ذلك التراجع الخطير و الردة غير المعقولة تجاه الثورة السورية وفي زمن و توقيت هو الغاية في السوء، إذ أن النظام السوري يعيش حاليا و بشكل خطير تداعيات السقوط و الإضمحلال و التلاشي بعد هزائمه العسكرية الكبيرة في حلب ودرعا و الساحل الشمالي السوري، بل ن هنالك بوادر حقيقية وميدانية لتدخل حلف الناتو في الصراع و حسمه بعد إسقاط الدفاع الجوي التركي لطائرة مقاتلة سورية و التهديد التركي برد صاعق آخر وهو ما يعني إحتمالات كثيرة دون التقليل من نتائج تسخين جبهة الجولان و طبيعة الرد الإسرائيلي المحتمل و الذي يبقى إحتمال بعيد المنال، ورغم بعض المكاسب التكتيكية لجيش النظام السوري في يبرود وحمص إلا أن ميزان المعارك المتنقلة وطبيعة التكتيك العسكري للثوار يجعل الكفة تميل لصالحهم رغم الإنشقاق الكبير بين صفوفهم بعد توحش عصابة داعش و تسببها بمجازر هائلة بين صفوف الثوار و تحريفها لمسار الثورة الشعبية وكسب مساحات للتعاطف مع نظام القتلة المجرم، لقد حققت المعارضة السورية في جبهة الساحل الشمالي ومنطقة كسب إنتصارات نوعية مهمة بقضاءها على الشبيح هلال الأسد، كما أنزلت بعصابات حزب الله و العصابات العراقية المتحالفة معه خسائر كبيرة و مؤثرة، ومع ذلك فإن قرارات قمة العرب في الكويت تبدو متخلفة تماما عن الوقائع الميدانية!، فالتراجع عن قرارات قمة الدوحة العربية والتي إعتبرت الإئتلاف الوطني السوري الممثل الشرعي و الذي إحتل مقعد سوريا في الجامعة العربية هو بمثابة ردة حقيقية عن قرارات شرعية سبق إتخاذها و إعتمادها وبما يعني إنتصار وجهة نظر بعض العرب من حلفاء النظام الإيراني كحكومة العراق و لبنان و الجزائر، وهي مواقف غير سليمة و تصب في مصلحة نظام مجرم قاتل قطع شأوا وشوطا بعيدا للغاية في الإرهاب لشعبه و قتله بالجملة و تسليط أوغاد الشام و العراق و لبنان عليه!، لا أدري حقيقة كيف يفكر القادة العرب وهم في حالة عجز كامل ليس عن الفعل الصحيح بل حتى عن التفكير و إتخاذ القرار السليم إنهم و يا لبؤسهم يمهدون الطريق لعودة النظام السوري للواجهة رغم هزيمته الميدانية، و لعل تصريح وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد بأن الحل السياسي هو الوحيد للمسألة السورية فيه مغالطات كثيرة أبرزها أن ذلك الحل السياسي قد ذهب مع الريح بعد فشل محادثات جنيف 2 الأخيرة، و إن هذا النظام لايفهم سوى لغة القوة و العنف، ولو كان منطق الحل السياسي هو الأصوب فلماذا لم يتم إعتماد هذا الحل خلال الغزو العراقي للكويت عام 1990؟ ولماذا كانت حرب عاصفة الصحراء و ما تبعها من تطورات؟ وهل يعتقد الوزير الكويتي بأن النظام السوري يمكن أن يقدم أية تنازلات حقيقية بعد أن قتل من شعبه مئات الآلاف و أستعمل إسلحة الدمار الشامل ضد شعبه في غوطتي دمشق؟ و أبدع في قذف براميل الموت القذرة على رؤوس السوريين؟ يبدو أن قمة الكويت قد أبرزت بشكل واضح كل عورات العجز العربي و بينت عدم مصداقية الدبلوماسية العربية وعدم الثقة بأية قرارات تصدر ثم يتم التراجع عنها عيني عينك و بصلافة لاقبلها و لا بعدها، لقد كانت قرارات قمة الدوحة العربية متكاملة ومدروسة ومعبرة عن الوقائع الميدانية السائدة بسحبها الشرعية من نظام القتلة السوري المجرم، أما قمة الكويت فهي قمة العجز و الفشل و التراجع المرير و تمهيد الطريق لبشار المجرم لكي يعوم نظامه و يسوق كيانه و يفلت من جرائمه الكبرى ضد الإنسانية.. قرارات القمة في النهاية لاتساوي قيمة الحبر الذي كتبت به، فالعاجزون لايصنعون التاريخ بل هم عالة عليه، و التراجع بفضائحية عن القرارات الستراتيجية هو عار لا قبله و لا بعده ودليل حقيقي على فوضى فكرية و تردي حقيقي وردة فظيعة عن نصرة المظلوم و أغاثة الملهوف وهي الصفات التي تميز بها عرب الجاهلية و تراجع عنها عرب الرولز رويس!!... فوافضيحتاه على قيادات أمة تفكر من الخلف ولا تقرأ التاريخ وحتى إن قرأته فهي لا تستوعبه,,, وفي النهاية فإن مصير الشعب السوري الحر لن يقرره العاجزون بل المجاهدون الذين وعدهم الله بنصره..