احتفل محرك البحث الأشهر quot; جوجل quot; ndash; Google بالذكري 888 لميلاد الفيلسوف أبو الوليد محمد أبو أحمد بن محمد بن رشد. ولد في قرطبة عام 1126 وتوفي في مراكش عام 1198. عرف في الغرب باللقب اللاتيني quot; أفيروس quot; وله مدرسة فلسفية وعلمية شهيرة منذ القرن الثالث عشر في باريس ثم في جامعة quot; بادوا quot; بإيطاليا القرن الخامس عشر، عرفت بإسم : quot; الرشدية اللاتينية quot; من أشهر أعلامها quot; جاليليو quot; وquot; بومبوناتزي quot; وquot; كونتاريني quot;، الذي كتب : quot; عندما كنت في بادوا، هذه الجامعة ذائعة الصيت في كل إيطاليا، فإن اسم وسلطان rdquo; ابن رشد rdquo; كانا الأكثر تقديرا، فالكل كان موافقا هذا المبدع العربي، واعتبروا آرائه نوعا من الوحي الإلهي، وكان الأكثر شهرة من الجميع بسبب موقفه من rdquo; وحدة العقول rdquo;، بحيث أن من كان يفكر على العكس من ذلك، لم يكن جديرا باسم المشائي أو الفيلسوف quot;.
ورغم أن quot;جوجلquot; اعتاد الاحتفال بالمناسبات الثقافية والاحتفاء بمشاهير الحضارة الإنسانية، ومنهم quot; إبن رشد quot; طبعا، فإن الحاجة لإحياء فلسفته اليوم ليست مجرد استجابة لحدث، أو أحداث، طارئة، وإنما هي استجابة لquot; هم quot; مزمن، يتعلق بعلاقتنا بrdquo; الآخرrdquo; الذي يقطننا، إذ لا توجد rdquo; هوية rdquo; عمياء تقوم في غياب الآخر.
وهي محاولة للبحث عن بعض الاسئلة التي أسقطت عمدا، ربما بفعل فاعل، من جدلية العلاقة التاريخية بالآخر سواء كان جنسا أو دينا أو هوية مغايرة، وعلي سبيل المثال : كيف استطاع الخطاب الفلسفي الرشدي، بمضامينه الإنسانية والعالمية، التسرب والتغلغل في التحصينات الأوروبية للقرون الوسطي المسيحية، التي سممتها أجواء الحروب الصليبية، والعداء الشديد لكل ماهو عربي وإسلامي؟ hellip;
كيف نجح الفيلسوف العربي أن ينال احترام العقول ndash; سواء كانت تنتمي لدين معين أو لا دين لها - في أوروبا من خلال rdquo; الرشدية اللاتينية rdquo;، كيف استطاعت فلسفته أن تقلب موازين القوي الفكرية في العالم، وأن تصبح نقطة التحول الفاصلة في الفكر الحديث وميلاد النهضة والحداثة والتنوير (تباعا) ؟
ان عالم العربي والإسلامي يتناقض وروح ابن رشد، إن لمحياه اليوم مظهرا أشد عصرية مما كان له منذ888 سنة، وكأنما لديه شئ آخر يريد قوله hellip; فهل لايزال لديه حقا أشياء جديدة يريد الإدلاء بها في مطلع الألفية الثالثة ؟ hellip; أشياء لم نفهما من قبل!
إن كلماته بالتأكيد هي نفس الكلمات القديمة، ولكنها أكتسبت صوتا جديدا وتأويلا حديثاhellip;. rdquo; الحق لايضاد الحق، بل يوافقه ويشهد له rdquo; هكذا قال أبو الوليد في (فصل المقال) hellip; فالحقيقة واحدة وإن اختلفت دروبها والطرق التي تفضي إليها، وهذا التعدد هو أساس حرية الفكر عنده. فالأديان والفلسفات والعلوم دروب مختلفة إلي الحقيقة الواحدة، وهي من أروع الأفكار علي مر العصور التي تحترم الآخر وتقبله كما هو دون تحفظ.
وانطلاقا من وحدة الحقيقة طالب ابن رشد بالاستفادة من انجازات الفكر، بصرف النظر عن كون المفكر وثنيا، أو تابعا لدين آخر.
وهذه الفكرة تتكامل وتتداخل مع فكرتين أساسيتين عنده، تجيبان اليوم عن مسائل شائكة ومشكلات حقيقية، أولاهما هي rdquo; وحدة العقل أو العقول rdquo; ومؤداها أن المعرفة تعني المشاركة في المعرفة العالمية، وحسب rdquo; آرنست رينان rdquo; في كتابه (إبن رشد والرشدية) فهي تعني : الفكر البشري ككل بوصفه ناتجا عن قوي عليا، وكظاهرة عامة من ظواهر الكون. فالإنسانية واحدة، حية دائما، ضرورية لذاتها.
rdquo; وأنت يا من توجد وتعرف لست، من حيث أنت ذاتك،إلا صورة رائعة مما هو كوني rdquo;.
أما الفكرة الثانية فهي تبلور جوهر فلسفة ابن رشد وهي ان العقل لايمكن ان يقوض الايمان، فكلاهما يعبران عن حقيقة واحدة، مما يؤكد أنه لايمكن لأي عبارة أن تستوعب الحقيقة أوتمتلكها، بل ان الحقيقة هي التي تملكنا جميعا. فقد كان ابن رشد يؤمن بالتعدد والتنوع، وفي الوقت نفسه يدرك أن وراء كل حقيقتين متعارضتين في الظاهر، تكمن rdquo; وحدة rdquo; بين طرفيها (جهل متبادل)، وحدة في انتظار من يكتشفها، ثمة إذن دعوة إلي البحث وإلي التأمل وإلي صياغة الوحدة التي تتجاوز تنوع طرق التعبير دون أن تلغيها hellip;.

[email protected]