مرت ثلاثة سنوات على ثورة الشعب السوري ضد النظام المجرم القاتل، نظام عائلة الوحش المسيطرة على البلاد والعباد منذ انقلاب الوحش الأب عام 1970 ثم توريثه الحكم لنجله الأوحش المستمر في القتل والتعذيب والبراميل المتفجرة والسلاح الكيماوي منذ عام 2000 وحتى اليوم أي طوال 14 عاما. وكأنّه مجرد خيال وليس واقعا معاشا عندما تؤكد كافة المعلومات قتل هذا النظام الكيماوي لما لا يقل عن مائتي ألف سوري في السنوات الثلاثة الماضية فقط، مع عدم نسيان ألاف مؤلفة قتلهم والده في مذبحة حماة عام 1981 ، وألاف المعتقلين والمفقودين من السوريين واللبنانيين والفلسطينيين تحديدا، وما أصبح مؤكدا حول عدد اللاجئين السوريين الذي زاد عن أربعة ملايين غالبيتهم في الأردن ولبنان، حيث أصبحوا نسبة واضحة من سكان البلدين ، يعيشون حياة لا تليق بالبشر في أتعس الحالات خاصة أنّ الوضع الاقتصادي في الأردن ولبنان مهما بلغ حجم المساعدات الدولية، لا يسمح بإيجاد حياة كريمة لهذه الملايين من اللاجئين السوريين في مجالات التعليم والسكن والصحة والرعاية الاجتماعية وغيرها.

لماذا نلوم الدول الغربية على هذه المأسآة؟
يكثر في الكتابات المؤيدة لثورة الشعب السوري ضد نظام البراميل المتفجرة توجيه اللوم والنقد للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بسبب عدم تدخلها العسكري لإسقاط هذا النظام انقاذا للشعب السوري. فهل هذا اللوم ينسجم مع مفهوم السياسة الذي يقوم دوما على مبدأ المصالح الخاصة بكل دولة وبالتالي مواقفها لا تتطابق إلا مع هذه المصالح؟ نعم كل دولة صغيرة أم عظمى تتصرف بناءا على مصالحها، وإلا لماذا تدخلت هذه الدول التي نلومها الآن سابقا في الكويت لتحريرها من احتلال نظام صدام حسين، ولاحقا في العراق لإسقاط نظام صدام حسين وفي ليبيا لإسقاط نظام القذافي، وقبل ذلك في صربيا لإنقاذ من؟ لإنقاذ المسلمين في البوسنة والهرسك من مذابح الصربيين، وقد تمّ هذا الإنقاذ وإعلان البوسنة جمهورية مستقلة. هل كان ذلك التدخل من أجل شعوب تلك الدول؟ لا..لا..بل من أجل مصالح تلك الدول المتدخلة في الصراع، وبالتالي من وجهة نظرها فإنّ تدخلها في سوريا لا يخدم مصالحها الآن. لماذا؟ لأنّ نظام الوحش هو أفضل ضامن لأمن دولة الاحتلال الإسرائيلي فهو لم يطلق رصاصة ضد الاحتلال منذ عام 1973 ولم يسمح لأية منظمة أو جماعة فلسطينية بإطلاق رصاصة من الحدود السورية، وبقاء هذا النظام ضرورة اسرائيلية أعلنها أكثر من مسؤول إسرائيلي عدة مرات السنوات الثلاثة الأخيرة، كما أنّ استمرار الصراع ضد هذا النظام أصبح ارهاقا واستنزافا لنظام الملالي الإيراني وحزبهم quot;حزب الشيطانquot; اللبناني، هذا الحزب الذي يستمر تورطه ضد الثورة السورية مشيّعا حتى الآن العشرات من قتلاه. وكذلك استمرار هذا الصراع فضح لمواقف قيصر روسيا الجديد quot;بوتينquot; الذي عمليا لا مصالح استراتيجية مهمة له في سوريا، ولكن يستمر في دعم نظام الوحش مجرد مناكفة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، ضاربا عرض الحائط بمصالح الشعب السوري، وهو أساسا لا يراعي ديمقراطية الشعب الروسي بدليل قمعه لمظاهراته بالقوة، وها هو يدّور السلطة بينه وبين شريكه quot;ميدييفquot; منذ عام 1999 ، كما أنّ جرائمه ضد المسلمين منذ عام 1994 في جمهورية الشيشان المحتلة لا تقلّ عن جرائم وحش سوريا، فقد أوقعت مجازر الجيش الروسي حتى الآن ما لا يقلّ عن ربع مليون من مسلمي الشيشان، وأخيرا احتلال هذا النظام القيصري لشبه جزيرة القرم وضمّها لروسيا، وبالتالي فنظام بوتين يقف مع نظام على شاكلته وله نفس ممارساته.

لماذا لا تتدخل بعض الدول العربية بدون غطاء غربي؟
لماذا العرب دوما ملحقون بالدول الغربية و ينسجمون مع مواقفها قبولا أو رفضا؟. تدخلت عدة دول عربية بالرجال والمال والسلاح مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو لتحرير الكويت من احتلال صدام حسين، فقط عندما قرّرت الولايات المتحدة هذا التدخل، وبدون القرار الأمريكي ما كان سيتم اتخاذ أي موقف عربي ميداني مكتفين كالعادة ببيانات الشجب أو التأييد حسب الموقف، ولكان احتلال صدام حسين للكويت مستمرا إلى الآن، وكذلك عند التدخل لإسقاط نظام القذافي شاركت بعض الدول العربية ولو بشكل رمزي.

إذن على من يقع اللوم لترك الشعب السوري وحيدا؟
المنطق والوضع السائد يقول بشكل قطعي إنّ اللوم يقع على الدول والشعوب العربية أولا وأخيرا، لأنّ هذه الحكومات والشعوب منقسمة بين مؤيد لنظام الوحش السوري أو مؤيد لثورة الشعب السوري بالبيانات والخطابات البلاغية فقط. فلماذا لا تقوم الدول العربية التي تقول أنّها في صفّ الثوار السوريين بتزويدهم بالسلاح القادر على مواجهة أسلحة الوحش الفتّاكة؟. ليس مطلوبا من هذه الدول أن ترسل جيوشها فالثورة السورية لا ينقصها الرجال بل الأسلحة والعتاد فقط، هذه الأسلحة التي تشتريها هذه الدول بعشرات المليارات وتصدأ في مخازنها ما عدا استعمالها في بعض هذه الدول ضد شعوبها. لذلك فكافة المعطيات توحي بانّ الصراع مع هذا النظام المتوحش طويلة، خاصة بعد أن نجح في زرع وتوليد تنظيمات إرهابية تتخذ أسماءا اسلامية مثل quot;داعش وأخواتهاquot; لتفتعل معارك دائمة مع الثوار السوريين دون أن تطلق رصاصة واحدة ضد نظام الوحش، وفي نفس الوقت اخافة العالم الأمريكي والأوربي من هذه التنظيمات الإرهابية حيث يكرّر النظام أنّ سقوطه يعني إمساك هذه التنظيمات بالحكم ثم تمدد إرهابها خارج سوريا إلى امريكا والغرب..لذلك لا أمل للثورة السورية سوى الاعتماد على الذات رغم شحة العتاد والموارد، مما يعني اطالة عمر الصراع وبالتالي المزيد من القتلى واللاجئين.
www.drabumatar.com